حمزة الوهابي- مدير نشر جريدة شمالي
لم يعد ملعب طنجة الكبير مجرد منشأة رياضية عابرة، بل أصبح عنوانًا لمرحلة جديدة تعيشها المدينة. فبعد عمليات التهيئة والتحديث الكبرى التي خضع لها، عاد هذا الصرح ليحتل مكانة بارزة ضمن أفضل الملاعب الحديثة في إفريقيا، ويمنح طنجة حضورًا رياضيًا قوياً ينسجم مع طموحها كعاصمة كروية لشمال المغرب.
ومع كل هذا الزخم، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح طنجة في تحويل هذا المكسب الاحترافي إلى قيمة تنموية مستدامة تتجاوز حدود كرة القدم؟
محرك اقتصادي بوجه رياضي
أثبتت التجربة أن كل حدث كبير يُنظم في ملعب طنجة الكبير ينعكس مباشرة على اقتصاد المدينة. الفنادق، المطاعم، النقل، المحلات التجارية… كلها تعيش دينامية لافتة في كل مرة تستضيف فيها طنجة مباراة دولية أو حدثًا رياضيًا كبيرًا.
ومع استعداد المغرب لاحتضان كأس أمم إفريقيا 2025، تحضر طنجة كأحد المحاور الأساسية لهذا الحدث، مما يعزز مكانتها الاستراتيجية ويجعل الملعب عنصرًا مهمًا في المنظومة الوطنية لإنجاح البطولة.
أثر اجتماعي وثقافي يصنع الانتماء
تجاوز تأثير ملعب طنجة الكبير حدود الرياضة ليصل إلى إحساس جماعي بالفخر لدى سكان المدينة. فالشباب يرون فيه رمزًا لهوية طنجة الجديدة، والساكنة تعتبره واجهة راقية تُظهر المدينة للعالم في كل مناسبة.
كما أن تحسين محيطه والبنيات الطرقية المؤدية إليه رفع بشكل ملحوظ من جودة التنقل والحركة داخل المدينة.
تحديات تحتاج إدارة أكثر جرأة
ورغم كل النجاحات، يظل أمام طنجة مجموعة من التحديات:
التنظيم والنقل: المدينة شهدت في مناسبات سابقة ازدحامات كبيرة تحتاج إلى حلول مستدامة ومدروسة، خصوصًا على مستوى النقل العمومي والولوج إلى الملعب ومواقف السيارات.
الصيانة والتدبير: الحفاظ على الملعب بمواصفات عالمية يتطلب إدارة احترافية وبرامج صيانة مستمرة حتى لا يتحول إلى عبء مالي بعد سنوات من الاستعمال المكثف.
اندماج الساكنة: من المهم أن يشعر المواطنون بأن الملعب ملك لهم—وليس فقط للمباريات الكبرى—من خلال فتحه للأنشطة المحلية ودعم الرياضة القاعدية والمبادرات الشبابية.
بين الحاضر الواعد والمستقبل الممكن
ملعب طنجة الكبير اليوم مشروع استراتيجي أكثر منه منشأة رياضية. فهو مكسب وطني، وورقة قوة جهوية، وفرصة حقيقية للمدينة لتكريس مكانتها كعاصمة رياضية للشمال.
لكن نجاح هذا المشروع لن يقاس فقط بالمظهر الحديث أو المباريات الدولية، بل بقدرة طنجة على تحويله إلى رافعة اقتصادية واجتماعية دائمة، تخلق فرصًا جديدة وتمنح المدينة مستقبلًا يليق بطموحاتها.
.











