انطلقت اليوم الاثنين بطنجة، أشغال الملتقى العربي للاستثمار والتمويل، بمشاركة ثلة من الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين والمسؤولين الاقتصاديين من المغرب ومن بلدان عربية.
ويتطرق المشاركون في الملتقى، المنظم بتعاون بين غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة طنجة-تطوان-الحسيمة والمنظمة العربية للتنمية الإدارية من 16 إلى 18 يونيو الجاري تحت شعار “استراتيجيات جذب المستثمرين وتمويل المشروعات الريادية”، إلى سياسات البلدان العربية في مجال دعم الاستثمارات في القطاعات الاقتصادية والصناعية الواعدة.
وأبرز رئيس الغرفة الجهوية، عبد اللطيف أفيلال، أن هذا الملتقى يروم تمتين جسور التعاون الاقتصادي بين البلدان العربية وفتح آفاق جديدة للاستثمارات البينية، مبرزا أن جهة طنجة نموذج للدينامية الاقتصادية المتجددة التي يعرفها المغرب، بفضل القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لجعل المغرب منصة اقتصادية عالمية.
في هذا السياق، ذكر بأن المملكة المغربية انخرطت في مسلسل إصلاحات متواصلة لبث زخم اقتصادي مستدام عبر إطلاق مشاريع إحداث مناطق التسريع الاقتصادي واعتماد ميثاق جديد للاستثمار والانخراط في الاقتصاد الأخضر وتشييد بنيات تحتية بمعايير عالمية من قبيل ميناء طنجة المتوسط واستقطاب الاستثمارات المبتكرة، داعيا إلى مواصلة جهود تحسين مناخ الأعمال ودعم المبادرات النسائية والشبابية ومواكبة التطورات التكنولوجية.
من جهتها، أكدت منسقة الملتقى العربي للاستثمار والتمويل، رانيا عبد الرازق، ان المغرب يعتبر من الوجهات الاقتصادية المفضلة بالنسبة للمستثمرين العرب، موضحة ان المنظمة حريصة على تبيان جهود المملكة المغربية للنهوض بالاقتصاد وزيادة الاندماج الإقليمي.
وأشارت إلى أن الملتقى يتميز بتقديم ممثلي عدد من الوفود المشاركة لأوراق عمل حول مناخ الأعمال بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، والهوية المؤسسية الرقمية المتكاملة في دعم الاستثمار بسلطنة عمان، والشراكات الريادية بالمملكة العربية السعودية، ودور مؤسسات “تكنوبارك” في احتضان ومواكبة المقاولات الناشئة الرائدة بالمغرب، وتحديات تمويل مشاريع المرأة القروية بتونس، وتحديات الاستثمار في المشروعات المتوسطة والصغيرة بمصر.
اما عمدة مدينة طنجة، منير ليموري، فقد تطرق إلى التزام جماعة طنجة بتهيئة مناخ ملائم للاستثمار وتشجيع ريادة الأعمال، من خلال تبني مقاربات مبتكرة لتطوير البنيات التحتية، ورقمنة الخدمات، ودعم المقاولات الناشئة، معتبرا ان الملتقى مناسبة لبحث سبل خلق شبكات عربية للاستثمار والتمويل وتعزيز التعاون البيني.
وتم بالمناسبة عرض شريط مؤسساتي حول المنظمة العربية للتنمية الإدارية، والتي تعتبر من المنظمات المتخصصة المنبثقة عن جامعة الدول العربية، والتي تأسست سنة 1961 من أجل تدريب وتكوين الأطر الإدارية بالبلدان العربية.
في مداخلته خلال مشاركته في فعاليات الملتقى العربي حول الاستثمار والتمويل، أكد السيد عبد الحميد احسيسن، ممثل مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، أن مشاركة الجهة في هذا الحدث العربي البارز تأتي في سياق إيمانها العميق بأهمية الاستثمار كرافعة أساسية للتنمية الشاملة.
وقال احسيسن:“يشرفني، باسمي وباسم جهة طنجة تطوان الحسيمة، أن نشارك في هذا الملتقى العربي الهام المنعقد تحت شعار ‘استراتيجيات جذب المستثمرين وتمويل المشروعات الريادية’. إن هذا الموضوع يكتسي أهمية كبرى في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة التي يعرفها عالمنا العربي، ما يستوجب تطوير رؤى جديدة وشراكات مبتكرة يكون في صلبها دعم ريادة الأعمال كوسيلة فعالة لخلق الثروة وفرص الشغل.”
وأضاف أن جهة طنجة تطوان الحسيمة، بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي ومؤهلاتها الاقتصادية المتعددة، تمثل بوابة مفتوحة على أوروبا وإفريقيا، مما يجعل منها فضاءً واعداً للاستثمار المنتج والمستدام.
