سلايدر الرئيسيةسياسة
المحكمة الدستورية تؤكد دستورية القانون التنظيمي رقم 97.15 لتنظيم حق الإضراب

صرحت المحكمة الدستورية، بأن القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب ليس فيه ما يخالف الدستور، مع مراعاة الملاحظات المتعلقة بالمواد 1 و5 و12.
وأكدت المحكمة، في قرارها، أن القانون المعروض عليها احترم المساطر الدستورية في اعتماده، حيث تمت مناقشته والتصويت عليه من طرف مجلسي البرلمان وفقًا لأحكام الفصلين 84 و85 من الدستور. كما شددت على أن ممارسة حق الإضراب، المضمون دستورياً، يجب أن تراعي التوازن بين حقوق الأجراء والمقاولات والمصلحة العامة.
وراجعت المحكمة مواد القانون التنظيمي مادةً مادة، حيث أكدت دستورية العديد منها، فيما سجلت بعض الملاحظات على مواد أخرى، أبرزها المواد 1 و5 و12، حيث أوضحت أن النصوص التنظيمية التي ستحكم تطبيق هذا القانون يجب ألا تفرض شروطًا أو قيودًا إضافية على ممارسة الحق في الإضراب.
ويهدف القانون إلى وضع إطار قانوني ينظم كيفية ممارسة الإضراب، ويحدّد حقوق والتزامات الأطراف المعنية، كما يتضمن جزاءات على المخالفات المتعلقة بتنظيم الإضراب أو عرقلته.
القرار كاملا:
بعد اطلاعها على القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، المحال إليها برسالة السيد رئيس الحكومة، المسجلة بأمانتها العامة في 11 فبراير 2025، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور؛
وبعد اطلاعها على الملاحظات الكتابية التي أدلى بها السيد رئيس مجلس النواب والبعض من السادة أعضاء مجلسي البرلمان والسيد رئيس الحكومة، المسجلة بالأمانة العامة لهذه المحكمة على التوالي في 13 و17 و18 و19 فبراير 2025؛
وبعد الاطلاع على باقي الوثائق المدرجة في الملف؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
أولا – فيما يتعلق بالاختصاص:
حيث إن الفصل 132 من الدستور ينص في فقرته الثانية، على أن القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور، مما تكون معه هذه المحكمة مختصة بالبت في مطابقة هذا القانون التنظيمي المحال إليها للدستور؛
ثانيا- فيما يتعلق بالإجراءات الخاصة بإقرار القانون التنظيمي:
حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف، أن القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط و كيفيات ممارسة حق الإضراب، المحال إلى المحكمة الدستورية، اتخذ في شكل قانون تنظيمي، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 26 سبتمبر 2016، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وأودع بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب بتاريخ 6 أكتوبر 2016، ولم يشرع في التداول فيه من قبل هذا المجلس، إلا بعد مضي عشرة أيام على إيداعه لدى مكتبه، ووافق عليه في قراءة أولى بالأغلبية، في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 24 ديسمبر 2024، وبعد ذلك تداول فيه مجلس المستشارين، وأدخل تعديلات على مواده، ووافق عليه بالأغلبية في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 3 فبراير 2025، ثم صادق عليه مجلس النواب نهائيا، في قراءة ثانية، بأغلبية أعضائه الحاضرين في الجلسة العامة المنعقدة بتاريخ 5 فبراير 2025؛
وحيث إنه، يبين من الاطلاع على الأعمال التحضيرية لمجلسي البرلمان، بخصوص القانون التنظيمي المحال، أن خطأ ماديا غير مؤثر شاب الفقرة الثالثة من المادة 11، لكونها كانت تنص في الصيغة التي صادق عليها مجلس المستشارين، على أنه: “تتم الدعوة إلى الإضراب على صعيد المقاولة أو المؤسسة بالقطاع الخاص، مع مراعاة أحكام المادة 13 أدناه…”، وعمد مجلس النواب في القراءة الثانية لمشروع القانون التنظيمي إلى تصحيح هذا الخطأ المادي، لتصبح الإحالة في الفقرة الثالثة من المادة 11 على “أحكام المادة 12 أدناه” عوض “أحكام المادة 13 أدناه”؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، يكون شكل تقديم القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، وإجراءات إعداده والتداول فيه والتصويت عليه، مطابقا لأحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛
ثالثا- فيما يتعلق بالموضوع:
حيث إن الدستور ينص في الفقرة الأخيرة من فصله 29 على أن: “حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته.”؛
وحيث إن القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، المحال إلى المحكمة الدستورية، يتكون من 33 مادة موزعة على أربعة أبواب، يتعلق الأول منها بأحكام عامة (المواد 1-10)، والثاني بشروط ومسطرة ممارسة حق الإضراب (المواد 11-22)، والثالث بالجزاءات (المواد 23-31)، والأخير بأحكام ختامية (المادتان 32 – 33)؛
وحيث إنه، بالرجوع إلى الدستور، فإنه ينص في:
– الفقرة الأولى من تصديره، الذي يشكل جزءا لا يتجزأ منه، على اختيار المملكة المغربية، “إرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع” ب “…العدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة.”،
– الفقرات الأولى والثانية والثالثة من الفصل 8 منه بصفة خاصة على أنه: “تساهم المنظمات النقابية للأجراء،… في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، وفي النهوض بها.”، وعلى أنه: “يجب أن تكون هياكل هذه المنظمات وتسييرها مطابقة للمبادئ الديمقراطية.”، وعلى أنه: “تعمل السلطات العمومية على تشجيع المفاوضة الجماعية، وعلى إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية…”،
– الفصل 21 منه، وبصفة خاصة، على أنه:” لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته.”، وعلى أنه: “تضمن السلطات العمومية سلامة السكان،…”،
– الفقرة الأخيرة من الفصل 29 منه، على أن: “حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته.”،
– الفصل 31 منه، على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، “على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في: -العلاج والعناية الصحية؛…-الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة؛…”،
