قبل أسابيع من انطلاق موسم التصدير الفلاحي، يشهد ميناء طنجة المتوسط حالة ارتباك لوجستي حاد، ألقت بظلالها على قطاع الجمارك بالميناء، الذي بات في صلب الانتقادات بسبب ما وُصف بـ“سوء التدبير” و“ضعف التنسيق” بين مصالحه الداخلية والمتعاملين الاقتصاديين.
ورغم المكانة المحورية التي يحتلها الميناء كواجهة رئيسية للصادرات المغربية نحو أوروبا والعالم، فإن اختلالات التسيير داخل المصلحة الجمركية، خصوصًا على مستوى تشغيل جهاز الفحص بالأشعة (السكانير)، تسببت في تكدس عشرات الشاحنات وتأخر عمليات العبور، وسط مخاوف من انعكاس الأزمة على انطلاقة موسم التصدير المقبل.
وحسب مصادر مهنية، فإن غياب التنسيق بين أعوان الجمارك وممثلي شركات النقل، وغياب رؤية تدبيرية واضحة، فاقما حالة الازدحام داخل الميناء، رغم توفر المعدات التقنية والموارد البشرية الكافية لتفادي مثل هذه الأوضاع.
الوضع الحالي، وفق مهنيين، يُنذر بإضعاف ثقة الفاعلين الاقتصاديين في المنظومة الجمركية، ويهدد صورة ميناء طنجة المتوسط كمركز لوجستي متطور وفعال.
ويخشى مصدرون أن يؤدي استمرار الارتباك إلى خسائر مالية وتأخير في تسليم الطلبيات الفلاحية، وهو ما قد ينعكس سلبًا على سمعة المغرب كمصدر موثوق للمنتجات الفلاحية، خاصة في الأسواق الأوروبية والخليجية.
دعوات لتدخل عاجل وإصلاح إداري شامل
في مواجهة هذا الوضع، دعت جمعيات مهنية تمثل قطاع التصدير الحكومة إلى فتح تحقيق عاجل حول أداء المصلحة الجمركية بالميناء، وتحديد المسؤوليات في ما وصفوه بـ“الاختناق المتكرر”.
وطالبوا بإعادة هيكلة نظام العمل داخل الجمارك، وتعيين أطر مؤهلة قادرة على ضمان الانسجام بين مختلف المتدخلين، بما يعيد الانسيابية والنجاعة إلى الميناء.
شكايات من مهنيي النقل الدولي
وفي سياق متصل، سبق أن وجهت الجمعية الوطنية لمهنيي النقل الدولي رسالة إلى المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني والمدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، أعربت فيها عن احتجاجها على ما وصفته بممارسات غير مبررة صادرة عن بعض عناصر الأمن الوطني بميناء طنجة المتوسط، والتي قالت إنها تتسبب في أضرار جسيمة لشركات النقل الدولي.
وأوضحت الجمعية أن أحد أعضائها تعرض لتوقيف شاحنته لمدة ثمانٍ وأربعين ساعة بالميناء، بعد سلسلة من الإجراءات المعقدة والمكررة، حيث تم إخضاع الشاحنة لفحص عبر جهاز السكانر دون تسجيل أي ملاحظات، ورغم ذلك طُلب من السائق القيام بعملية إفراغ الحمولة بالكامل. وبعد الانتهاء من عملية التفريغ وإعادة الفحص، لم يتم تسجيل أي مؤشرات غير عادية، إلا أن السلطات المعنية طلبت إعادة تمرير المقطورة فارغة عبر السكانر للمرة الثانية دون جدوى.
كما تفاجأ السائق، تضيف الجمعية، بمطالبة المصالح المختصة له بالتوقيع على ترخيص كتابي يسمح بثقب أرضية المقطورة، وهو إجراء اعتبرته الجمعية غير منصوص عليه في مدونة الجمارك، قبل أن يتم تنفيذه فعليًا دون اكتشاف أي مخالفات.
وأكدت الجمعية أن هذه الحالة ليست معزولة، مشيرة إلى توصلها بشكايات متكررة من مهنيين يعانون من الإشكالات ذاتها، ما يتسبب في خسائر كبيرة لشركات النقل الدولي، أبرزها غرامات التأخير، وتلف السلع نتيجة التفريغ وإعادة الشحن، فضلًا عن المساس بصورة الشركات بعد تداول صور عمليات الثقب على شبكات التواصل الاجتماعي.
واختتمت الجمعية بلاغها بمطالبة المدير العام للأمن الوطني بالتدخل العاجل لوقف هذه الممارسات التي قالت إنها “تُسيء إلى مناخ الأعمال وتعرقل تطوير قطاع اللوجستيك بالمغرب”.