انطلقت، اليوم الخميس بمدينة طنجة، أشغال النسخة الأولى من المنتدى الإقليمي للاقتصاد الأخضر، المنظم تحت شعار “تمكين المدن الإفريقية: تمهيد الطريق نحو الحياد الكربوني”، وذلك تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس.
ويُنظم هذا المنتدى بمبادرة من المنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر، وبدعم من وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ومجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، ومنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا، ويهدف إلى تعزيز التحول الأخضر في القارة، وتبادل الحلول المستدامة لدعم المدن الإفريقية في مسارها نحو تنمية حضرية منخفضة الانبعاثات.
ويشهد المنتدى، المنعقد على مدى يومين، مشاركة مسؤولين حكوميين ومحليين، وخبراء، وممثلي منظمات دولية وإقليمية، حيث يناقش المشاركون قضايا ذات أولوية تتعلق بالحكامة متعددة المستويات، والتحول الطاقي، والاقتصاد الدائري، وآليات التمويل المناخي، في أفق بلورة استراتيجيات فعالة لتحقيق الحياد الكربوني داخل الفضاءات الحضرية.
وفي كلمة افتتاحية مسجلة، جددت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، التأكيد على التزام المملكة المغربية الراسخ بدعم العمل الإفريقي المشترك، وبناء مستقبل أخضر ومزدهر للقارة، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية. وأبرزت أن المغرب جعل من التعاون جنوب–جنوب خياراً استراتيجياً في سياسته الخارجية، يقوم على التضامن والتكامل التنموي، مشيرة إلى عدد من المبادرات الريادية التي أطلقتها المملكة لتعزيز العمل المناخي في إفريقيا.
من جانبه، أوضح رئيس المنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر، سعيد محمد الطاير، أن انعقاد المنتدى يأتي في لحظة مفصلية تواجه فيها المدن الإفريقية تحديات كبرى ناجمة عن التغير المناخي، من قبيل ارتفاع درجات الحرارة وشح المياه والتدهور البيئي. وأضاف أن هذه التحديات تشكل في الوقت ذاته محفزاً للتحول الإيجابي نحو تنمية مستدامة، مؤكداً أن القارة الإفريقية تمثل حجر الزاوية في التحالف الدولي للاقتصاد الأخضر، الذي يضم ممثلين عن 100 بلد، ويسعى إلى بناء مدن عادلة، قادرة على التكيف مع تغير المناخ، عبر حلول في مجالات الطاقة المتجددة، والنقل المستدام، وتدوير النفايات.
وفي السياق ذاته، أكد رئيس مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، عمر مورو، أن الجهة تطمح إلى أن تكون نموذجاً في التحول نحو الاقتصاد الأخضر، من خلال دعم الاستثمار في الطاقات النظيفة، وتطوير البنيات التحتية المستدامة، وتشجيع الابتكار البيئي، وتحفيز الوعي المجتمعي بقضايا المناخ. واعتبر أن المنتدى يشكل منصة هامة لتبادل الخبرات، وبناء شراكات فعالة بين مختلف الفاعلين لتسريع التحول البيئي وتمكين المدن من تحقيق الحياد الكربوني.
من جهته، أشار الأمين العام لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية، جون بيير إيلونغ مباسي، إلى أن القارة الإفريقية، رغم مساهمتها المحدودة في انبعاثات الغازات الدفيئة (لا تتجاوز 4 بالمائة)، تُعد من أكثر المناطق هشاشة في مواجهة آثار التغير المناخي. وأكد أن لدى القارة الإمكانيات لتجاوز النماذج التنموية التقليدية، والانتقال مباشرة نحو مدن خضراء وذكية، لافتاً إلى أن عدداً من المدن الإفريقية بدأت بالفعل في اعتماد مبادرات مبتكرة في هذا الاتجاه.
من جانبها، شددت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة بالمغرب، ناتالي فوستيي، على أهمية هذا المنتدى في دعم التعاون جنوب–جنوب، وتبادل التجارب الناجحة، وتحديد المشاريع القابلة للتمويل، وتطوير شراكات استراتيجية بين مختلف الفاعلين لبناء مستقبل بيئي مستدام في القارة. واعتبرت أن المنتدى يشكل منصة لتعزيز التعلم المتبادل والتخطيط البيئي المحلي الملائم للخصوصيات الإفريقية.
وفي مداخلة له، أكد رئيس الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، وعمدة مدينة طنجة، منير ليموري، أن إفريقيا توجد اليوم في صلب التحول الأخضر، لكنه رهين بتمكين الجماعات الترابية من الموارد المالية والبشرية الضرورية، خاصة وأن العديد منها يعاني من محدودية في الإمكانيات، ما يستدعي تكاثف الجهود لإشراكها الفعلي في مسارات الانتقال البيئي.
وسيواصل المنتدى أشغاله عبر عدد من الجلسات والورشات التي تتناول مواضيع مرتبطة بالحياد الكربوني، والسياسات والحوكمة، والتخطيط الحضري، والطاقة المتجددة، والنقل المستدام، وتدبير النفايات، والمياه الذكية، والتصنيع الأخضر، في أفق الخروج بتوصيات عملية تعزز قدرة المدن الإفريقية على مواجهة التغيرات المناخية، وتحقيق تنمية حضرية مندمجة ومستدامة.