الدكتور عزيز سدراوي
يرى كثيرون أن المغرب صنع المفاجأة ليلة الأحد وصباح الاثنين، بعد فوزه الكبير على الأرجنتين بهدفين دون مقابل.
لكننا هنا لا نتحدث عن تتويج جهوي أو قاري، بل عن كأس العالم يا سادة… نحن أبطال العالم، إنه إنجاز تاريخي بكل المقاييس.
ومع ذلك، نجد دائمًا في محيطنا شخصًا لا يفقه شيئًا في كرة القدم، ورغم ذلك، ما إن يفوز المنتخب الوطني حتى يرتدي القميص الأحمر والأخضر، ويرفع العلم المغربي، ويصرخ من أعماقه: ديما مغريب، وكأنه هو من لعب المباراة وسجل الأهداف.
حتى أولئك الذين لا يحبون الرياضة أصلًا يتحولون فجأة إلى مشجعين متحمسين ومتعصبين إلى أقصى درجة.
فلماذا نصبح فخورين إلى هذا الحد عندما يفوز منتخبنا الوطني؟ ولماذا يتحول الجميع إلى مشجعين رغم أن بعضهم لا يهتم بالرياضة؟
الجواب بسيط:
عندما يلعب المنتخب الوطني، تختفي كلمة “رياضة” لتحلّ محلها كلمة الهوية الوطنية.
لم تعد قوانين اللعبة مهمة، ولا يهم إن كانت ضربة زاوية أم ركلة تماس، مباشرة أم غير مباشرة، أو إن كان اللاعب متسللًا أم لا.
يكفي أن يظهر العلم الوطني حتى يُفعّل في أدمغتنا نظامًا فطريًا يسميه علماء الأعصاب: الإحساس بالانتماء.
فالإنسان بطبعه يميل إلى الانتماء — إلى جماعة، أو عِرق، أو دين، أو وطن.
وعندما تكون هذه الجماعة هي بلدي، شعبي، ووطني، يصبح الأمر جنونًا جميلًا، ويتحوّل اللقاء الرياضي إلى ذريعة تجمعنا، وإلى محركٍ يوقظ فينا شعور الفخر والهوية.
حتى من يكرهون كرة القدم تجدهم يصرخون: “كوووول!” دون أن يعرفوا من سجل الهدف، لأنهم في تلك اللحظة يدافعون عن انتمائهم، عن رموزهم، عن تاريخهم.
إنها ببساطة الوطنية الصافية.
كرة القدم في المغرب هي الشيء الوحيد الذي يجمعنا جميعًا — الكل يصطف في الصف نفسه، يهتف بصوت واحد: ديما مغريب.
وخلال تسعين دقيقة، ننسى كل شيء: همومنا، فواتيرنا، اختلافاتنا، ومطالبنا… ونصبح فقط جنودًا في معركة رمزية اسمها المغرب.
إنه يا سادة الانتماء،
وهي يا سادة الوطنية.
هنيئًا لنا بأسود المستقبل… وديما مغريب 🇲🇦.