سلايدر الرئيسيةسياسةطنجة أصيلة
ندوة علمية لحزب الاستقلال بطنجة تناقش مراجعة مدونة الأسرة: بين المرجعية الإسلامية ومتطلبات العصر

نظّمت مفتشية حزب الاستقلال بطنجة أصيلة ندوةً علميةً حول موضوع: “مراجعة مدونة الأسرة: السياق والمآلات”، وذلك في إطار تنزيل برنامج سنة التطوع 2025.
وقد أطّر الندوة كلّ من الأستاذ عبد الله البقالي، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ومدير جريدة “العلم”، والدكتور عبد الحفيظ إدمينو، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط وعضو اللجنة التنفيذية، والأستاذة رشيدة بلباه، رئيسة جمعية “آمنة” للدفاع عن النساء والأطفال ضحايا العنف، والدكتور عبد العزيز جناتي، محامٍ بهيئة طنجة وفاعل حقوقي.
في بداية اللقاء، قدّم المفتش الإقليمي عرضًا افتتاحيًا طرح فيه الأرضية العلمية للندوة، مؤكدًا أن حزب الاستقلال ينهل من مرجعيات ثابتة لا تتغير، تتجلى في المرجعية الإسلامية، ووحدة الأمة المغربية في استقلالها ووحدة ترابها، والديمقراطية الضامنة للحقوق والحريات الفردية والجماعية، وترسيخ دولة الحق والقانون والمؤسسات، والتعادلية الاقتصادية والاجتماعية الرامية إلى صيانة كرامة المواطن والأسرة والمجتمع، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان تكافؤ الفرص.
وأكد أن الأسرة تشكل النواة الصلبة التي يتأسس عليها النسق الاجتماعي المغربي، ومن أجل الحفاظ عليها وتأطيرها قانونيًا، تم إصدار مدونة الأسرة بموجب القانون 03.70 بتاريخ 3 فبراير 2004، التي تضمّنت 400 مادة موزعة على سبعة كتب، تناولت مواضيع الزواج، وانحلال ميثاق الزوجية وآثاره، والولادة ونتائجها، والأهلية والنيابة الشرعية، والوصية، والميراث، ثم الأحكام الانتقالية والختامية.
وأشار إلى أن حزب الاستقلال يعتبر المرجعية الإسلامية منطلقًا لأي تعديل يمس الأسرة المغربية، مؤكدًا أن “لا اجتهاد مع النصوص القطعية”، وأن مجال الاجتهاد يبقى مفتوحًا بما يوافق تعاليم الإسلام وأعراف وقيم المغاربة.
كما ذكّر بمضامين الفصل 41 من الدستور، الذي يجعل المجلس العلمي الأعلى الجهة الوحيدة المخولة بإصدار الفتاوى الرسمية، تحت رئاسة أمير المؤمنين الملك محمد السادس.
واستهل عبد الله البقالي مداخلته بالإشارة إلى أن مراجعة مدونة الأسرة تأتي ضمن سياق وطني يطبعه زخم الإصلاحات الكبرى، كمرحلة العدالة الانتقالية، ثم الإصلاح الدستوري، وقوانين المسطرة الجنائية والإضراب، مشيدًا بمنهجية التشارك في إعداد هذه الإصلاحات. وانتقد بشدة بعض التصريحات الرسمية التي تسعى لفرض مواقفها على المجتمع المغربي، مؤكدًا أن المغرب دولة إسلامية، وأن الاجتهاد ضرورة لتطوير المدونة بما يحقق المصلحة العامة ويحمي الأسرة، من خلال مقاربة دينية وحقوقية واجتماعية.
من جانبها، اعتبرت الأستاذة رشيدة بلباه أن مدونة الأحوال الشخصية قبل 2004 لم تكن منصفة للمرأة، في حين مثّلت مدونة الأسرة نقلة نوعية، رغم بقاء العديد من الإشكالات العالقة مثل زواج القاصرات، وزواج المغتصبة من مغتصبها، والحضانة، والنفقة.
بدوره، تناول الدكتور عبد الحفيظ إدمينو المرجعيات التي انطلقت منها مدونة الأسرة، مشيرًا إلى دور حزب الاستقلال التاريخي في إعدادها، بدءًا من الزعيم الراحل علال الفاسي، وصولًا إلى الراحل الأستاذ امحمد بوستة الذي ترأس اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد المدونة بتكليف ملكي. ولفت إلى أن المدونة الحالية تعرف نواقص أدت إلى ارتفاع مهول في حالات الطلاق، وضعف في مساطر الوساطة والصلح، ومشاكل متعلقة بزواج القاصرات، والنيابة الشرعية، وتحوّل بنية الأسرة من ممتدة إلى نووية.
وأكد على ضرورة التوازن بين حقوق المرأة والرجل والطفل، وعلى حتمية الالتزام بمقاصد الشريعة الإسلامية وفق نهج الاعتدال والاجتهاد المنفتح. كما دعا إلى تعزيز الوساطة، وإرساء قضاء متخصص في قضايا الأسرة، مع إعداد دليل علمي للقضاة، وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأسر، عبر سياسات عمومية عادلة تهتم بالمرأة والطفولة.
أما الدكتور عبد العزيز جناتي، فشدد على أهمية تمكين المرأة من التعليم والتكوين والمشاركة في الإنتاج الوطني، معتبرًا أن ذلك من شأنه رفع الناتج الداخلي بنسبة قد تصل إلى 2%. وانتقد غياب الالتقائية بين مدونة الأسرة والسياسات العمومية والمجالية، مما ينعكس سلبًا على الاهتمام بالأسرة في بعدها الاجتماعي والاقتصادي. كما نبّه إلى غياب معايير موحدة في تحديد النفقة والمتعة، وعدم الإشارة الصريحة في المادة 400 إلى كل المرجعيات الفقهية المعتمدة في بناء المدونة.
وفي ختام الندوة، شهدت المداخلات تفاعلًا غنيًا من الحضور، حيث أكد المتدخلون على أهمية الالتزام بالمرجعية الإسلامية، وضرورة إحداث مؤسسة الوساطة والدعم الاجتماعي، واعتماد سياسات عمومية ناجعة في التعليم، والصحة، والشغل، والسكن، والطفولة، والمرأة، بهدف الارتقاء بوضع الأسرة، باعتبارها عماد المجتمع، وركيزة بناء نسيج اجتماعي سليم يضمن الاست