طنجة أصيلةسلايدر الرئيسية
طنجة..كتاب جديد يعيد ملف الاختفاء القسري إلى الواجهة بالمغرب بعد عقدين من تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة
بعد مرور أكثر من عقدين على انطلاق تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، يعود ملف الاختفاء القسري إلى دائرة النقاش العمومي من خلال إصدار أكاديمي جديد يحمل عنوان “الاختفاء القسري والعدالة الانتقالية بالمغرب: آلية مقاربة لمعالجة ملف الاختفاء القسري”، للدكتور المصطفى بوجعبوط.
تم تقديم الكتاب اليوم السبت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء، من بينهم عبد القادر مساعد، منسق ماستر حقوق الإنسان والتقاضي الدولي، ومحمد النشناش، عضو هيئة الإنصاف والمصالحة، وعبد الله أبو إياد، أستاذ التعليم العالي بالمعهد الملكي لتكوين الأطر بالرباط، بالإضافة إلى المصطفى بوجعبوط، مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية، وأمين أعزان، أستاذ بكلية الحقوق بطنجة.
يرصد الكتاب مسار العدالة الانتقالية في المغرب، مستعرضاً تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة ومسلطاً الضوء على الأسئلة العالقة بشأن استكمال معالجة هذا الملف. كما يتناول قضايا اجتماعية وسياسية معقدة، خاصة تلك المرتبطة بتجارب المختفين قسرياً، الذين تراوحت فترات اختفائهم بين سنة و15 سنة، ودور المعتقلين السابقين في توثيق هذه المرحلة الحساسة من تاريخ المغرب.
يعتمد الكتاب على خمس مقاربات رئيسية: الجانب القانوني، ودراسات مقارنة حول تجارب العدالة الانتقالية في دول أخرى، بالإضافة إلى تحليلات أكاديمية لروايات وشهادات الضحايا، ومراجعة تقارير المؤسسات الحقوقية الرسمية، مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
يولي العمل اهتماماً خاصاً بضحايا معتقل تازمامارت، حيث يعرض شهادات حول الظروف القاسية التي عاشوها، ويتتبع ملفات لا تزال مفتوحة، تقدر بـ66 حالة لم يُكشف عن مصيرها بعد. كما يناقش الكتاب أحداث سنوات 1981، 1984، و1990 التي سجلت خلالها حالات متعددة من الاختفاء القسري، لا تزال آثارها حاضرة في ذاكرة العديد من العائلات المغربية.
ومن بين القضايا التي يطرحها الكتاب، مسألة جرد الأضرار التي لحقت بالمعتقلين بعد الإفراج عنهم، ومدى تجاوب الدولة مع مطالبهم. وفي هذا الصدد، يقترح المؤلف مجموعة من التوصيات لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات، من بينها تفعيل دور هيئة الإنصاف والمصالحة بشكل مستدام، ووضع إطار قانوني شامل لتعويض الضحايا، وإنشاء نصب تذكارية وإعادة تسمية الشوارع والمدارس تكريماً لهم.
كما يدعو إلى تمكين عائلات الضحايا من إجراء تحاليل جينية لاستعادة رفات ذويهم وإنشاء بنك معلومات يوثق جميع الحالات، فضلاً عن إصدار تقارير رسمية محدثة تقدم معطيات دقيقة حول أسباب وظروف كل حالة اختفاء قسري.
يشدد الكتاب أيضاً على أهمية إشراك المجتمع المدني في متابعة هذا الملف، سواء من خلال مواكبة أوضاع الضحايا وعائلاتهم أو عبر فتح نقاش وطني واسع حول مستقبل العدالة الانتقالية في المغرب، ومدى التقدم الذي تم إحرازه خلال العقدين الماضيين.