التحق الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي صباح اليوم الثلاثاء بزنزانته في سجن “لا سانتيه” (La Santé) بالعاصمة الفرنسية باريس، في إطار تنفيذ الحكم الصادر بحبسه تحفظيًا، إلى حين صدور قرار محكمة الاستئناف بشأن طلب محاميه الإفراج عنه مؤقتًا.
وغادر ساركوزي، البالغ من العمر 70 عامًا، منزله الكائن في الحي السادس عشر من باريس حوالي الساعة التاسعة والنصف صباحًا، وسط حضور عشرات من أنصاره الذين تجمعوا أمام المنزل للتعبير عن تضامنهم معه. ورافقه في مغادرته زوجته كارلا بروني وأبناؤه، لكنه استقل السيارة متجهًا نحو السجن برفقة محاميه فقط، في موكب أمني ضم سيارات شرطة ودراجات نارية.
وأثار المشهد ردود فعل متباينة في الأوساط الفرنسية، إذ اعتبره بعض معارضيه “استعراضًا مبالغًا فيه” و”تكريمًا غير مبرر”، بينما أكد مؤيدوه أن ما جرى “إجراء أمني طبيعي لضمان سلامة رئيس سابق للجمهورية”.
وبحسب تحقيق لموقع ميديا بارت (Mediapart) الفرنسي، من المنتظر أن يقيم ساركوزي في زنزانة تبلغ مساحتها تسعة أمتار مربعة داخل سجن “لا سانتيه”، الذي يوصف بأنه من أكثر السجون صرامة في فرنسا، حيث من المقرر أن يقضي فيها عقوبة سجنية مدتها خمس سنوات، ما لم يشمله عفو رئاسي.
وأشار الصحفي ميشال ديليان في تقريره إلى أن “العيش في هذه الزنزانة لن يكون سهلاً بالنسبة لرجل اعتاد حياة القصور الرئاسية”، في إشارة إلى الفارق الكبير بين حياة الرفاه التي عاشها ساركوزي خلال رئاسته للجمهورية (2007 – 2012) وظروفه الحالية داخل السجن.
يُذكر أن سجن “لا سانتيه”، الذي افتتح سنة 1867، يقع في الحي الرابع عشر من باريس، قرب منطقة مونبارناس، ويُعد من أقدم المؤسسات العقابية في فرنسا، واشتهر باحتضانه عددًا من الشخصيات المعروفة من سياسيين ورجال أعمال وفنانين.
يواجه الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي واحدة من أكثر القضايا إثارة في تاريخ السياسة الفرنسية، بعد إدانته بتهم الفساد واستغلال النفوذ في ما يعرف بـ“قضية التنصت”. فقد كشفت التحقيقات أنه حاول الحصول على معلومات سرية من قاضٍ مقابل وعدٍ بمنصب رفيع، مستخدمًا خطوطًا هاتفية سرية تحت اسم مستعار، في إطار قضايا تمس تمويل حملاته الانتخابية.
وفي عام 2021، قضت محكمة باريس بسجنه ثلاث سنوات منها سنة نافذة، قبل أن تؤكد محكمة الاستئناف الحكم وتوسعه إلى خمس سنوات بعد ضم قضايا أخرى أبرزها تمويل غير قانوني لحملته الانتخابية لعام 2012 والاشتباه في تلقي أموال من نظام القذافي عام 2007. هذه الأحكام جعلت ساركوزي أول رئيس في تاريخ الجمهورية الخامسة يُدان بعقوبة سجن فعلية.