– الفصل 154 منه، وبصفة خاصة، على أنه: “يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس…، …الاستمرارية في أداء الخدمات.”،
– الفقرة الثالثة من الفصل 35 منه، على أن تضمن الدولة “حرية المبادرة والمقاولة، والتنافس الحر.”،
– الفصل 37 منه، على أنه: “على جميع المواطنات والمواطنين…التقيد بالقانون. ويتعين …ممارسة الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات.”،
– الفصل 117 منه، وبصفة خاصة، على أنه: ” يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم…”؛
وحيث إنه، يستفاد من أحكام الدستور المستدل بها، في ترابطها وتكاملها ما يلي:
– أن حق الإضراب إنما ضمن من أجل الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للعاملين والمهنيين، دعما لأسس المجتمع المتضامن الذي يتمتع فيه الجميع، والعاملون والمهنيون من بينهم، بمقومات العيش الكريم،
– أن المشاركة في المفاوضة الجماعية، كما أن الدعوة إلى الإضراب والمساهمة في تدبيره وتأطيره وفقا للقانون، تندرج كلها في المهام المسندة إلى المنظمات النقابية، وأن اتخاذ قرار الإضراب من قبل الجهاز المخول له ذلك، في كل منظمة نقابية، أمر يندرج فيما أوجبه الدستور، من أن يكون تسيير هذه المنظمات مطابقا للمبادئ الديمقراطية،
– أن ضمان الدستور لحق الإضراب، يشمل الفئات التي يمكنها قانونا ممارسته، بصرف النظر عن انتماء أفرادها للمنظمات النقابية من عدمه، مما يعود معه إلى المشرع في نطاق سلطته التقديرية، وفق الضوابط التي سبق بيانها، تحديد كيفيات ممارسة حق الإضراب في حالة عدم وجود منظمة نقابية أكثر تمثيلا على صعيد مقاولة أو مؤسسة معينة،
– أن أحكام الدستور المومأ إليها أعلاه، أوجبت ألا يترتب عن تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، ما يمس بسلامة السكان أو أمنهم، أو صحتهم، وما يحول بينهم وبين التمتع الفعلي بحقوق أو حريات أخرى أقرها الدستور، ومنها حرية التنقل، والحق في العلاج، والعناية الصحية، والحق في الحصول على الماء، والعيش في بيئة سليمة،
– أن ممارسة المشرع لصلاحيته في تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، تبقى خاضعة لرقابة هذه المحكمة، التي يعود إليها أمر التحقق من أن ما أقره المشرع لا يخالف الدستور، وأتى مبررا ومشروعا ومتناسبا مع هذه الغايات وضروريا لتحقيقها، علاقة بحقوق يكفلها الدستور أو مبادئ تقرها أحكامه، واستقر القضاء على تطبيقها سبيلا للانتصاف، ومتى باشر المشرع اختصاصه في كل ذلك، فهو يراعي ما ييسر ممارسة الحق، ويكفل عدم المساس بأصله أو جوهر وجوده، إذ لا يتصور تحديد شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق على غير هذا الوجه، وإلا عد ذلك مخالفا للدستور،
– أن المستفاد أيضا من ضمان الدستور لحق الإضراب، ضمان باقي الحقوق والحريات الأخرى مقابلا له، كحرية العمل، وحرية المبادرة والمقاولة، والتنافس الحر، وهو ما يلزم المشرع التقيد به في تحديده لشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب بشكل يضمن التوازن بين هذا الحق وباقي الحقوق والحريات المقابلة له؛
وحيث إنه، يبين من فحص القانون التنظيمي المحال مادة مادة، ما يلي:
فيما يتعلق بالباب الأول:
حيث إن الباب الأول المتعلق بـ “أحكام عامة ” يتضمن مادة أولى وفرعين، يتعلق الأول منهما بتعاريف ومجال التطبيق ويشمل المواد من 2 إلى 4، ويتعلق الثاني بـ “مبادئ أساسية ” ويتضمن المواد من 5 إلى 10؛
في شأن المادة الأولى:
حيث إن هذه المادة جاءت في الباب الأول المتعلق بأحكام عامة تنص على التوالي، على أن “الإضراب حق يضمنه الدستور، وتحميه مبادئ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وتنطبق عليه اتفاقيات حقوق الإنسان واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادقت عليها المملكة أو انضمت إليها، في نطاق أحكام الدستور”، وعلى بطلان كل تنازل عن هذا الحق، وعلى الأسس والضمانات والمصالح المتصلة به بما يكفل “ضمان حقوق الفئة العاملة ومصالح أرباب العمل ومصلحة الوطن”، وعلى المبادئ والحقوق الدستورية التي تستند إليها ممارسته، وعلى المبادئ الأساسية التي “يرتكز” عليها هذا الحق، وعلى أنه: ” في حالة التعارض بين أحكام التشريع الجاري به العمل تكون الأولوية في التطبيق للأحكام الأكثر فائدة للأجراء وللمنظمات النقابية.”؛
وحيث إن المحكمة الدستورية، في ممارستها لصلاحياتها، المخولة لها طبقا للفقرة الثانية من الفصل 132 من الدستور، ينحصر دورها في مراقبة النص المحال إليها، انطلاقا من مدى احترامه للدستور، شكلا وموضوعا، تقيدا بالمبدأ الملزم لدستورية القواعد القانونية المعبر عنه في الفقرة الثالثة من الفصل 6 من الدستور؛
وحيث إن مضمون الفقرات الأولى والرابعة والخامسة من هذه المادة، ليس سوى تذكير بالمبادئ الدولية وبالمرجعيات والمواثيق ذات الصلة بممارسة حق الإضراب وتذكير بمبادئ مقررة أو أهداف محددة أو حقوق مضمونة، بمقتضى الدستور أو مستفادة من أحكامه، أو تنصيصا على غايات رامها المشرع من اتخاذ القانون التنظيمي المحال، ولا تتضمن أي حكم يتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب؛
وحيث إنه، لما كان حق الإضراب، مضمونا بصريح نص الفقرة الأخيرة من الفصل 29 من الدستور وفق الشروط والكيفيات التي أسند تحديدها إلى قانون تنظيمي، وأنه لا يوجد في الدستور ما يمنع ممارسة الحق في الإضراب، متى تم ذلك وفق الشروط والكيفيات المحددة في القانون التنظيمي المحال، صار التنصيص على بطلان كل تنازل عن هذا الحق، كما جاء في الفقرة الثانية من المادة المذكورة، لا يعدو أن يكون مجرد كشف لضمانة مقررة في الدستور؛
وحيث إن الفقرة الثالثة من هذه المادة تضع الأسس والضمانات والمصالح المتصلة بممارسة حق الإضراب بما يحقق التوازن بين حقوق الفئة العاملة ومصالح أرباب العمل ومصلحة الوطن؛
