سلايدر الرئيسيةسياسة

الوزير بركة يعترف باستنزاف بعض الزراعات للمياه.. هل يشكل ذلك إقرارًا حكوميًا بفشل سياسة أخنوش الفلاحية؟

في تصريح لافت، كشف نزار بركة وزير التجهيز والماء، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب ، أن نسبة استغلال القطاع الفلاحي للموارد المائية انخفضت من 85% إلى 55%، وهو ما يطرح تساؤلات عميقة حول مدى تأثير الفلاحة على أزمة المياه التي تواجهها البلاد، ومدى صحة الاتهامات التي وجهت سابقًا للمعارضة عندما أثارت هذه الإشكالية.

لسنوات، ظل الجدل قائمًا حول الدور الذي تلعبه الفلاحة في استنزاف الموارد المائية، حيث أكدت المعارضة مرارًا أن السياسات الفلاحية المتبعة، خاصة في ظل تشجيع الزراعات المستنزفة للمياه مثل الأفوكادو والبطيخ الأحمر، كانت سببًا رئيسيًا في تفاقم الأزمة المائية. لكن بدل الاعتراف بالمشكلة، كان الرد الرسمي في كثير من الأحيان هو التقليل من خطورة الوضع واتهام المعارضين بالمزايدات السياسية.

واليوم، يأتي تصريح وزير التجهيز والماء ليؤكد أن ما كان يقال بالأمس “مزايدة سياسية”، أصبح اليوم حقيقة تقر بها الحكومة. فهل يعني ذلك أن المعارضة كانت على حق؟ أم أن هناك تغيرًا حقيقيًا في الرؤية الحكومية لملف تدبير المياه؟

التصريح الأخير يضع الحكومة الحالية أمام إشكالية حقيقية: إذا كان القطاع الفلاحي قد تسبب فعلًا في استنزاف الموارد المائية بهذه النسبة المهولة، فمن المسؤول عن ذلك؟ هل كانت هناك رؤية استراتيجية واضحة لتدبير هذا المورد الحيوي؟

بعض المراقبين يرون أن هذا التصريح قد يكون إشارة ضمنية إلى مراجعة السياسات الفلاحية السابقة، والتي كان يقودها رئيس الحكومة الحالية لسنوات عدة. فهل يعني ذلك أن وزير التجهيز والماء يمارس نوعًا من “المزايدة” على سياسات رئيس الحكومة الحالي، الذي سبق أن كان وزيرًا للفلاحة لسنوات طويلة؟ أم أنه ببساطة يكشف واقعًا فرضه تراجع الموارد المائية وتغير الأولويات؟

الحديث عن تقليص الفلاحة لاستهلاك المياه من 85% إلى 55% يطرح أسئلة أخرى: ما هي المعايير التي تم اعتمادها لقياس هذا التراجع؟ هل يعود الانخفاض إلى سياسات ناجحة في التدبير، أم أنه نتيجة طبيعية لسنوات الجفاف وتراجع حقينة السدود؟ هل تم تقليص الزراعات المستنزفة فعلًا، أم أن الفلاحة لا تزال تستهلك كميات كبيرة من المياه لكن بصيغة مختلفة؟

المياه مورد استراتيجي لا يحتمل التجاذبات السياسية. اليوم، وبعد الاعتراف الرسمي بهذا الاستنزاف الكبير، ينبغي التركيز على الحلول أكثر من السجالات. المطلوب ليس فقط الإقرار بالمشكلة، ولكن تقديم سياسات واضحة، وإجراءات ملموسة، وتحولات فعلية تضمن تحقيق الأمن المائي دون الإضرار بالقطاع الفلاحي، الذي يعد أحد ركائز الاقتصاد الوطني.

يبقى السؤال الأهم: هل سيكون هذا الاعتراف مقدمة لتغيير حقيقي في السياسات المائية والفلاحية؟ أم أنه مجرد تصريح مرحلي لن يؤثر على توجهات الحكومة المستقبلية؟

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق