كوكتيل
ندوة حقوقية بالعرائش تسلط الضوء على تقييد حرية التعبير وملاحقة الصحفيين قضائيًا
بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، نظمت التنسيقية المحلية للدفاع عن حرية الإعلام والنشر بمدينة العرائش ندوة إعلامية حقوقية تحت عنوان “متابعة الصحفيين بالقانون الجنائي وتقييد حرية التعبير في المغرب”. أقيمت هذه الندوة مساء الأحد 15 دجنبر 2024 بمقر حزب العدالة والتنمية بالعرائش، بحضور نخبة من الإعلاميين والحقوقيين وممثلي المجتمع المدني، وقد شكلت الندوة منصة للنقاش حول التحديات التي يواجهها الصحفيون في ممارسة حرية التعبير.
افتتح اللقاء أشرف الطريبق، ممثل التنسيقية المحلية، بكلمة ترحيبية أكد فيها أهمية الدفاع عن حرية الصحافة، مشيرًا إلى السياق الخاص لتأسيس التنسيقية بعد متابعة الصحفي ياسين زروال قضائيًا، مما جعل هذا اللقاء فرصة لتسليط الضوء على الإشكالات المرتبطة بحرية الإعلام في المغرب. وقد تخللت الندوة مداخلات لثلاثة متحدثين رئيسيين: المحامي إبراهيم الحداد، الإعلامي سليمان الريسوني، والحقوقي محمد زهاري.
استعرض الأستاذ إبراهيم الحداد تفاصيل قضية الصحفي ياسين زروال، الذي يواجه شكاية رفعها رئيس جماعة القصر الكبير بتهمة التشهير ونشر أخبار زائفة، وفقًا لفصول من القانون الجنائي. وأوضح أن المقالات موضوع الدعوى لم تحمل اسم الصحفي نفسه، بل نُشرت ضمن سياق تغطية قضايا تهم الشأن العام المحلي، مما يثير الجدل حول مدى قانونية تكييف القضية وفق القانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر. وأكد أن هذا النهج القانوني يمثل خرقًا للضمانات التي يوفرها الدستور المغربي والتشريعات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، مشيرًا إلى أن تطبيق القانون الأصلح للمتهم هو مبدأ أساسي.
من جانبه، تناول الحقوقي محمد زهاري السياق الحقوقي الأوسع، مؤكدًا أن المغرب يشهد تضييقًا على حرية التعبير رغم التزاماته الدولية. واستعرض المواثيق الأممية التي تكفل هذا الحق، مثل المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مؤكدًا أن الدستور المغربي نفسه يضمن هذه الحقوق. وأشار إلى التناقض بين الخطاب الرسمي الذي يسعى لتحسين صورة المغرب دوليًا والواقع الذي يتميز بتراجع حرية الصحافة.
أما الصحفي سليمان الريسوني فقد ركز في مداخلته على الدور الأساسي للصحافة كوسيط بين المواطن وقضايا المجتمع. وأوضح أن الصحافة لا تسعى للتحامل على أطراف معينة، بل تعمل على نقل الحقائق وتعزيز مقومات الحكامة والعدالة. وأشار إلى التحديات التي تواجه الصحفيين بسبب سوء فهم دورهم وتأثير الصحافة كسلطة رابعة في صناعة الرأي العام. كما شدد على ضرورة استقلال القضاء، مؤكدًا أن تحويل القضايا المرتبطة بحرية التعبير إلى القانون الجنائي يشكل انتهاكًا خطيرًا للحقوق الدستورية.
في ختام اللقاء، أعرب أشرف الطريبق عن شكره للمشاركين والحضور، مشددًا على أهمية استمرار النقاش حول هذه القضية الجوهرية التي تخص جميع مكونات المجتمع. ودعا إلى تكثيف الجهود لتعزيز حرية التعبير والصحافة كجزء أساسي من حقوق الإنسان في المغرب.