✍️ بقلم: عبد الحميد أجال
في الولايات المتحدة، أثارت حادثة مروعة الرأي العام بعدما أقدم رجل يعاني من الإنفصام وذو سجل إجرامي طويل على قتل لاجئة أوكرانية شابة داخل قطار بمدينة شارلوت بولاية نورث كارولاينا، بعدما أفرجت عنه المحكمة رغم خطورته الواضحة.
القاتل كان معروفا لدى السلطات، لكن النظام القضائي هناك باسم الحقوق الفردية، والحرية، تركه طليقا، ليحول رحلة فتاة بريئة إلى مأساة إنسانية مدوية.
ولأن العالم اليوم قرية صغيرة، لم تمر الحادثة دون أن تذكرنا نحن المغاربة وفي مدينة الحسيمة الصغيرة بالخصوص بمأساة الفنان الراحل سوليت، الذي فقد حياته على يد شخص يقال إنه مختل عقليا، في مشهد مؤلم يعكس فشلًا آخر في التعامل مع المرضى النفسيين الخطرين وتركهم دون متابعة أو رقابة.
المقارنة بين شارلوت والحسيمة ليست في التفاصيل، بل في الجوهر فنحن بنظام صحي عاجز، وواقع قانوني متراخ، وشارع بات يعيش الخوف من المختل الذي لا يُسأل عما يفعل، حتى صار الناس في الشارع يرددون بحسرة: ” إلى ضربك شي واحد حمق، ما عندك ما تصور منو “.
لكن هل يُعقل أن نترك سلامة المواطنين رهينة لهذه المقولة الشعبية؟ أليس من واجب الدولة أن تضع حدا لهذا الفراغ القانوني، وأن تسن تشريعات تمكن من الاحتفاظ القسري المؤقت بالحالات الخطيرة في المستشفيات النفسية إلى حين استقرارها الكامل؟، نحن لا نتحدث عن تقييد الحريات، بل عن حماية الحق في الحياة،
لقد آن الأوان لإعادة النظر في السياسة الصحية والنفسية، فالدولة التي تترك الخطر يتجول في الشوارع باسم ” الحرية ” تخاطر بأن تجعل كل مواطن ضحية محتملة.
إن مأساة سوليت، مثل مأساة إيرينا في أمريكا، رسالة دامية تقول لنا جميعا: “الوقاية ليست رفاهية، بل ضرورة وطنية.”