بقلم: محمد كرم البريق / مستشار جماعي سابق
صرح السيد عمدة طنجة بأن مدينة طنجة من انظف المدن في المغرب، بل اكثر من ذلك زعم انها انظف حتى من مدن أوروبية كبرى، وهذا كلام نسبي ولا يمكن أن يكون صحيحا على الإطلاق.
فطنجة التي يعرفها السيد العمدة نظيفة جدا، وطنجة التي نعرفها نحن لا تعرف عن النظافة الا الاسم !؟
وطنجة التي تقدم له في تقارير اللقاءات واجتماعات لجان التتبع انظف مدينة في المغرب، وطنجة التي نعيش فيها يوميا لا علاقة لها بالنظافة ؟!
ثم لو كان الأمر كما يقول السيد العمدة، لما سكت عن التفاخر بذلك ولما توقف من الكلام عن هذا الملف في جميع الاوقات وفي جميع المواقع .
فإذا قمنا بتتبع حديث العمدة عن ملف النظافة في اللقاء الصحفي مع مستشاره الاعلامي والعضو في ديوانه على موقع مدار21 ، لوجدناه تكلم عن النظافة في وقت لا يتعدى دقيقة ونصف وهو ما يمثل 4% من المدة الزمنية للقاء الصحفي الذي جاوز 37 دقيقة، وهو اللقاء الذي أريد له أن يرد به على تقرير الفيفا الذي خلص الى أن طنجة بوضعها الحالي غير مؤهلة لاستضافة تضاهرة المونديال.
ولو استمعنا كذلك إلى آخر لقاء صحفي للسيد العمدة مع موقع طنجة 24 عندما تكلم عن ملف نظافة المدينة، والمفروض فيه ان يبسط كل الادلة التي تؤكد تصريحه السابق، فسنجد ان كلامه مع الأسئلة المستفيضة للصحفي المحاور لم يتعدى 5 دقائق وهو ما يصل إلى 10% من المدة المخصصة للبرنامج والتي وصلت إلى 45 دقيقة .
فلو ان السيد العمدة له حصيلة معتبرة في ملف النظافة لخصص لها وقتا اكبر ولتكلم عنها من زوايا متعددة بدل أن ينقل إلينا فقط اشادة الزوار الأجانب بنظافة المدينة ، فهل يزور ضيوف العمدة عموم مناطق المدينة المتواجدة في بني مكادة ومغوغة، ام يقتصرون على زيارة قصر البلدية وارقى الفنادق المتواجدة في شوارع الواجهة والمطلة على كورنيش المدينة !؟
أظن أن الأمر واضح، ولا مجال للمقارنة بين واجهة المدينة والمناطق المهمشة منها .
كما أظن أن الأمر واضح، ما دام ان السيد العمدة نفسه لا يقوم بزيارات إلى مناطق مغوغة وبني مكادة، والتي بالمناسبة لا يعرفها اساسا مادام أنه نسب في حواره مع موقع طنجة24 مكان تواجد سوق الجملة السابق إلى تراب مقاطعة بني مكادة، في حين انه ينتمي إلى مقاطعة مغوغة !؟
ثم انه في تناقض غريب ينسب كل جميل لنفسه ولتدبيره، ويلصق كل نقيصة لساكنة المدينة، حيث نجده يبرر الاختلالات الواضحة في ملف النظافة إلى التزايد السكاني في المدينة، كما ينسب التراجع الكبير في نظافة الاحياء الى سلوك المواطنين، ويتهمهم بانهم لا يحترمون التوقيت المحدد لاخراج النفايات، وهذا في نظري تهرب من المسؤولية في هذا الملف وتنصل منها مع رميها على الساكنة.
ثم إن السيد العمدة نفسه يعترف بأنه هناك اختلالات في عمل الشركتين، وانه يقوم بتطبيق الجزاءات عليهما، فهل يمكن لعمدة مدينتنا أن يلجأ إلى تنفيذ هذه العقوبات اذا كانت طنجة مدينة نظيفة في الاحياء الراقية كما في الأحياء الشعبية !؟
والادهى والأمر أنه يعترف بأن المجهود الذي تقوم به الجماعة يكون واضحا للعيان في مقاطعتي المدينة او السواني، ولا يظهر في مقاطعة بني مكادة، وهذا دليل على أن النظافة بالنسبة للسيد العمدة هي نظافة الواجهة ليس الا، واذا كان البولفار نظيفا فإن هذا يعطيه الحق ليقول بأن المدينة كلها نظيفة بل انظف من باقي المدن الكبرى في المغرب وفي أوروبا !؟
ثم إنه بإطلالة بسيطة على تقارير المجلس الجهوي للحسابات نجدها تحكم أن نظافة المدينة بعيدة جدا من المستوى المطلوب، وانها تعاني من عدة اختلالات جوهرية ونقائص كبرى ، وتسجل أن مدينة طنجة بعيدة كل البعد عن الجودة المطلوبة في مرفق النظافة، وأن مستوى الخدمات لا يعكس الاعتمادات المالية المهمة المقصودة لقطاع النظافة.
