طنجة أصيلةسلايدر الرئيسيةسياسة

طنجة.. ندوة تنزيل تصاميم التهيئة تدعو لتقوية دور الجماعات وتقدم 15 توصية لتجاوز التعثرات

شهدت مدينة طنجة، يوم الخميس 24 أبريل 2025، تنظيم ندوة موضوعاتية تحت عنوان “تنزيل تصاميم التهيئة لمدينة طنجة والنواحي: ضرورة تنموية وفرصة للانتعاش الاقتصادي”، بمبادرة من جمعية الأعمال الاجتماعية للصحفيين الشباب، وبشراكة مع عدد من المنابر الإعلامية الإلكترونية.

وقد شكل اللقاء مناسبة لتسليط الضوء على إشكالات إعداد وتصديق وثائق التهيئة، من خلال تدخلات فاعلين مؤسساتيين ومنتخبين وممثلي المجتمع المدني، الذين أجمعوا على ضرورة إعادة هيكلة حكامة التهيئة المجالية وتعزيز دور الجماعات الترابية في بلورة هذه الوثائق الاستراتيجية.

شدد عدد من الفاعلين المؤسساتيين والمنتخبين وممثلي النسيج المدني، على أهمية تمتين المقاربة التشاركية وتعزيز الالتقائية المؤسساتية من أجل تنزيل سليم وناجع لتصاميم التهيئة بالمجالات الترابية التابعة لعمالة طنجة-أصيلة، داعين إلى إعادة تحديد الأدوار والاختصاصات بما يضمن تقوية الوظيفة التقريرية للجماعات الترابية وتعزيز نجاعة منظومة التخطيط الترابي.

وأكد المتدخلون، أن التأخر في إخراج عدد من تصاميم التهيئة إلى حيز الاعتماد النهائي يشكل عائقا بنيويا أمام استدامة الاستثمار، واستقرار المعاملات العقارية، وتحقيق العدالة المجالية، داعين إلى اعتماد آليات لتجويد الحكامة الترابية في هذا الورش الاستراتيجي.

وفي هذا السياق، أكد عبد العظيم الطويل، نائب رئيس مجلس جماعة طنجة، أن وثيقة تصميم التهيئة تندرج ضمن المنظومة القانونية المؤطرة للتنمية المجالية، غير أن تنزيلها العملي يواجه إكراهات مرتبطة بتعدد المتدخلين، وتداخل الاختصاصات، وضعف التنسيق البيني بين القطاعات المعنية.

وابرز الطويل، أن الدور الحالي للجماعات الترابية في هذه المسطرة يظل استشاريا، مما يحد من فاعليتها المؤسساتية، داعيا إلى تأهيلها للاضطلاع بوظيفة تقريرية فعلية، انسجاما مع مقتضيات الديمقراطية التشاركية ومبادئ التدبير الحر.

من جانبه، شدد محمد الحمامي، البرلماني ورئيس مجلس مقاطعة بني مكادة، على ضرورة تمكين الفاعل الترابي من لعب دور محوري في المساطر المرتبطة بإعداد وتصديق تصاميم التهيئة، معتبرا أن إسناد هذا الورش الاستراتيجي إلى مكاتب دراسات خارجية يفرغه من مضمونه المجالي، ولا يعكس الخصوصيات الترابية الدقيقة.

وأكد الحمامي، أن مجلس جماعة طنجة، باعتباره مؤسسة منتخبة ديمقراطيا، يتوفر على رؤية استراتيجية متكاملة ينبغي أن تُؤخذ بعين الاعتبار كإطار مرجعي.

أما رضوان غيلان، نائب رئيس جماعة اكزناية، فقد اعتبر أن تمركز القرار لدى الوكالة الحضرية يُضعف من الممارسة الفعلية للاختصاصات الموكولة للجماعات بموجب القوانين التنظيمية، مضيفا أن التمثيلية المؤسساتية للجماعات داخل اللجان المعنية بإعداد هذه الوثائق تبقى شكلية أكثر من كونها وظيفية، مما يُفقد الجماعات الترابية دورها في توجيه السياسات المجالية.

بدوره، عبر المستشار الجماعي حسن بلخيضر عن قلقه إزاء ما وصفه بغياب الشفافية في تدبير مراحل إعداد التصاميم، مشددا على أن الجماعات تُستدعى للمصادقة دون تمكينها من سلطة فعلية، في حين تُهيمن منطقيا تعليمات فوقية ومصالح فئوية ضيقة على هذا الورش، مما يجعل وثائق التهيئة بعيدة عن تحقيق الإنصاف المجالي وتكافؤ الفرص في الولوج إلى العقار والتجهيزات العمومية.

من جهته، دعا عبد العزيز جناتي، رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، إلى توسيع نطاق التصور العملي لوثيقة التهيئة، بما يجعلها مرجعية لتدبير المجال الحضري في شموليته، مبرزا أنها ينبغي أن تعالج رهانات البيئة، وتثمين المناطق الخضراء، وتحسين الولوجية، وضمان الحق في الترفيه، وصيانة الهوية العمرانية والمعمارية للمدينة، معتبرا أن طنجة تتوفر على مؤهلات واعدة تؤهلها لتصبح نموذجا وطنياً في مجال الاستدامة الحضرية.