وحيث إن الدستور، نص في الفقرة الثالثة من الفصل 6 منه، بصفة خاصة، على أنه: “تعتبر دستورية القواعد القانونية، وتراتبيتها،…مبادئ ملزمة”، مما ينحصر معه نطاق “الأولوية في التطبيق للأحكام الأكثر فائدة للأجراء وللمنظمات النقابية.”، كما جاء في الفقرة الأخيرة من المادة المعنية، فيما بين نصوص قانونية من نفس الدرجة من حيث تراتبيتها وذلك في حالة تعارضها؛
وحيث إن الدستور أسند، بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 29 منه إلى قانون تنظيمي تحديد “شروط وكيفيات” ممارسة حق الإضراب، مما يتعين معه ألا يتعدى التشريع وفق القانون التنظيمي، نطاق ما حدده له الدستور من موضوعات، احتراما لسموه؛
وحيث إنه، تبعا لذلك فإن المادة الأولى الواردة في الباب الأول المتعلق بـ”أحكام عامة”، لئن كانت لا تنصب على شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب التي حددها الدستور كموضوعات للقانون التنظيمي المحال، فإنها لا تكتسي صبغة قانون تنظيمي، وأن مجرد التذكير فيها، بالمرجعيات والمواثيق والمبادئ الدولية ذات الصلة بممارسة حق الإضراب، وبحقوق مضمونة في الدستور وبأهداف ومبادئ وغايات مستفادة من أحكامه، لا يعد في حد ذاته مخالفا للدستور؛
في شأن المادتين 2 و3:
حيث إن المادة 2 عرفت الإضراب ومداه والمخول لهم حق ممارسته، ونطاق ذلك، ودواعيه والغاية منه؛
وحيث إن المادة 3 عرفت في مدلول القانون التنظيمي المحال، كلا من العامل والمهني والقطاع العام والقطاع الخاص والجهة الداعية إلى الإضراب والمرافق الحيوية وعرقلة ممارسة حق الإضراب وعرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب واحتلال أماكن العمل والملف المطلبي والقضايا الخلافية؛
وحيث إن أحكام المادتين ترتبط، من حيث موضوعهما، ارتباطا عضويا ووثيقا بمشمولات القانون التنظيمي المحال، إذ أن تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، يتوقف على بيان مدلوله، والمخول لهم حق ممارسته، والأفعال التي تجري خلاف شروطه وكيفياته، وأوضاع المعنيين بممارسة حق الإضراب أو حرية العمل حسب الحالة؛
وحيث إنه، فضلا عن ذلك، فبتحديد الجهة الداعية للإضراب، بموجب البند (هـ) من المادة 3 من القانون التنظيمي المحال، وشموله للجنة الإضراب، يكون المشرع قد وازن بين حق الإضراب المتاح للعامل، وفق الشروط والكيفيات التي يحددها قانون تنظيمي (الفقرة الأخيرة من الفصل 29 من الدستور)، وبين ممارسة حرية الانتماء النقابي المكفولة وفق شروط يحددها القانون (الفقرة الأولى من نفس الفصل)، دون إخلال بما أناطته الفقرة الأولى من الفصل 8 من الدستور، بالمنظمات النقابية من مساهمة في “الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، وفي النهوض بها.”؛
وحيث إن مدلول “المرافق الحيوية” المنصوص عليه في البند (و) من المادة الثالثة من القانون التنظيمي المحال يجد، بالنظر لأهدافه، سندا في أحكام الفصلين 21 و31 من الدستور التي تنص على التوالي، وبصفة خاصة، على أنه: “لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته.”، وعلى أنه: “تضمن السلطات العمومية سلامة السكان”، وعلى أنه: ” تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في: – العلاج والعناية الصحية”؛
وحيث إن تحديد المادتين لمدلولات هذا القانون التنظيمي والتي يتوقف عليها ممارسة حق الإضراب يجعلهما بالتبعية من مشمولاته؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المادتين 2 و3 تكتسيان طابع قانون تنظيمي، وليس فيهما ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 5:
حيث إن هذه المادة تنص على أنه: “كل إضراب يمارس خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي والنصوص التنظيمية الصادرة لتطبيقه هو إضراب غير مشروع.”؛
وحيث إنه، ليس في هذه المادة ما يخالف الدستور، شريطة ألا تستحدث النصوص التنظيمية التي تحيل إليها شروطا وكيفيات لممارسة حق الإضراب غير تلك المحددة في هذا القانون التنظيمي المحال؛
في شأن المادتين 6 و9:
حيث إن المادتين 6 و9 تنصان على التوالي على أنه:
– “يعد كل عامل يشارك في ممارسة الإضراب في حالة توقف مؤقت عن العمل لا يؤدى عنه أجر.
لا يترتب على إضراب المهنيين توقف عقد شغل أجرائهم وعدم أداء أجورهم خلال مدة سريان الإضراب.”،
– وعلى منع اتخاذ أي إجراء تمييزي في حق العمال أو المهنيين بسبب ممارستهم حق الإضراب، وعلى عدم الاعتداد بالإضراب الممارس وفق أحكام القانون التنظيمي مبررا مقبولا لاتخاذ العقوبات التأديبية أو للفصل مـن العمل أو العزل فـي حق العمال المضربين أو لاتخاذ
عقوبات تأديبية في حق المهنيين المضربين، وعلى منع إحلال محل العمال المضربين عمالا أو أشخاصا آخرين خلال مدة سريان الإضراب، وفق الأوضاع المقررة في الفقرة الرابعة من المادة المذكورة، وعلى منع نقل أو ترحيل آليات وأجهزة وباقي وسائل عمل المقاولة أو المؤسسة، كلا أو بعضا، خلال مدة سريان الإضراب؛
وحيث إن الدستور لما ضمن حق الإضراب، وأسند إلى قانون تنظيمي تحديد شروطه وكيفياته، توخى من ذلك، أن لا يضار العامل في حقوقه ووضعيته ومساره المهني، متى مارس حقه في الإضراب، وفق الشروط والكيفيات المقررة قانونا، مما يكون معه، تحديد المشرع للآثار المترتبة عن ممارسة حق الإضراب وفقا للقانون، مندرجا أيضا، ضمن تحديد شروطه وكيفياته؛
وحيث إن المشرع، بتنصيصه، على اعتبار مشاركة العامل في ممارسة حق الإضراب، توقفا مؤقتا عن العمل لا يؤدى عنه أجر، وعلى ضمان أجور الأجراء العاملين لدى المهنيين المضربين، وعلى مجموع الضمانات الهادفة إلى حماية وضعية العمال والمهنيين المضربين وفق القانون، يكون قد كفل حماية هؤلاء مما قد يمس وضعيتهم المهنية من آثار بسبب ممارستهم لحق الإضراب، ولم يضع قيدا غير متناسب على مباشرته، ووازن بينه وبين حرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر التي تضمنها الدولة، طبقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 35 من الدستور؛
وحيث إنه تبعا لذلك، تكون المادتان 6 و9 من القانون التنظيمي، غير مخالفتين للدستور؛
في شأن المادة 8:
