في قراءة قانونية وسياسية جديدة لمقتضيات مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، دعا الوزير السابق المصطفى الرميد إلى ضرورة إعادة النظر في عدد مكاتب التصويت المعتمدة خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، من خلال تقليصها إلى الحد الأدنى الممكن، بما يسمح للأحزاب السياسية بـتغطية أكبر عدد من المكاتب بممثليها ومراقبيها، لضمان تتبع دقيق لسير العملية الانتخابية وتعزيز الشفافية والثقة في النتائج النهائية.
وقال الرميد، في تدوينة على صفحته الرسمية حول المستجدات التشريعية المقترحة، إن تجريم نشر الأخبار الزائفة أو التشكيك في نزاهة الانتخابات، كما ورد في المادة 51 المكررة من المشروع، يجب أن يُقرأ في سياق أوسع يهدف إلى تحصين العملية الانتخابية من الإشاعات والتأثيرات السلبية، شريطة أن ترافقه ضمانات قانونية وعملية حقيقية للنزاهة.
وأضاف أن بعض المنتقدين اعتبروا الفقرة الثانية من المادة المذكورة تضييقًا على حرية التعبير ومصادرةً للرأي، غير أن هذا الطرح – في نظره – غير دقيق، لأن النص لا يُجرّم التعبير عن الموقف أو النقد السياسي، بل يطال فقط من ينشر أو يوزع أخبارًا زائفة أو إشاعات كاذبة بهدف التشكيك في العملية الانتخابية أو المساس بالحياة الشخصية للمرشحين والناخبين.
وأشار الوزير السابق إلى أن الديمقراطية الانتخابية ليست مجرد اقتراع حرّ، بل منظومة متكاملة من الضمانات والمؤسسات والإجراءات، تبدأ من حياد الإدارة مرورًا بـتكافؤ الفرص بين المترشحين، وصولًا إلى ضمان رقابة حزبية فعالة داخل مكاتب التصويت.
واعتبر أن تقليص عدد المكاتب سيساعد الأحزاب على تأمين حضور فعلي لممثليها داخل أغلب المكاتب، وبالتالي ضمان تتبع سير العملية والاطلاع المباشر على المحاضر الموقعة، مما يرفع منسوب الثقة في النتائج النهائية ويحدّ من الجدل والتشكيك بعد الإعلان عنها.
وأكد الرميد أن هذا التوجه معمول به في الديمقراطيات العريقة، حيث يؤدي توفر الضمانات القانونية والعملية إلى الاعتراف التلقائي بنتائج الانتخابات، مستثنيًا حالات نادرة مثل ما جرى في الولايات المتحدة مع دونالد ترامب أو في البرازيل مع بولسونارو، باعتبارها لا تمثل القاعدة العامة.
وفي ختام تحليله، شدّد الرميد على أن السبيل الأمثل لقبول المقتضيات الزجرية الجديدة هو أن تبادر الجهات المعنية، وفي مقدمتها الأحزاب السياسية والسلطات المشرفة على الانتخابات، إلى الإعلان عن حزمة من الإجراءات العملية التي تضمن نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها، حتى يصبح تجريم الأخبار الزائفة والإشاعات المغرضة خطوة منطقية في منظومة ديمقراطية متكاملة، هدفها حماية الثقة العامة وصون الإرادة الشعبية.