وقدمت نادية الخمال، ممثلة المجلس الجهوي للموثقين، عرضا تركيبيا حول المرتكزات القانونية والمؤسساتية لتصميم التهيئة، باعتباره وثيقة ذات أثر مباشر على استقرار منظومة التوثيق والمعاملات العقارية، مؤكدة على ضرورة وضوح مضامينه وشموليته المجالية.

من جهته، أكد النائب البرلماني الحسين بن الطيب، نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، أن تأخر إخراج هذه الوثائق نرهون بوثائق استراتيجية أخرى، من ضمنها التصميم الجهوي لإعداد التراب، الذي تم اعتماده في سياق لم يعد ينسجم مع المعطيات الجديدة، مما يستدعي تحيينه وفق رؤية استشرافية قادرة على مواكبة المتغيرات المجالية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة.

وبعد نقاش تفاعلي اتسم بالجدية والوضوح، خلص المشاركون إلى مجموعة من التوصيات العملية التي تهدف إلى إصلاح آليات إعداد وتصديق وثائق التهيئة، بما يضمن النجاعة، الشفافية، والعدالة المجالية، وجاءت كالتالي:

1. إعادة النظر في المنظومة القانونية المنظمة لإعداد وتصديق تصاميم التهيئة، بما يضمن تبسيط المساطر وتعزيز الشفافية في مختلف مراحلها.

2. توسيع صلاحيات الجماعات الترابية في مسطرة إعداد التصميم، ومنحها وضعا تقريريا فعليا، تفعيلا لمقتضيات التدبير الحر ومبادئ الديمقراطية التشاركية.

3. اشتراط إشراك المجالس المنتخبة في وضع التصورات الأولية للتصاميم، قبل عرضها على البحث العلني أو المصادقة، مع ضمان توثيق هذا الإشراك في محاضر رسمية.

4. ضبط تدخل مكاتب الدراسات التقنية، وإلزامها بالتقيد بتوجيهات الجماعات، ومراعاة الخصوصيات المجالية والاجتماعية للمناطق المعنية.

5. إعمال مبدأ الالتقائية بين الوثائق المرجعية للتخطيط المجالي، من قبيل التصميم الجهوي لإعداد التراب، وتصاميم التهيئة، وبرامج العمل الجماعي.

6. إحداث لجان جهوية دائمة للتتبع والتنسيق بين الوكالات الحضرية والجماعات والمصالح اللاممركزة، بغاية ضمان انسجام وتناسق التدخلات القطاعية.

7. تحيين التصميم الجهوي لإعداد التراب لجهة طنجة تطوان الحسيمة، انسجاما مع المستجدات الراهنة والمشاريع الهيكلية التي تعرفها مدينة طنجة.

8. إعادة الاعتبار لوثيقة تصميم التهيئة كأداة استشرافية لتدبير المجال، تتجاوز البعد التقني نحو منظور شمولي للتنمية المجالية المستدامة.

9. إدراج المقاربة البيئية والمناخية في محتوى تصاميم التهيئة، بما يعزز التوازن الإيكولوجي ويحمي المناطق الهشة والمجالات الطبيعية.

10. ضمان تكافؤ الفرص في الولوج إلى المعلومة المتعلقة بالتصاميم، وتحقيق مبدأ الإنصاف المجالي في التوزيع الترابي للمرافق والبنيات الأساسية.

11. توسيع نطاق مشاركة المجتمع المدني والمواطنين في مرحلة البحث العلني، وتفعيل آليات التفاعل مع الملاحظات والتعرضات بشكل مؤسسي.

12. وضع حد لاحتكار القرار من طرف فاعلين تقنيين أو إداريين دون مساءلة، واعتماد الشفافية والوضوح في مراحل الدراسة والمصادقة.

13. تثمين دور الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين ضمن رؤية تشاركية، تضمن تفاعلهم مع مخرجات التهيئة دون المساس بالحقوق الجماعية للساكنة.

14. توجيه تصاميم التهيئة نحو دعم الاندماج الاجتماعي والعدالة المجالية، عبر استهداف الأحياء الناقصة التجهيز ومناطق الإقصاء الحضري.

15. وضع إطار مؤسساتي قار لتقييم أثر تصاميم التهيئة بعد المصادقة، من خلال آليات للرصد والتقويم تمكن من التعديل المرحلي إن اقتضى الحال.

وتأتي هذه الندوة في سياق تعزيز دينامية التخطيط الترابي، وترسيخ مبادئ التشاركية والحكامة الجيدة، وذلك في أفق التموقع الدولي لمدينة طنجة، خاصة مع استعدادها لاحتضان تظاهرات رياضية كبرى في أفق 2025 و2030، مما يفرض تقوية الأسس القانونية والتنظيمية المؤطرة للتوسع العمراني وضمان تماسك السياسات الترابية في إطار منظور مندمج وفعال.

وقد نوه المشاركون في ختام أشغال الندوة بأهمية فتح هذا النقاش المؤسساتي العمومي، معتبرين أن نجاح ورش التهيئة المجالية رهين بإرادة جماعية لتجاوز المقاربات التقنية الضيقة، واعتماد تخطيط ترابي يستحضر الأفق التنموي والرهانات الوطنية والدولية المرتبطة بتموقع مدينة طنجة كمركز إشعاع متوسطي وإفريقي.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

إغلاق