حيث إن المادة 8 المعروضة تنص على أنه: “لا يسري البطلان المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة الأولى…، على الاتفاقات الجماعية بما فيها الاتفاقات الاجتماعية واتفاقيات الشغل الجماعية والاتفاقات الناتجة عن المفاوضة الجماعية، التي تفضي بإقرار السلم الاجتماعي خلال مدة محددة، شريطة احترام الأطراف الموقعة لالتزاماتها، وأن تتضمن هذه الاتفاقات مقتضيات خاصة تحدد المساطر التي يمكن اتباعها لحل كل نزاع جماعي يحدث خلال هذه المدة.”؛
وحيث إن إنفاذ الالتزام الإيجابي للسلطات العمومية بالعمل على تشجيع المفاوضة الجماعية، وعلى إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية وفق الشروط التي ينص عليها القانون، عملا بأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 8 من الدستور، يمكن أن يتمثل، في إحدى صوره، في تضمين هذا القانون التنظيمي أحكام تتيح إمكانية إقرار السلم الاجتماعي، بإرادة أطراف الاتفاقات الجماعية، خلال مدة محددة، ووفق شروط خاصة ومتطلبات معينة، لا تنال من إمكانية ممارسة حق الإضراب وفق الشروط والكيفيات المحددة في القانون التنظيمي، متى انصرمت هذه المدة، أو لم تستوف الشروط والمتطلبات المذكورة، أو أخل أحد أطراف الاتفاق بالتزاماته؛
وحيث إن الدستور قد أقر ضمان حق الإضراب، آلية لحماية الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للعمال والمهنيين، بعد استنفاذ سبل المفاوضة الجماعية بدون التوصل إلى إبرام اتفاقات تستجيب لحقوقهم ومصالحهم؛
وحيث إن المادة المعروضة رهنت صلاحية الاتفاقات الجماعية الرامية إلى إقرار السلم الاجتماعي، بشروط معينة، إذ جعلت سريانها يتم خلال مدة محددة لا على سبيل الدوام، وأوجبت احترام الأطراف الموقعة لالتزاماتها، وتضمين الاتفاق مقتضيات خاصة تحدد المساطر التي يمكن اتباعها لحل كل نزاع جماعي يحدث خلال هذه المدة، وليس من شأن هذه الشروط والمتطلبات، في صيغتها المعروضة، أن تحول بين العمال وممارسة حق الإضراب، وألا تضع قيدا غير متناسب يصيب هذا الحق في جوهره أو يعدمه في جل خصائصه، كما لم تخل بالتوازن المتطلب بين ممارسة حق الإضراب، وضمان حرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر، وكل ذلك تحقيقا لما رامه المشرع الدستوري في الفقرة الأولى من تصدير الدستور، والذي يشكل جزءا منه ، من “إرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بـ…العدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة.”؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المادة 8 ليس فيها ما يخالف الدستور، مع مراعاة أن ما تضمنته يعد إمكانية قائمة الذات، لا استثناء على “بطلان” التنازل عن حق الإضراب، الذي يعد مجرد تذكير بضمان حق كفله الدستور؛
في شأن المادة 10:
حيث إن هذه المادة تنص على أنه: “تؤهل السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل بتنسيق مع السلطات الحكومية المعنية، بمناسبة ممارسة حق الإضراب، لاتخاذ جميع التدابير والإجراءات اللازمة لتيسير الوصول إلى اتفاق بخصوص الملف المطلبي ومحاولة تسوية القضايا الخلافية، ومعاينة وجود خطر حال من عدمه ومدى امتثال المشغل للتدابير المنصوص عليها في تشريع الشغل.”؛
وحيث إن هذه المادة جاءت إنفاذا للالتزام الإيجابي المقرر في الفقرة الثالثة من الفصل 8 من الدستور على النحو الذي تم بيانه أعلاه، ولما ألزم به الدستور، في الفصل 37 منه، سائر المواطنات والمواطنين، وأطراف علاقات الشغل من بينهم، من ” التقيد بالقانون”، و”ممارسة الحقوق…التي يكفلها الدستور بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات.”؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المادة 10 ليس فيها ما يخالف الدستور؛
فيما يتعلق بالباب الثاني:
حيث إن هذا الباب يتعلق بشروط ومسطرة ممارسة حق الإضراب ويشمل ثلاثة فروع، يتناول الأول منها، شروط ممارسة حق الإضراب ويتضمن المواد من 11 إلى 13، والثاني يتعلق بمسطرة ممارسة حق الإضراب ويتضمن المواد من 14 إلى 20، ويهم الثالث المرافق الحيوية ويتضمن المادتين 21 و22؛
في شأن المادة 11:
حيث إن هذه المادة تنص على أحكام تحدد الجهة الداعية إلى الإضراب، على الصعيد الوطني وعلى صعيد المرفق العمومي وعلى صعيد المقاولة أو المؤسسة بالقطاع الخاص وبالنسبة للمهنيين والعاملات والعمال المنزليين، حسب الحالة، وعلى وجوب اتخاذ قرار الدعوة إلى الإضراب من قبل الجهاز المخول له ذلك في المنظمات النقابية وعلى لجنة الإضراب وفق ما هو مبين في المادة 12 من القانون التنظيمي المحال؛
وحيث إن اشتراط التمثيلية كمعيار لتحديد الجهة الداعية للإضراب، له سند في مبدأ التعددية النقابية، المستفاد من تنصيص الدستور على المنظمات النقابية بصيغة الجمع، وفي تنصيص مطلع الفقرة الأولى من الفصل 8 من الدستور على أن المنظمات النقابية للأجراء “تساهم” في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، كما أن الصيغة المعروضة لم تحل بين العاملين وممارسة حقهم في الإضراب على صعيد المقاولة أو المؤسسة بالقطاع الخاص، في حالة عدم وجود منظمة أكثر تمثيلا على صعيد المقاولة أو المؤسسة المعنية، ومددت نطاق ضمان ممارسة حق الإضراب إلى المهنيين والعاملات والعمال المنزليين، مما يندرج ضمن إنفاذ الفقرة الأخيرة من الفصل 29 من الدستور؛
وحيث إن إسناد اتخاذ قرار الدعوة إلى الإضراب إلى الجهاز المخول له ذلك في المنظمات النقابية، إنما يتم عملا بأحكام الفقرة الثانية من الفصل 8 من الدستور التي تنص على أنه: “يجب أن تكون هياكل هذه المنظمات (النقابية) وتسييرها مطابقة للمبادئ الديمقراطية.”؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المادة 11 ليس فيها ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 12:
حيث إن هذه المادة تنص على تحديد كيفيات الدعوة إلى الإضراب في المقاولة أو المؤسسة بالقطاع الخاص، وكيفيات الدعوة إلى الإضراب من قبل لجنة الإضراب، في حالة عدم وجود منظمة نقابية على صعيد المقاولة أو المؤسسة، والنصاب المتطلب لصحة محضر موافقة أجراء المقاولة أو المؤسسة على اتخاذ قرار الدعوة إلى الإضراب في هذه الحالة، وتحديد العدد الأقصى لأعضاء لجنة الإضراب، وشروط صحة عقد الجمع العام على صعيد المقاولة أو المؤسسة المعنية لإقرار صحة المحضر المذكور، وعلى أنه : “يحدد نص تنظيمي كيفيات تطبيق أحكام هذه المادة.”؛