وهذا ما دفع الجماعة إلى تنظيم لقاء دراسي يتيم في يناير 2025، بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من عمر المجلس الحالي ، مع تهريبه وتنظيمه بشكل مغلق دون اشراك لفعاليات المجتمع المدني، فبالاحرى اشراك عموم الساكنة بالمدينة !
والغريب أن هذا اللقاء الدراسي المغلق المقتصر اساسا على مسؤولي الجماعة وموظفيها خرج بعدة توصيات في اعتراف صريح لفشل المجلس الحالي في قطاع النظافة، ما دامت هذه التوصيات تطالب ب :
– صياغة ميثاق النظافة مع المواطن حول تدبير النفايات في كل حي لإشراكهم في التدبير الفعلي.
– صياغة ميثاق النظافة مع أرباب المقاهي والمطاعم ومنتجي الخرفان.
– صياغة ميثاق النظافة مع المناطق الصناعية.
– تكثيف زرع حاويات القمامات داخل جميع التجمعات البشرية.
– تخصيص حاويات للردمة في الأحياء السكنية ليسهل على الشركة عملية نقلها للأماكن المخصصة لها.
– التعاقد مع شركات من اجل تثمين الردمة وإعادة تدويرها.
– المراقبة المعلوماتية لقطاع النظافة في المدينة.
وهذه التوصيات تدل دلالة قاطعة على الاختلالات والنقائص في هذا الملف الحيوي، رغم انه يكلف الجماعة أكثر من ثلث ميزانيتها بمبلغ مالي ضخم وربما هو الاضخم بين جميع المدن في المغرب.
وأخيرا، مادام ان السيد العمدة اعترف على أنه يوقع شهريا الغرامات على شركات التدبير المفوض للنظافة، فيجب ان يقول لنا هل وقع غرامات على كل الاختلالات التي رصدها لقاءه الدراسي؟
وعلى الاقل ان يجيبنا هل طبق عقوبات على الشركتين في موضوع المستودعات الوسيطة التي لم تر النور بعد ؟!
وماذا ينتظر ليقوم بتنزيل المستودع الوسيط الموجود بالرهراه ؟ وهل غرم شركة النظافة التي تستغل قطعة ارضية كمستودع وسيط عشوائي في منطقة المرس بمقاطعة بني مكادة ؟ وذلك في تحدي صارخ لحقوق الساكنة المجاورة في البيئة السليمة واجبارها على العيش مع الروائح الكريهة في كل ليلة !
ومادام ان اللقاء الدراسي يوصي الشركتين بتخصيص حاويات لجمع الردمة، فليحدثنا السيد العمدة أين ترمى عمليا هذه الردمة؟ أليس في جنبات الأودية ؟ أليس في الغابات المجاورة للمدينة ؟ وما هي النتائج الوخيمة لهذا الرمي العشوائي للردمة على بيئة المدينة التي يدعي انها أنظف مدينة ؟ واين وصل موضوع انشاء وتجهيز المركز الخاص بجمع الردمة وتثمينها المتواجد بمشلاوة !
وأخيرا، مع أن الحديث يطول في الموضوع ، أين هي الحاويات الذكية ؟ واين عربات الكنس اليدوي المجهزة بنظام gps ؟ واين هي الحاويات المخصصة لجمع النفايات الخضراء ؟ واين النظام المعلومياتي الخاص بالتتبع والمراقبة لعمل الشركتين ؟ ام ان انجاز كل هذا غير مهم ومبروك لمزاج الشركتين اللتين قد تقومان بذلك في العام الاخير من عمرهما ؟
وختاما، أليس من حقنا كمدبرين سابقين للمدينة أن نفتخر بنظافة المدينة حقيقة لا مجازا، رغم كل الاكراهات التي كانت تعيق تطبيق الغرامات على الشركتين أنذاك في دفتر التحملات السابق، والتي عمل المجلس السابق على تجاوزها في دفتر التحملات الحالي، وكذلك ضعف الميزانية المخصصة لهذا القطاع والتي لم تكن تصل إلى نصف الميزانية المخصصة حاليا ؟!
نعم، مدينة طنجة حازت لقب أنظف مدينة لسنوات خلت، سواء في شوارع الواجهة او أزقة الهوامش، ونريد من السيد العمدة فقط أن يحافظ على هذا اللقب، ويقوم بمزيد من المجهود في تحسين النظافة وتجويد الخدمات بالمدينة، ما دام ان هذا القطاع خصص له اكبر الاعتمادات المالية، وان يقوم بتطوير مراقبة عمل الشركتين وتغريمهما ما دام ان دفاتر التحملات تساعده على ذلك .
وللحديث بقية، فيما هو أكبر وأخطر، فمركز الطمر والتثمين بسكدلة الذي كان أكبر مكتسب في الولاية السابقة مع إغلاق مطرح مغوغة الذي عمر 40 سنة، أصبح هو الآخر مطرحا عشوائيا عاديا دون أي طمر او تثمين ! ومركز معالجة الليكسيفيا ما زال حبرا على ورق ! ام أن مركز بوقنادل هو البديل ؟