أصدر وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، دورية رسمية إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم وعمالات المقاطعات، يدعوهم فيها إلى الانخراط العاجل في إعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، تنفيذًا للتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس، الواردة في خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز 2025.
الدورية أوضحت أن هذه البرامج تأتي في إطار استمرارية الإصلاحات والمبادرات التي تم إطلاقها منذ اعتلاء جلالة الملك العرش، والتي ساهمت في تعزيز البنيات التحتية، والحد من التفاوتات المجالية، وتحسين ظروف عيش المواطنين.
غير أن الخطاب الملكي الأخير أشار بوضوح إلى أن بعض المناطق لم تستفد بما يكفي من هذه الدينامية، مما يفرض إعادة توجيه المقاربات التنموية نحو تدخلات أكثر استهدافًا، واستباقية، وذات أثر ملموس على المستوى المحلي.
أولويات محددة بصرامة
الوثيقة الوزارية شددت على أن البرامج الجديدة يجب أن تُبنى على أولويات واضحة، تشمل:
تعزيز التشغيل: عبر استثمار الإمكانيات الاقتصادية المحلية، وتوفير مناخ ملائم للمقاولة والاستثمار، وإحداث فرص الشغل، خصوصًا في القطاعات الإنتاجية.
تقوية الخدمات الاجتماعية الأساسية: خاصة في قطاعي التعليم والصحة، بما يضمن الكرامة والعدالة المجالية للمواطنين.
التدبير المستدام للموارد المائية: في مواجهة تحديات ندرة المياه والتغيرات المناخية.
التأهيل الترابي المندمج: في انسجام تام مع الأوراش الوطنية الكبرى والمشاريع المهيكلة الجارية على الصعيد الوطني.
كما شددت الدورية على ضرورة إيلاء اهتمام خاص بالمناطق القروية التي ما تزال تعاني من الفقر والهشاشة، بسبب ضعف البنيات التحتية والخدمات الأساسية.
مقاربة تشاركية وتحذير من الانزلاق السياسي
وطلب وزير الداخلية من الولاة والعمال اعتماد مقاربة تشاركية في الإعداد، تقوم على التشاور والتنسيق مع مختلف الفاعلين المحليين، من منتخبين، ومصالح خارجية للدولة، ومؤسسات عمومية، وجامعات، ومجتمع مدني، لضمان تعبئة جماعية وفعالية أكبر في التخطيط والتنفيذ.
في المقابل، تضمنت الدورية تحذيرًا صارمًا من أي محاولة لاستغلال هذه البرامج التنموية لأغراض سياسية أو انتخابية ضيقة، خصوصًا في ظل اقتراب موعد الانتخابات التشريعية لسنة 2026. وأكدت أن الهدف الأساس هو تحقيق التنمية المستدامة وتحسين حياة المواطنين، بعيدًا عن الحسابات الظرفية.
التزام ميداني وتنفيذ عاجل
الدورية دعت إلى الشروع الفوري في عقد لقاءات تشاورية على المستوى الترابي، من أجل إعداد هذه البرامج في آجال قريبة، مع الحرص على تقاطع وتكامل مختلف المشاريع القطاعية والترابية، وتفادي التكرار وإهدار الموارد.
وأكدت وزارة الداخلية أن نجاح هذا الورش الملكي من شأنه تحسين مؤشرات التنمية البشرية، وتعزيز الجاذبية والتنافسية الترابية، وخلق فرص عمل جديدة، والارتقاء بمستوى عيش المواطنين.
وخلصت الدورية إلى أن الرهان النهائي هو أن تُترجم التوجيهات الملكية السامية إلى أفعال ملموسة ومرئية على أرض الواقع، عبر برامج تنموية فعّالة تخدم المواطن أولًا وأخيرًا، بعيدًا عن أي توظيف انتخابوي ضيق.