وحيث إن شروط صحة محضر الموافقة على اتخاذ قرار الدعوة إلى الإضراب، وكذا الأنصبة المتطلبة لاتخاذ القرار المذكور، وتحديد العدد الأقصى لأعضاء لجنة الإضراب، لم تنل من حق الإضراب، ولم تحطه بقيود تمس جوهره، وكفلت للعاملين، بصرف النظر عن انتمائهم النقابي من عدمه، وسيلة لحماية مصالحهم المشروعة، كما راعت التوازن المتطلب دستورا بين ممارسة هذا الحق وحرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر، وحرية العمل مما تكون معه الفقرة الأولى من هذه المادة غير مخالفة للدستور؛
وحيث إن ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من هذه المادة من إسناد كيفيات تطبيق أحكامها إلى نص تنظيمي، ليس فيه ما يخالف الدستور، شريطة ألا يستحدث النص التنظيمي أوضاعا أو كيفيات أخرى للدعوة إلى الإضراب في المقاولة أو المؤسسة بالقطاع الخاص من قبل لجنة الإضراب غير تلك المحددة في المادة المعروضة، وألا يتعدى نطاق ما أسند المشرع أمر تطبيقه في هذه المادة إلى نص تنظيمي؛
في شأن المواد 13 و14 و15:
حيث إن هذه المواد، تنص على أحكام تتعلق بتحديد آجال الدعوة للإضراب ودواعيه بخصوص الملف المطلبي والقضايا الخلافية، وعلى جواز الدعوة للإضراب مباشرة بعد إثبات الخطر الحال وعدم امتثال المشغل للإجراءات اللازمة لإبعاده أو توقيفه طبقا للتشريع الجاري به العمل، وتحديد وسائل وآجال تبليغ قرار الإضراب قبل تنفيذه والجهات التي يوجه لها التبليغ المذكور من قبل الجهات الداعية إلى الإضراب، والبيانات الواجب تضمينها في قرار الإضراب؛
وحيث إن الدستور، لما أسند لقانون تنظيمي، تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، فإنه خول للمشرع إيراد قيود تشريعية على ممارسة هذا الحق، ويعود إلى المحكمة الدستورية مراقبة ضرورتها وتناسبها، ومدى مطابقتها للدستور من الناحيتين الإجرائية والموضوعية؛
وحيث إن اعتماد نهج المفاوضة الجماعية، والبحث عن سبل تسوية القضايا الخلافية، وإمكانية لجوء أطراف علاقة الشغل لمسطرة محاولة التصالح، قبل اللجوء للإضراب، يجد سنده في أحكام الفقرتين الأولى والثالثة من الفصل 8 من الدستور، والفقرة الثالثة من الفصل 35 منه، ومن روح المسؤولية والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات وفقا لأحكام الفصل 37 منه كذلك، وفي مبدأ استمرارية المرافق العمومية في أداء خدماتها المقرر بمقتضى أحكام الفقرة الأولى من الفصل 154 من الدستور؛
وحيث إن أولوية وجوب دفع الخطر الحال الذي يهدد صحة وسلامة الأجراء بالمقاولة أو المؤسسة بالقطاع الخاص، يعد سببا مشروعا للدعوة إلى الإضراب مباشرة بعد إثباته، وعدم امتثال المشغل للإجراءات اللازمة لإبعاده أو توقيفه، طبقا للتشريع الجاري به العمل، إذ أن حق الأجراء في سلامتهم الشخصية، حق أساسي يكفله الدستور، وهو المستفاد من أحكام الفقرة الأولى من الفصل 21 منه؛
وحيث إن مناط تحديد آجال الدعوة إلى الإضراب من قبل الجهة الداعية إليه، يتوقف على ضمان سبل اللجوء إلى المفاوضة الجماعية، والبحث عن سبل تسوية القضايا الخلافية، وإمكانية لجوء أطراف علاقة الشغل لمسطرة محاولة التصالح، من وجه، وعلى ضمان الأثر المنتج لممارسة هذا الحق، وتحقيق جوهره، المتمثل في “الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح الاجتماعية أو الاقتصادية أو المهنية أو المعنوية والمرتبطة بظروف العمل أو بممارسة المهنة” (المادة 2 من القانون التنظيمي المحال)، من وجه آخر، مما يندرج في تحقيق غاية تمتع الأجراء بمقومات العيش الكريم، المستفادة من الفقرة الأولى من تصدير الدستور، وهو ما تقيد به المشرع في المادة المعروضة؛
وحيث إن المشرع، بتحديد آجال التبليغ بقرار الإضراب، قبل الشروع في تنفيذه، حسب نطاقه القطاعي والترابي، والتنصيص على فورية التبليغ في حالة الإضراب المبرر بوجود الخطر الحال، وكذا تحديد البيانات الواجبة التضمين في قرار الإضراب، يكون قد تقيد في الصيغة المعروضة، بالطابع التصريحي للتبليغ بالقرار، مما لا يشكل قيودا إجرائية غير متناسبة أو ماسة بجوهر الحق، فضلا عن اتساقها مع الالتزامات والمبادئ الدستورية، المقررة بمقتضى الفقرة الثالثة من الفصل 8، والفقرة الأخيرة من الفصل 21 من الدستور والفقرة الثالثة من الفصل 35 منه، والفقرة الأولى من الفصل 154 منه أيضا بصفة خاصة؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المواد 13 و14 و15 ليس فيها ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 16:
حيث إن هذه المادة، تنص على إسناد مهام أخرى محددة إلى الجهة الداعية للإضراب تتمثل في تأطير المضربين، والسهر باتفاق مع المقاولة أو المؤسسة أو المرفق العمومي المعني على تحديد الأنشطة الضرورية لتفادي الأضرار المشار إليها في البند (ب) من المادة 16 المعروضة، وضمان حفظ الصحة والسلامة المهنية، وعلى تولي قاضي المستعجلات تحديد الأنشطة الضرورية وتعيين العمال المكلفين بإنجازها في حالة عدم الاتفاق بين الأطراف المعنية على ذلك، وعلى عدم جواز ممارسة الإضراب إلا بعد صدور أمر قاضي المستعجلات طبقا للتشريع الجاري به العمل، وعلى جواز قيام المرفق العمومي أو المقاولة أو المؤسسة بإحلال عمال أو أشخاص آخرين لتقديم الأنشطة الضرورية خلال سريان الإضراب، في حالة رفض العمال المكلفين القيام بذلك؛
وحيث إن مهمة تأطير المضربين، تعد مندرجة، متى كانت الجهة الداعية للإضراب منظمة نقابية، ضمن ما أسند لها من مهام بمقتضى الفقرة الأولى من الفصل 8 من الدستور، كما تعد، بالنسبة للجنة الإضراب، صورة من صور تلازم ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات، عملا بأحكام الفصل 37 من الدستور؛
