المضيق – في مشهد احتفالي مهيب، أضاء الطواف التقليدي بالمشاعل، مساء الثلاثاء 29 يوليوز 2025، كورنيش مدينة المضيق، مجسّداً أبهى صور الوفاء والاعتزاز بالتقاليد المغربية الأصيلة، بمناسبة تخليد الذكرى السادسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على عرش أسلافه المنعمين.
ويُعد الطواف بالمشاعل، الذي دأب الحرس الملكي على تنظيمه سنوياً بمناسبة عيد العرش المجيد، واحداً من أقوى المظاهر الاحتفالية ذات الرمزية الوطنية العميقة، حيث توافد آلاف المواطنين والسياح على أهم شوارع مدينة المضيق لمتابعة هذا الحدث البصري والفني المميز.
وانطلقت مسيرة الطواف من محيط الإقامة الملكية، مروراً بشارع للا نزهة، وصولاً إلى ساحة الكورنيش، حيث قدمت تشكيلات من مشاة الحرس الملكي وموسيقاه وخيالته وحملة المشاعل، عروضاً استعراضية على أنغام النشيد الوطني والمقطوعات العسكرية، في لوحات فنية عكست الروح الوطنية العالية والإتقان الكبير لعناصر القوات المسلحة الملكية.
تميز العرض بانضباط صارم وتناغم فني لافت، حيث تداخلت حركات الخيالة والمشاة في تنسيق دقيق مع الألحان، ليقدموا لوحات هندسية حية شكّلت رموزاً وطنية مثل خريطة المغرب، والنجمة الخماسية، وعبارة “عيد العرش المجيد”، قبل أن يُختتم العرض برسالة وجدانية قوية تجسّدت في لوحة “عاش الملك”، كتعبير عن التعلق العميق والولاء الصادق لجلالة الملك من طرف عناصر الحرس الملكي.
كما ساهمت الفرق الموسيقية التابعة لفوج المقر العام والقوات الجوية والدرك الملكي والبحرية الملكية في تعزيز أجواء الاحتفال، عبر عروض موسيقية متنوعة لقيت تفاعلاً كبيراً من الجمهور لما تميزت به من تنوع إيقاعي ودقة أدائية.
الطواف بالمشاعل، الذي يُعد من التقاليد الوطنية المتجذرة، انطلق لأول مرة سنة 1947 من القصر الملكي بالرباط، ليصبح منذ ذلك الحين تقليداً سنوياً يرافق احتفالات عيد العرش والشباب، ويعبّر عن تشبث الشعب المغربي بموروثه الحضاري العريق.
ومنذ سنة 1993، صار الطواف يُختتم بعروض مبهرة بالسلاح، تقدّم فيها موسيقى ومشاة الحرس الملكي لوحات كوريغرافية مذهلة، تعكس مستوى الجاهزية والتمرّن الكبيرين اللذين يخضع لهما المشاركون، في أفق تقديم أداء يجمع بين الأصالة والدقة الفنية.
ويُعتبر هذا الطواف، بما يحمله من دلالات فنية ووطنية، رمزاً لارتباط المغاربة بملكهم وتاريخهم، حيث يتحوّل في كل دورة إلى لحظة وجدانية تشدّ إليها أنظار الجميع، وتؤكد استمرار حضور الروح الوطنية في أبهى تجلياتها.