“لقد عملنا، في إطار الجهوية المتقدمة، على توفير بيئة محفّزة وجاذبة، من خلال بنية تحتية حديثة، ومناخ أعمال شفاف، ومبادرات مخصصة لدعم المقاولات الناشئة والمشاريع الريادية،” يوضح احسيسن.
وفي ما يتعلق بالتمويل، شدد على أنه يشكل المحرك الأساسي لإنجاح هذه الدينامية التنموية، مشيراً إلى أن الجهة تضع ضمن أولوياتها تعزيز التعاون مع مختلف الفاعلين، سواء المؤسساتيين أو الخواص، محلياً وعربياً ودولياً، بهدف تعبئة الموارد وتيسير الولوج إلى آليات التمويل المبتكر، لاسيما لفائدة الشباب والمستثمرين.
واختتم احسيسن تصريحه قائلاً:“نحن نعتز بهذه المشاركة، ونؤكد على انفتاح جهة طنجة تطوان الحسيمة على كل المبادرات الجادة والهادفة، من أجل تحقيق تنمية مشتركة ومستقبل اقتصادي عربي أكثر إشراقاً.”
وأكدت الشعيبية بلبزيوي العلوي، خلال مشاركتها في الملتقى العربي حول الاستثمار والتمويل، أن جمعية النساء المقاولات بالمغرب (AFEM)، وبعد مرور ربع قرن على تأسيسها، ما تزال تواصل التزامها بدعم النساء المقاولات من خلال برامج متنوعة تشمل التكوين، المواكبة، والتمويل.
وأوضحت بلبزيوي أن الجمعية راكمت تجربة غنية منذ تأسيسها، مكّنتها من مرافقة مئات النساء في مساراتهن المقاولاتية، ومساعدتهن على تطوير مشاريعهن وتحقيق الاستقلال الاقتصادي.
وقالت في تصريحها:”نشتغل اليوم على جيل جديد من البرامج التي تستجيب لتحديات العصر وتمنح النساء الأدوات اللازمة لبناء مشاريع ناجحة، سواء من حيث التكوين المهني والتقني، أو عبر شبكات الدعم والمواكبة، أو من خلال تسهيل الولوج إلى مصادر التمويل.”
كما شددت على أن تقوية المقاولة النسائية لا يمكن أن تنفصل عن الانفتاح على التجارب الناجحة في الفضاء العربي، مشيرة إلى أهمية تبادل الخبرات وبناء شراكات عابرة للحدود للنهوض بدور المرأة في الاقتصاد.
“تمكين المرأة اقتصادياً هو مسؤولية جماعية، والانفتاح على التجارب العربية من شأنه أن يغني رؤيتنا ويقوّي حضور النساء في عالم ريادة الأعمال”، تضيف بلبزيوي.
بعد ذلك تم عقد جلسة العمل الأولى، حيث قام بتنشيطها كل من المستشار أحمد حبيب بعرض تحت عنوان “دور ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﳌﺆﺳﺴﻴﺔ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ المتكاملة في دﻋﻢ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر (ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن ﻧﻤﻮذﺟﺎً.) حيث سلط الضوء على مراحل و مهارات تطوير الهوية المؤسسية الرقمية في ظل الفرص الهائلة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي و البيانات الضخمة و وسائط التواصل الاجتماعي
تلاه عرض الأستاذة هند تلامسي مديرة تكنوبارك طنجة و التي بسطت تجربة مؤسسات تكنوبارك بالمغرب في مجال احتضان و تطوير المقاولات في مجالات الحلول الرقمية و الاقتصاد الأخضر و الصناعة الثقافية.
و قد كانت الجلسة فرصة مهمة للاطلاع على التجارب الرائدة على مستوى العالم العربي في مجال الاستثمار و ريادة الأعمال.
تجدر الإشارة إلى أن أشغال “الملتقى العربي للاستثمار و التمويل” ستستمر غدا الثلاثاء 17 يونيو 2025 بعقد جلستي عمل مهمتين: الأولى تتعلق بموضوع ” اﳌﺮأة اﻟﻘﻴﺎدﻳﺔ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر” و الثانية تحت عنوان ” تعزيز فرص الاستثمار: تجارب وممارسات ناجحة”
وتتمحور المداخلات في الملتقى حول جلستين رئيسيتين، تركز الأولى على استراتيجيات جذب الاستثمار، بينما تتطرق الثانية إلى دور الرقمنة في دعم المشاريع الريادية، كما سيتم بحث دور المرأة القيادية في مجال الاستثمار، وبرمجة زيارات ميدانية للتعرف على مؤهلات مدينة طنجة ومناطقها الصناعية وبنياتها التحتية الاقتصادية.