أكد الدكتور مصطفى ستيتو، عميد كلية العلوم بتطوان، أمس (الأربعاء) خلال ندوة علمية احتضنتها الكلية حول موضوع “الجامعة المغربية: أية مساهمة في كأس العالم 2030؟”، أن استضافة المغرب لهذا الحدث الرياضي العالمي يمثل ثمرة للرؤية الملكية السديدة التي أعلنها الملك محمد السادس يوم 14 مارس 2023.
وأبرز ستيتو أن هذه الخطوة ليست فقط إنجازًا رياضيًا بل محطة استراتيجية لترسيخ مكانة المغرب إقليمياً ودولياً وتعزيز أدوار الرياضة في خدمة التنمية الوطنية.
وأضاف أن كأس العالم 2030 يفتح أمام الجامعة المغربية آفاقًا واسعة لتطوير البنية التحتية الرياضية وتحفيز السياحة وترويج الموهبة المغربية، خاصة في مجالات الرياضة، التكنولوجيا، والخدمات.
واعتبر أن التعاون الثلاثي مع إسبانيا والبرتغال يشكل نموذجًا راقياً للتعاون الإقليمي والثقافي، يمكن أن يسهم إيجابيًا في دعم التكوين الجامعي وتوسيع الشراكات الدولية.
الندوة التي نظمتها جمعية المدينة بشراكة مع كلية العلوم، جمعت نخبة من الأساتذة والباحثين لمناقشة سبل انخراط الجامعة المغربية في التحضيرات الجارية لتنظيم كأس العالم 2030. وفي مداخلة تحليلية، أوضح الدكتور محمد السوعلي، الباحث في القانون العام الاقتصادي، أن كأس العالم 2030 يشكل لحظة مفصلية في مسار التنمية الوطنية وفرصة استراتيجية لتثمين الرأسمال البشري والمعرفي المغربي.
وأكد أن الجامعة المغربية، بفضل طاقاتها الشابة ومختبراتها البحثية وشبكاتها الأكاديمية، مدعوة للعب دور ريادي يتجاوز التكوين التقني والميداني ليشمل تأطير النقاش العمومي، ابتكار الحلول الرقمية، وتحليل الأثر المجتمعي للحدث.
وشدد السوعلي على ضرورة ربط التكوين الجامعي بالرهانات الوطنية الكبرى من خلال إدماج مسالك مهنية موجهة وتوجيه مشاريع البحث الأكاديمي نحو قضايا استراتيجية مثل الأمن السيبراني، المدن الذكية، والاقتصاد الرياضي.
استعرض السوعلي تجارب دولية سابقة في تنظيم كأس العالم مثل إسبانيا (1982)، جنوب إفريقيا (2010)، البرازيل (2014)، روسيا (2018)، وقطر (2022)، مشيرًا إلى أن تهميش الجامعة كما حدث في البرازيل أدى إلى تقويض الشرعية المجتمعية للمشروع، بينما أسهم إدماجها في قطر في تعزيز الابتكار والإشعاع المعرفي.
ودعا إلى جعل الجامعة شريكا فاعلا في تأطير المتطوعين، إنتاج المعرفة التطبيقية، واستغلال بنياتها اللوجستيكية في المدن الكبرى، وخاصة الرباط، فاس، طنجة، ومراكش، للمساهمة بفعالية في مواكبة التنظيم.
في الجانب التطبيقي، أوصى السوعلي بإحداث دبلومات قصيرة مرتبطة بتنظيم الفعاليات الكبرى، وإرساء منظومة تطوع جامعية مؤطرة على الصعيد الوطني، وتوثيق التجربة الأكاديمية المرتبطة بالمونديال، بما يسمح بتحويل هذا الحدث من مجرد لحظة ظرفية إلى محطة تأسيسية لنموذج جامعي تنموي جديد.
كما اعتبر أن من المكاسب المتوقعة لهذا الانخراط تعزيز فرص إدماج الشباب في سوق الشغل، تحقيق نقلة نوعية في أنماط التكوين، وتدويل صورة الجامعة المغربية، مشددًا في الوقت نفسه على ضرورة معالجة تحديات التنسيق المؤسساتي ومحدودية التمويل الأكاديمي.
وأجمع المشاركون في ختام الندوة على أن الجامعة المغربية أمام فرصة تاريخية لتأكيد أدوارها المجتمعية والتنموية من خلال مساهمة فعلية ومؤسساتية في إنجاح كأس العالم 2030.
ودعوا إلى إنشاء آليات تنسيق وطنية تضم وزارة التعليم العالي واللجنة المنظمة ومؤسسات البحث الجامعي، بهدف تعبئة الطاقات الأكاديمية والطلابية على مدى السنوات الخمس المقبلة، وجعل الجامعة فاعلاً رئيسياً لا مجرد طرف تابع في هذا المشروع الوطني الكبير.