وحيث إن الحفاظ على مقدرات المقاولة أو المؤسسة أو المرفق العمومي، وعلى الصحة والسلامة المهنية، أمران موكولان إلى أطراف علاقة الشغل على حد سواء، كل حسب مركزه القانوني، وهو المستفاد – علاقة بالمقتضى المعروض- من أحكام الفقرة الأولى من الفصل 21 من الدستور، ومن متطلبات استمرارية المرافق العمومية المقررة بمقتضى أحكام الفقرة الأولى من الفصل 154 منه؛
وحيث إن إسناد أمر تحديد الأنشطة الضرورية للحفاظ على المقدرات المشار إليها، وتعيين العمال المكلفين بإنجازها إلى قاضي المستعجلات، في حالة عدم اتفاق الأطراف المعنية بالإضراب على ذلك، وتمكينهم جميعا من تقديم طلب له بهذا الخصوص، وعدم جواز ممارسة الإضراب إلا بعد صدور أمر قاضي المستعجلات، يندرج ضمن ما أولاه الدستور، طبقا للفصل 117 منه، للقاضي من حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم، بصفة خاصة؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المادة 16 ليس فيها ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 17:
حيث إن هذه المادة تنص على جواز إلغاء الإضراب أو توقيفه مؤقتا أو إنهائه، من قبل الجهة الداعية إليه، وعلى جواز اتفاق الأطراف المعنية، على توقيف الإضراب مؤقتا أو بصورة نهائية، وعلى إمكانية استئناف الإضراب بعد توقيفه مؤقتا لمدة معينة إذا تعلق الأمر بنفس دواعي الإضراب، دون التقيد بالأجل المنصوص عليه في المادة 14 من القانون التنظيمي المحال، إذا لم يترتب عن المفاوضات أي اتفاق داخل الأجل المحدد في هذا القانون التنظيمي، وجواز أن تطلب الجهة الداعية للإضراب، في حالة عرقلة ممارسته، من قاضي المستعجلات لاستصدار أمر قضائي من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لوقف هذه العرقلة، وعلى عدم جواز الدعوة إلى إضراب جديد خلال مدة معينة حددها القانون التنظيمي المحال، دفاعا عن نفس المطالب التي تمت الاستجابة لها، واتفق الأطراف على إلغائه أو إنهائه لهذا السبب، شريطة احترام الالتزامات المضمنة في الاتفاق؛
وحيث إن سلوك سبيل المفاوضة الجماعية، قبل حدوث الإضراب، وأثناءه وبعده، يجد سنده في الدستور الذي تتعاضد فيه أحكام الفقرة الثالثة من الفصل 8 والفقرة الأخيرة من الفصل 29 منه؛
وحيث إنه فضلا عن ذلك، فإن إنفاذ الالتزام الإيجابي للسلطات العمومية بالتشجيع على المفاوضة الجماعية، يمكن أن يرد في صورة مقتضيات قانونية، تندرج، كما هو الحال في القانون التنظيمي المحال، ضمن نطاق شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب؛
وحيث إن التنصيص على إمكانية توقيف الإضراب مؤقتا أو نهائيا خلال مدة محددة، لم يطل جوهر الحق ولم يجرده من خصائصه ولم يقيد من آثاره، ما دام مترتبا عن اتفاق بشأن المطالب موضوع الإضراب، ومتوقفا على شرط احترام الاتفاق، وإسناد النظر في عرقلة ممارسة الإضراب، إلى قاضي المستعجلات، بطلب من الجهة الداعية للإضراب، يجد سنده في أحكام الدستور التي سبق بيانها؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المادة 17 ليس فيها ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 18:
حيث إن هذه المادة، تنص على منع الإغلاق الكلي أو الجزئي للمقاولة أو المؤسسة في القطاع الخاص خلال مدة سريان الإضراب، وعلى أنه يجوز للمقاولة أو المؤسسة في القطاع الخاص في حالة عرقلة حرية العمل أو إلحاق أضرار بالممتلكات لاسيما منها التجهيزات أو الآلات أو المواد الأولية أو السلع أو البضائع، أو عدم مراعاة تدابير حفظ الصحة والسلامة المهنية، تقديم طلب إلى قاضي المستعجلات لاستصدار أمر قضائي من أجل اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لحماية الممتلكات وحفظ الصحة والسلامة المهنية، أو الإغلاق الجزئي أو الكلي المؤقت بالنسبة للمقاولة أو المؤسسة مع مراعاة حقوق الأجراء غير المضربين، وعلى أنه، يمكن لقاضي المستعجلات بالمحكمة المختصة، في الحالات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة، بطلب من المقاولة أو المؤسسة، أن يأمر باتخاذ جميع التدابير اللازمة للحيلولة دون عرقلة حرية العمل، بما في ذلك وقف الإضراب؛
وحيث إن أحكام هذه المادة، وازنت في صيغتها المعروضة بين متطلبات ضمان الأثر المنتج لممارسة حق الإضراب والمتمثل في النهوض بالحقوق والمصالح الاقتصادية والاجتماعية للعاملين والمهنيين، وبين الحماية القضائية الوقائية واللازمة لضمان حرية العمل وحماية الممتلكات وحفظ الصحة والسلامة المهنية وحقوق الأجراء غير المضربين، وهي كلها حقوق وحريات ومتطلبات لها سند في أحكام الدستور التي سبق بيانها، ولا يتعين أن يؤدي التشريع فيها إلى إنفاذ أو ممارسة بعضها على حساب البعض الآخر؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المادة 18 ليس فيها ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 19:
حيث إن هذه المادة تنص على أنه: “يمكن لرئيس الحكومة، في حالة حدوث آفات أو كوارث طبيعية أو أزمة وطنية حادة التي من شأنها المساس بالنظام العام وحقوق المواطنين، أن يأمر بصفة استثنائية، بمنع الإضراب أو وقفه لمدة محددة بموجب قرار معلل.”؛
وحيث إن المشرع، لئن لم يحدد ما يراد في مدلول هذا القانون التنظيمي بحدوث آفات وكوارث طبيعية وأزمة وطنية حادة، فإن ما تتيحه هذه المادة لرئيس الحكومة للأمر بمنع الإضراب أو وقفه، يجب أن يبقى منحصرا في حدود ما تقتضيه الضرورة وألا يتجاوز القدر الذي يتناسب مع متطلبات درء ما يترتب بالتأكيد عن هذه الوضعيات من آثار، أي من مساس بالنظام العام وحقوق المواطنين، ولا سيما ما يهدد حقوق الأفراد في سلامة أشخاصهم، وأقربائهم وممتلكاتهم، المكفولة بمقتضى الفقرة الأولى من الفصل 21 من الدستور؛
وحيث إن الامكانية التي تتيحها هذه المادة لرئيس الحكومة، للأمر بمنع الإضراب أو وقفه، تظل ذات طبيعة استثنائية، ومحددة في الزمن، ومقيدة باتخاذها في شكل قرار معلل، مما تبقى معه محاطة بضمانات الانتصاف القضائي المقررة قانونا؛
