أثار تصريح والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، يونس التازي، خلال إحدى جلسات دورة مجلس الجهة، اهتمامًا واسعًا، بعد أن عبّر بشكل مباشر عن استيائه من أداء الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، منتقدًا طريقة اشتغالها وانفرادها في تدبير بعض الأوراش، بعيدًا عن التوجهات التي يتم التصويت عليها داخل المجلس الجهوي.
وقد وجّه الوالي ملاحظاته بشكل صريح إلى مدير الوكالة، معتبرًا أن هناك “نواقص حقيقية” في الأداء، وأن بعض المشاريع المنجزة لا تعكس فعليًا ما تم الاتفاق عليه، قبل أن يختم كلامه بعبارة أثارت الانتباه:“اللي قادر يخدم يخدم، واللي ما قادرش خصو يمشي فحالو، ما نبقاوش نخربقو.”
هذا النوع من الخطاب، الذي يمتاز بالصراحة والمباشرة، بات سمة بارزة في أسلوب الوالي التازي، الذي يفضّل الوضوح في تشخيص الإشكالات الإدارية، بدل اللجوء إلى المصطلحات العامة أو العبارات المجاملة التي تؤجل النقاش دون معالجته.
صحيح أن الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع كانت الهدف المباشر للتوبيخ الذي وجّهه والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، غير أن فحوى الرسالة يتجاوز المؤسسة المعنية ليطال المنظومة الجهوية برمّتها. فالملاحظ أن ما عبّر عنه الوالي بوضوح، يجب أن يصل صداه إلى كل الإدارات الجهوية والمؤسسات اللاممركزة، وعلى رأسها عمال الأقاليم، الباشوات، والقياد، باعتبارهم مسؤولين مباشرين عن تتبع المشاريع وتأمين التنسيق بين الدولة والمجالس المنتخبة.
كما أن هذه الرسالة تُوجَّه أيضًا إلى:
رؤساء الجماعات الذين لا يواكبون الأوراش الميدانية، ولا ينخرطون بفعالية في تنزيل البرامج التنموية.
المنتخبين المحليين والجهويين الذين يكتفون بالحضور الشكلي ويغيبون عن الفعل المؤسساتي الحقيقي، إلا في سياق الحملات الانتخابية.
المصالح الخارجية للقطاعات الوزارية التي تشتغل في كثير من الأحيان بمنطق عمودي، بمعزل عن الرؤية الجهوية والتشاركية المطلوبة.
الشركات نائلة الصفقات العمومية، التي تتسبب بتأخر الإنجاز وتدني الجودة، ما ينعكس سلبًا على صورة المشروع العمومي وثقة المواطن.
نحن اليوم في مرحلة دقيقة، حيث تستعد الجهة لاحتضان تظاهرات ضخمة كـكأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، وسط أعين العالم والإعلام والجماهير. فهل يُعقل أن نُواجه كل هذا الطموح بذهنية “المشروع مازال” و“المسطرة بطيئة” و“الشركة ما رداتش”؟
ما قاله الوالي، بصراحته المعتادة، يجب أن يُدوّن على واجهات الإدارات والمجالس والمكاتب، ويُحوَّل إلى سلوك إداري عام:
من لا يقدر على الإنجاز.. يرحل.
من لا يحترم المواعيد.. يُحاسب.
من لا يشتغل بتنسيق والتزام.. يُستبدل.
كما أن ما تضمنه تصريح الوالي يُعيد إلى الواجهة النقاش حول أهمية ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتفعيل مبادئ الحكامة الجيدة، وتجاوز بعض الممارسات التي تعيق دينامية المشاريع، سواء بسبب بطء المساطر أو ضعف المتابعة أو غياب رؤية مندمجة بين مختلف المتدخلين.