قال الأستاذ الجامعي حميد النهري إن الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها عدة مدن مغربية مع بداية الدخول الاجتماعي والسياسي لشهر شتنبر، تعتبر “إشارة قوية وناقوس خطر” يفرض على الفاعلين السياسيين التعامل معها بجدية ومسؤولية.
وأوضح النهري، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية، أن هذه الاحتجاجات لم تأت من فراغ، بل جاءت نتيجة تراكمات تتعلق بضعف الخدمات الاجتماعية الأساسية، وخاصة في مجالات التعليم والصحة والشغل. وأضاف أن “نزول الشباب إلى الشارع للمطالبة بالحد الأدنى من الحقوق يعكس واقعا مريرا”، مذكرا بأمثلة عديدة مثل عدم تمكن الطلبة من ولوج الجامعات والأحياء الجامعية، ومعاناة التلاميذ من نقص التجهيزات في المدارس، فضلا عن الصعوبات الكبيرة في ولوج العلاج داخل المستشفيات العمومية.
وانتقد النهري بشدة ما وصفه بـ”الاكتفاء ببناء ملاعب كبرى وتشييد البنيات المرتبطة بتنظيم التظاهرات الرياضية”، مقابل إهمال السياسات العمومية التي تلامس جوهر حياة المواطنين. واعتبر أن “الحلول الأمنية أو محاولة استغلال انتصارات كرة القدم لإخماد أصوات المحتجين، ليست سوى استغباء للشعب”.
كما ذكّر النهري بأن هذه المطالب سبق أن أكد عليها الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش 2025، خاصة ما يتعلق بالعدالة المجالية وتعزيز التنمية الاجتماعية والقضاء على الفقر والهشاشة. لكنه أشار إلى أن الفاعلين السياسيين ركزوا على الشق المتعلق بالانتخابات والمشاورات السياسية، وأغفلوا ما اعتبره “الجزء الجوهري من الخطاب”، المرتبط بالاستجابة للحاجيات الأساسية للمواطنين.
وانتقد النهري ما وصفه بـ”انشغال الحكومة المقبلة فقط بالانتخابات، وتغليب المصالح الحزبية الضيقة على حساب أولويات المواطنين”، مضيفا أن “الأحزاب السياسية لم تعد تبحث إلا عن المواقع والمناصب من خلال تفاهمات في الكواليس، بينما النقابات فقدت الكثير من مصداقيتها، والجمعيات المدنية تعرضت للتدجين”.
وأكد في ختام تدوينته أن المغرب اليوم في حاجة إلى “فاعلين سياسيين حقيقيين قادرين على الإنصات لمطالب الشارع وإيجاد حلول عملية وملموسة”، محذرا من أن استمرار الوضع الحالي قد يقود إلى “أزمة اجتماعية أعمق لا يمكن احتواؤها”.