وحيث إنه، فضلا عن ذلك، فإن ما خول لرئيس الحكومة من صلاحية بمقتضى المادة المعروضة، له سند في الدستور الذي أوجبت الفقرة الأخيرة من الفصل 21 منه، بصفة خاصة، على السلطات العمومية، ضمان “سلامة السكان، …في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع.”؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المادة 19 ليس فيها ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 20:
حيث إن المادة 20 من القانون التنظيمي المحال، نصت على تخويل السلطات المحلية المختصة، إمكانية اتخاذ التدابير اللازمة لضمان استمرار نشاط المقاولة أو المؤسسة أو المهنة أو المرفق العمومي، في حالة ما إذا أثرت ممارسة حق الإضراب على تزويد السوق وعلى الأنشطة الضرورية اللازمة لحماية حياة المواطنين أو أمنهم أو صحتهم أو سلامتهم، على مسؤولية ونفقة الجهة التي تم ضمان استمرار نشاطها خلال مدة سريان الإضراب، كما نصت على تخويل السلطات العمومية المعنية، خلال مدة سريان الإضراب، اتخاذ تدابير حفظ النظام وحماية الأشخاص والأموال والممتلكات على النحو الذي ورد في المادة المعروضة، وعلى إمكانية لجوء السلطات العمومية إلى قاضي المستعجلات بالمحكمة المختصة من أجل استصدار أمر قضائي بوقف أو توقيف الإضراب مؤقتا في حال ما إذا كانت ممارسته ستؤدي إلى تهديد النظام العام أو وقف تقديم الحد الأدنى من الخدمة؛
وحيث إن الدستور، لما أسند للمشرع تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب بقانون تنظيمي، فإن ما خوّله من سلطة تقديرية بهذا الخصوص يظل في جميع الأحوال، محكوما بضوابط، منها ألا يترتب عن التشريع في تنظيم ممارسة الحق ما ينال منه، أو يقلص من محتواه، أو يجرده من خصائصه، أو يقيد من آثاره، إلا لضرورة مبررة ومشروعة وبالقدر الذي يتناسب معها، وأن يتيح التشريع سبل الانتصاف القضائي لذوي الحق المعني، وألا يؤدي هذا التشريع إلى ترجيح حق على حقوق أو مصالح عامة على أخرى، مما يكون معه المشرع مقيدا بمتطلبات الموازنة بين حقوق كفلها الدستور، أو مبادئ وأهداف نصت عليها أحكامه، حسب الحالة؛
وحيث إن ما خولته المادة 20 من القانون التنظيمي المحال للسلطات المحلية المختصة أو السلطات العمومية المعنية، مبرر بما أناطه بها الدستور من وجوب ضمان “سلامة السكان” (الفقرة الأخيرة من الفصل 21 من الدستور)، وبحق كل فرد “في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته” (الفقرة الأولى من الفصل 21 من الدستور)، ولم يتجاوز قدر الضرورة، وأتى متناسبا مع الغاية منه، ووازن بين حق الإضراب وحرية العمل؛
وحيث إن المشرع بإقراره إمكانية لجوء السلطات العمومية المعنية إلى قاضي المستعجلات بالمحكمة المختصة، لاستصدار أمر قضائي بوقف أو توقيف الإضراب مؤقتا، في الحالة المنصوص عليها في هذه المادة، يكون قد أحاط هذه الوضعية بضمانات الانتصاف القضائي، ولم يضع قيدا غير متناسب على ممارسة حق الإضراب في المادة المذكورة؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المادة 20 ليس فيها يخالف الدستور؛
في شأن المادة 21:
حيث إن المادة 21 أوجبت توفير حد أدنى من الخدمة بمرافق حيوية محددة، شرطا لممارسة حق الإضراب بها، وأسندت إلى نص تنظيمي، يتخذ باستشارة المنظمات المهنية والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا، تحديد الحد الأدنى من الخدمة الواجب ضمانه في المرافق الحيوية المذكورة، ونصت على أحكام تتعلق بتحديد لائحة العمال المكلفين بتوفير الحد الأدنى من الخدمة، من بين المضربين، إما في إطار اتفاقي أو قضائي، ونظمت ما يترتب من آثار عن حالة رفض العمال المكلفين بتوفير الحد الأدنى من الخدمة المسندة إليهم في المرافق الحيوية، واتخاذ التدابير اللازمة من أجل تأمين استمرارية المرافق الحيوية؛
وحيث إن تحديد لائحة هذه المرافق الحيوية في القانون التنظيمي المحال والتي يشترط فيها توفير حد أدنى من الخدمة، يجد سندا له في الدستور، إما بارتباط هذه المرافق حسب الحالة، بحقوق وبحريات يكفلها الدستور، أو بالتزامات يقرها؛
وحيث إن تحديد هذه المرافق الحيوية، والكيفيات المتعلقة بذلك، جاء موازنا بين حق الإضراب المضمون دستورا وبين ما أوجبه الفصل 37 من الدستور على جميع المواطنات والمواطنين، والعاملين والمهنيين والمشغلين من بينهم، من “ممارسة الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات.”؛
وحيث إن المشرع، لئن أسند لنص تنظيمي تحديد الحد الأدنى من الخدمة الواجب ضمانه في المرافق الحيوية، فإنه اشترط أن يتخذ هذا النص بعد استشارة المنظمات المهنية والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا، مراعاة للأدوار الموكولة بموجب الفقرة الأولى من الفصل 8 من الدستور للمنظمات النقابية للأجراء والمنظمات المهنية للمشغلين، فضلا عن أن القانون التنظيمي المحال تضمن لائحة بالمرافق الحيوية المعنية، وبالأحكام المرتبطة بأداء الحد الأدنى للخدمة؛
وحيث إن ما نصت عليه الفقرة الخامسة من هذه المادة، من تطبيق أحكام الاتفاق بين الجهة الداعية للإضراب والمرفق العمومي، مع إمكانية اللجوء، في حالة عدم الاتفاق، إلى الإحلال أو إلى التدابير المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من هذه المادة، يجد سنده في متطلبات استمرارية المرافق العمومية في أداء الخدمات، طبقا للفصل 154 من الدستور؛
وحيث إن المشرع بإقراره إمكانية استصدار أمر قضائي بتحديد لائحة العمال المكلفين بتوفير الحد الأدنى من الخدمة الواجب تأمينها، وعدم جواز ممارسة الإضراب إلا بعد صدور أمر قاضي المستعجلات في هذه الحالة الأخيرة، وإمكانية إحلال عمال أو أشخاص لتوفير الحد الأدنى من الخدمة في حالة رفض العمال، المسند إليهم ذلك، توفيرها خلال مدة سريان الإضراب، وتمكين السلطات العمومية المعنية من اللجوء إلى التدابير اللازمة، إذا تعذر الإحلال، يكون قد أحاط هذه الوضعيات بضمانات الانتصاف القضائي، ولم يضع قيدا غير متناسب على ممارسة حق الإضراب؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المادة 21 ليس فيها ما يخالف الدستور؛
فيما يتعلق بالباب الثالث:
حيث إن هذا الباب يتعلق بالجزاءات ويتضمن المواد من 23 إلى 31؛
