محمد خيي – برلماني سابق
مشكلتنا مع حكومة النهب والافتراس، ومن خلفها كفاءات الثامن من شتنبر المجيدة، ليس بسبب وجود انحرافات من قبل أشخاص هنا وهناك، وليس حتى بسبب أخطاء في التدبير يمكن استدراكها بعد ان ينكشف أمرها، ولا بسبب “تشريع على المقاس” يمكن سحبه في البرلمان عندما يتبين ذلك للوزير فوزي لقجع.
مشكلتنا الحقيقية مع هذه التركيبة أو الوصفة السياسية “الفاجعة”، أنها لم تأتي أصلا لتدبير الشأن العام الوطني بمنطق سياسي قد يكون جديدا ومختلفا عن سابقه، وانما جاءت، أو جيئ بها، إلى دوائر السلطة بغرض واحد هو تسييد قيم السوق في السياسة والإعلاء من شأن “النموذج الترامبي” الناجح، والقادر على المرور بسهولة، وبدون مقدمات، من تدبير شركة عقارية تجري وراء تعظيم الارباح إلى ردهات السياسة والمجال العام وإخضاعه لنفس المفاهيم والتصورات والآليات، حيث السعي إلى تعظيم الأرباح والتعامل مع المواطن على أنه زبون ومستهلك، وحيث لا فرق بين الحزب والشركة، ولا تمييز بين المصالح الخاصة وتدبير المجال العام.
ويقتضي هذا النموذج أن يصير المكتب السياسي للحزب مجلسا لادارة الشركة يضم المساهمين الكبار، ويصبح تدبير احتياجات المواطنين سوقا يتم التعامل معه من خلال استباحة ميزانيات التسيير و الاستثمار وتطويع “الصفقات العمومية” للاستراتيجية التجارية لرئيس مجلس ادارة الهولدينغ او الشركة القابضة.
هذه المصيبة التي ابتلي بها المغرب، وتم القبول بها ثمنا لتنحية حزب وطني من صدارة المشهد السياسي، تكلفنا أثمانا باهظة، وتسرق من أعمارنا وعمر التنمية الحقيقية.
فلسنا أمام فساد تقليدي ! ومسؤولين مرتشين وسياسيين انتهازيين و50 مليار درهم كلفة هذا الفساد سنويا… الأمر أخطر من ذلك بكثير، إننا أمام أجرأ محاولة في التاريخ السياسي المعاصر للمغرب للتطبيع مع النهب والافتراس ومأسسته واعتماد تضارب المصالح والقبول به أمرا واقعا باعتباره أسلوبا ناجعا في التدبير وسياسة أمور الشعب.
لا شك أن مواجهة هذا المنكر هو واجب الوقت.








