أثارت مصادقة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، خلال دورته الأخيرة، على حزمة من المشاريع الثقافية والفنية جدلاً واسعاً، خاصة في ظل الظرفية الاجتماعية الحساسة التي تمرّ منها البلاد، على خلفية احتجاجات شباب “جيل زد” المطالِبة بإصلاحات في مجالات التعليم والصحة ومحاربة الفساد.
فقد صادق المجلس، بحسب الوثائق الرسمية، على عشرات النقط المتعلقة بدعم مهرجانات وملتقيات ثقافية وفنية في مختلف أقاليم الجهة، من بينها مهرجانات موسيقية ومسرحية، ولقاءات لتكريم شخصيات، وملتقيات فنية محلية ودولية.
ويرى متتبعون أن طبيعة هذه المشاريع، في هذا التوقيت بالذات، تعكس انشغالاً غير متناسب مع أولويات المواطنين، خاصة في ظل المطالب الاجتماعية المتزايدة بتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وتوجيه الموارد نحو القطاعات الأساسية.
وذهب عدد من المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى اعتبار هذه المصادقات “ذات طابع انتخابوي”، تصبّ في مصلحة الأحزاب المشكلة للأغلبية داخل المجلس، أكثر مما تعبّر عن استجابة حقيقية للأوضاع الراهنة.
واقترح آخرون أن يتم، على الأقل، تأجيل النظر في هذه المشاريع إلى حين انعقاد دورة لاحقة، أو تخصيص ميزانياتها مؤقتاً لدعم الصحة والتعليم، كما تم خلال فترة جائحة كورونا، بما يوجّه رسالة إيجابية إلى الشباب المحتج ويعزز الثقة في المؤسسات المنتخبة.
وفي تصريح له، أوضح رئيس مجلس الجهة عمر مورو أن هذه الاتفاقيات “تم توقيعها قبل سنة، وأن وزارة الداخلية راسلت المجلس من أجل ملاءمتها مع الإجراءات القانونية، وبالتالي كان لزاماً المصادقة عليها”، مضيفاً أن المجلس “يدعم مهرجانات متنوعة تغطي أقاليم الجهة الثمانية، في إطار رؤية شمولية لدعم الثقافة والتنمية المحلية”.
وأكد مورو في ختام تصريحه أنه “مستعد للجلوس مع شباب جيل زد للاستماع إلى آرائهم ومطالبهم”، معتبراً أن الحوار هو السبيل الأمثل لتجاوز أي سوء فهم بشأن أولويات العمل الجهوي.
ورغم هذا التوضيح، دعا عدد من المتتبعين وزارة الداخلية إلى رفض التأشيرة على هذه النقاط، أو على الأقل التوصية بتحويلها مؤقتاً نحو مشاريع ذات أولوية كالصحة والتعليم، في رسالة رمزية تستجيب لمطالب الشباب وتعكس حس المسؤولية في إدارة المال العام خلال هذه المرحلة الدقيقة.