في شأن أحكام المواد من 23 إلى 30:
حيث إن هذه المواد نصت بالتتابع، على أنه: “علاوة على العقوبات المنصوص عليها في هذا الباب، يعتبر في حالة تغيب عن العمل بصفة غير مشروعة، كل عامل مارس الإضراب، دون التـقيد بالإجـراءات الـمنصوص علـيها فـي هـذا الـقانون التنـظيمي أو شارك في إضراب غير مشروع، وتطبق في حقه، عند الاقتضاء، العقوبات التأديبية المنصوص عليها في النصوص التشريعية والأنظمة الخاصة بالعمال الجاري بها العمل. “، وعلى أنه يُعاقب بغرامة على مخالفة الأحكام المتعلقة بمنع كل فعل يؤدي إلى عرقلة ممارسة حق الإضراب، وبمنع نقل أو ترحيل آليات وأجهزة وباقي وسائل عمل المقاولة أو المؤسسة كلا أو بعضا خلال مدة سريان الإضراب، وبمنع الإغلاق الكلي أو الجزئي للمقاولة أو المؤسسة في القطاع الخاص خلال مدة سريانه، وبمنع إحلال محل العمال المضربين عمالا أو أشخاصا آخرين، لا تربطهم أي علاقة، بالمقاولة أو المؤسسة أو بالمرفق العمومي، لها صلة بالنشاط أو بالخدمة المقدمة، قبل تاريخ تبليغ قرار الإضراب، وذلك خلال مدة سريان الإضراب، مع مراعاة أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 16 والفقرتين السادسة والأخيرة من المادة 21 من القانون التنظيمي المحال، وتضاعف الغرامة بعدد العمال الذين تم إحلال عمال أو أشخاص آخرين مكانهم، في حدود سقف للغرامة المذكورة قرره القانون التنظيمي المحال؛ كما يُعاقب بغرامة على مخالفة الأحكام المتعلقة بمنع اتخاذ أي إجراء تمييزي في حق العمال أو المهنيين بسبب ممارستهم حق الإضراب، من شأنه خرق مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والمساس بالضمانات الممنوحة لهم والمتعلقة على الخصوص بحقوقهم ووضعياتهم ومسارهم المهني؛ وبعدم اعتبار الإضراب الذي يمارس وفق أحكام القانون التنظيمي المحال من المبررات المقبولة لاتخاذ العقوبات التأديبية أو للفصل من العمل أو العزل في حق العمال المضربين، تحت طائلة مضاعفة الغرامة بعدد العمال الذين لم تراع في حقهم أحكام الفقرتين الأولى والثانية من المادة 9 من القانون التنظيمي المحال في حدود سقف للغرامة المذكورة قرره هذا الأخير، ويُعاقب بغرامة على مخالفة الأحكام المتعلقة بمنع كل فعل يؤدي إلى عرقلة حرية العمل أو احتلال أماكن العمل أثناء ممارسة حق الإضراب، ما لم تكن عرقلة حرية العمل مقترنة بأفعال مجرمة قانونا، وعلى رفض القيام بالأنشطة الضرورية التي كلف بتقديمها خلافا لأحكام البند «ب» من الفقرة الأولى من المادة 16 من القانون التنظيمي المحال، أو رفض توفير الحد الأدنى من الخدمة التي كلف بها خلافا لأحكام المادة 21 منه، وعلى الدعوة إلى ممارسة حق الإضراب دون التقيد بأحكام المواد 11 و13 و14 والفقرة الأخيرة من المادة 17 من القانون التنظيمي المحال، وهي أحكام تتعلق بشروط ومسطرة ممارسة حق الإضراب، كما نصت على أنه لا يطبق الإكراه البدني على الأفعال المنصوص عليها في باب الجزاءات في حالة العجز عن الأداء المثبت بالوسائل المقررة قانونا؛ وعلى أنه ” في حالة العود، تضاعف العقوبة.”؛
وحيث إنه، لئن كان الدستور يحصر مجال القانون التنظيمي المحال في تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، فإن التقيد بهذه الشروط والكيفيات، وبمسطرة ممارسة هذا الحق ونطاق تطبيقه، قد لا يتحقق، إن خلا هذا القانون التنظيمي من جزاءات تطبق على المخاطبين بأحكامه، عند عدم الالتزام بها، مما يجعل هذه الجزاءات، تكتسي صبغة قانون تنظيمي، ومتصلة من حيث الموضوع بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب؛
وحيث إنه، يبين من فحص أحكام المواد المعروضة، أنها استوفت شرط تحديد الأركان المادية لمخالفات أحكام القانون التنظيمي المحال، كما أتت العقوبات المقررة متوازنة من حيث أثرها تبعا للمركز القانوني لمرتكبيها من أطراف علاقـات الشغل المخاطبين بأحكامه؛
وراعت تبعا لذلك، معيار التناسب بين طبيعة المخالفة والعقوبة، ولا يشوبها أي غلو في التقدير، ولم تضع قيدا يمس حق الإضراب في جوهره، ولم تخل أيضا بحماية حرية المبادرة والمقاولة التي تضمنها الدولة، ووازنت بين ممارسة الحقوق والنهوض بأداء الواجبات على النحو المقرر في الفصلين 35 (الفقرة الثالثة) و37 من الدستور؛
وحيث إنه تبعا لذلك، فإن أحكام المواد من 23 إلى 30 ليس فيها ما يخالف الدستور؛
فيما يتعلق بالباب الرابع:
حيث إن هذا الباب يتعلق بأحكام ختامية ويتضمن المادتين 32 و33؛
في شأن المادة 32:
حيث إن هذه المادة تنص على أنه: “تعتبر الآجال المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي آجالا كاملة، لا يحتسب فيها اليوم الأول واليوم الأخير”؛
وحيث إن احتساب الأجل الكامل، طبقا للقواعد العامة للتقاضي، يستثنى منه اليومان الأول والأخير، كما جاء في المادة المذكورة، وتضاف إليها الحالة التي يصادف فيها اليوم الأخير للأجل يوم عطلة، إذ يمتد الأجل عندئذ إلى أول يوم عمل؛
وحيث إنه، مع مراعاة هذا التفسير للآجال الكاملة، فإن المادة 32 ليس فيها ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 33:
حيث إن هذه المادة نصت على أنه: ” يدخل هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ بعد انصرام أجل ستة أشهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، وينسخ ابتداء من التاريخ نفسه جميع الأحكام المخالفة”؛
وحيث إنه، يجوز للمشرع، استثناء من قاعدة الأثر الفوري للقانون، أن يرجئ نفاذ أحكام تشريعية إلى تاريخ آخر يحدده، وذلك لوضع الترتيبات الضرورية لتنفيذه؛
وحيث إن تحديد تاريخ دخول أحكام هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ، المندرج في إطار السلطة التقديرية للمشرع، يجب أن يظل محكوما بقاعدة التناسب ما بين المدة الزمنية للإرجاء وما يقتضيه إنفاذ شروط وكيفيات مستجدة لممارسة حق يكفله الدستور؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإن المادة 33 ليس فيها ما يخالف الدستور؛
وحيث إن المواد 4 و7 و22 و31 لا تثير أي ملاحظة من طرف هذه المحكمة، وليس فيها ما يخالف الدستور؛