الدكتور عزيز سدراوي
ليس هناك عاقل، ولا حتى “غير عاقل”، يمكنه أن ينكر أنّ المطالب التي رفعها من خرجوا إلى الشارع هي مطالب شرعية وواقعية، تنبع من معيش يومي صعب لا يختلف حوله اثنان.
ولو تذكرنا فقط تقارير وخطابات والي بنك المغرب، السيد عبد اللطيف الجواهري، وتحذيراته المتكررة بشأن الوضع الاقتصادي، لعرفنا أنّ حالة الغليان كانت حتمية، وأنها في يوم ما ستؤدي إلى الانفجار. يكفي أن نستحضر مثاله الشهير عندما سألته زوجته عن سبب غلاء “الطماطم”، فأجابها بمؤشرات ومعطيات اقتصادية، فقاطعته قائلة: “هذا الكلام لا يمكّنني من ملء سلتي بنفس المبلغ المعتاد”.
وقبل أيام قليلة، خرج بوبكر الجامعي بحوار بدا وكأنه كان يستشرف ما سيحدث، حين قال إن زمن الأحزاب التي كانت تلعب دور “نظام التخزين المؤقت” (système tampon) قد ولى، بعد أن لعب هذا الدور الاتحاد الاشتراكي، ثم العدالة والتنمية، وأخيرًا حزب أخنوش (لا نقصد هنا التجمع الوطني للأحرار بقدر ما نقصد شخصه السياسي).
لكن، ثم لكن…
الخطر الأكبر اليوم هو في الوهم الكبير المسمى “جيل Z”. يتم الترويج له وكأنه يقود ثورة جديدة، بينما الحقيقة أنه مجرد إعادة تدوير لأسلوب قديم: استخدام الشباب كواجهة، فيما العقول المدبرة تتحرك من خلف الستار.
وهنا يطرح السؤال: من هي هذه العقول؟
هل هي من الداخل أم من الخارج؟
حين نرى أسماء مثل عمر الراضي، أودنيا الفلالي، أو بعض انفصاليي الريف… وحين نرى أصابع المخابرات الجزائرية ومرتزقة البوليساريو في المشهد، ندرك أن الأمر أكبر من مجرد “حركة شباب”، بل مشروع محكم يراد منه ضرب الاستقرار وإرباك الوطن لصالح خصوم يتربصون بنا.
الأخطر من ذلك أن أغلب من يتصدرون واجهة هذا الحراك لهم ارتباط مباشر أو غير مباشر بفرنسا أو أمريكا. فهل نحن أمام اختراق خارجي؟ هل هي المخابرات الأمريكية؟ الفرنسية؟ خصوصًا في ظل تقارب المغرب مع الصين وحياده تجاه روسيا، ما قد يجعل ما يجري ابتزازًا أو ورقة مساومة سياسية.
الخلاصة: المستهدف اليوم ليس “جيلًا” بعينه، بل وحدة الوطن كلها.
إنهم يستغلون براءة شبابنا وحماستهم وقودًا لمخططات الفوضى.
لكننا، كآباء وأمهات، نؤكد أن المطالب مشروعة، لأنها مطالبنا نحن أيضًا من أجل عيش كريم لأبنائنا. مستقبلنا نحن وضعناه وراءنا، وما نبحث عنه اليوم هو مستقبل الأبناء والأحفاد: عيش كريم، وأمن، وأمان.
ومن هنا، نقترح أن نتخلى عن هذا الاصطلاح “جيل Z” المضلِّل، وأن نطلق على شبابنا اسمًا أوسع أفقًا وأجمل دلالة: جيل الأفق – GeneH (Horizon).