قال مدير مدرسة التجارة والتسيير بطنجة المعروفة اختصارا ب ENCG، إن المؤسسة نهجت هذه السنة مقاربة استباقية من أجل التجاوب مع تحولات سوق الشغل، -والتي سيبسطها في متن هذا الحوار-، مؤكدا عزم مؤسسته إطلاق مسارات جديدة في التسويق الرقمي وإدارة المشاريع، مما يعزز عرض المدرسة في تلبية احتياجات السوق الاقتصادية بشكل أفضل.
في هذا الحوار مع صحيفة شمالي يبسط مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير أحمد مغني، أهم الإجراءات التي قامت بها المؤسسة لإنجاح الدخول الجامعي الحالي ومميزاته، وكيف يضع الإصلاح الجامعي الجديد طلبة هذه المؤسسة في صلب المنظومة التربوية وانخراطهم في سوق الشغل.
نص الحوار:
1- ما هي أبرز الإجراءات التي قامت بها المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة لإنجاح الدخول الجامعي؟
قبل الإجابة على سؤالكم، اسمحوا لي بتقديم نبذة موجزة عن المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة. يعود تأسيس المدرسة إلى سنة 1995 وتحتفل هذا العام بالذكرى الثلاثين لتأسيسها. تقع المدرسة على مساحة 6 هكتارات وتوفر بيئة تعليمية حديثة تجمع بين البنية التحتية الحديثة، الفسيفساء العربية، والمساحات الخضراء. بفضل أشغال التهيئة التي شهدها الحرم الجامعي خلال السنتين الماضيتين، أصبح بإمكان المدرسة استيعاب حوالي 3500 طالب موزعين بين أسلاك التكوين الأساسي، الماستر، التكوين المستمر، وسلك الدكتوراه.
فيما يخص الدخول الجامعي الحالي، قمنا باتخاذ عدة إجراءات لاستقبال الطلاب الجدد، سواء كانوا من حملة البكالوريا أو طلبة المدارس التحضيرية، أو المقبولين عبر نظام الجسور (passerelles). وقد ساعد أسبوع الاندماج الذي نظم بالتعاون مع جمعية طلبة المدرسة على تعريف الوافدين الجدد بمرافق الحرم الجامعي والخدمات المتاحة، والأندية الطلابية، مما يسهل اندماجهم في البيئة الجامعية.
انطلقت الدراسة في 18 سبتمبر بالنسبة للطلبة من السنة الثانية إلى السنة الخامسة، وفي 23 سبتمبر فيما يتعلق بطلبة السنة الأولى. وقد سهلت هذه الترتيبات استقبال الطلاب الجدد كما ضمنت دخولاً جامعيا سلساً لجميع الطلبة.
بالموازاة مع ذلك تم تزويد الطلبة الجدد بالبريد الإلكتروني الأكاديمي الذي يتيح لهم الوصول الفوري إلى المنصات الرقمية مثل مودل (Moodle)والبوابة الإلكترونية الخاصة بالتسجيل، التي تتيح لهم الولوج إلى جميع الخدمات البيداغوجية التي تهمهم. ومن بين المستجدات لهذا العام، إطلاق منصة Rosetta Stone ، حيث تُلزم كل طالب بمتابعة 15 ساعة دراسية في اللغات كل فصل، لتعزيز مهاراتهم اللغوية التي أصبحت أساسية في سوق الشغل .علاوة على ذلك تم وضع جدولة زمنية للدروس والأعمال التطبيقية لضمان تنظيم بيداغوجي مرن وسهل.
—
2- يتميز الدخول الجامعي 2024-2025 بدخول الإصلاح البيداغوجي الجديد حيز التنفيذ، ما هي مميزات هذا الدخول على مستوى المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة؟
تندرج الإصلاحات البيداغوجية التي تمت أجرئتها هذه السنة في إطار تنفيذ الميثاق الوطني لتسريع تحويل منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار (Pacte ESRI 2030) بهدف تحسين العرض التربوي وتعزيز الانفتاح الدولي، وضمان توافق أفضل مع متطلبات سوق الشغل.
ومن المميزات الأساسية التي جاء بها الإصلاح إدراج دبلومين إضافتين: دبلوم السنتين التحضيريتين في التجارة والتسيير(باك+2)، ودبلوم الإجازة في التجارة والتسيير (باك+3)، مما يتيح للطلبة تثمين مكتسباتهم الدراسية، مع إتاحة إعادة التوجيه إذا لزم الأمر. كما سيتم تطبيق في المسار الدراسي النظام الأوروبي لتحويل وتراكم الرصيد (ECTS) لتسهيل الحركية الأكاديمية على المستويين الوطني والدولي.
وقد أدت الإصلاحات أيضاً إلى مراجعة الهندسة البيداغوجية، حيث تم تقليص عدد المواد من 10 إلى 7 مواد لكل فصل دراسي، مما يسهل التركيز على المهارات الأساسية ويشجع التقييم المستمر. إضافة إلى الجانب الأكاديمي، تم تعزيز تعليم اللغات الأجنبية والمهارات القوة (Power-skills)، لما لها من أثار إيجابية على تدعيم قدرات التمكين لذى الطلبة.
وأخيراً، فإن التنظيم المؤسساتي للتعليم عن بُعد وتعزيز الحركية الدولية عبر برامج التبادل المزدوج يتيح للطلبة تنويع مساراتهم الدراسية وزيادة فرص توظيفهم على المستوى العالمي.
—
3 ـ كيف يضع هذا الإصلاح الطالب في صلب المنظومة التربوية ؟
بالفعل يضع هذا الإصلاح الطالب في صلب المنظومة التعليمية من خلال تخصيص المسارات الدراسية بما يلبي احتياجاته الفردية ويعزز استقلاليته. فمن خلال نظام الشهادات المرحلية واعتماد نظام الاعتراف بتراكم الأرصدة الخاصة بالوحدات الدراسية، يُمكّن الإصلاح الطلاب من التقدم بمرونة عبر مراحل التعليم المختلفة مع الاعتراف بما اكتسبوه من معارف ومهارات في كل مرحلة، مما يسمح للطالب بالانتقال بين التخصصات مع استثمار مكتسباتهم السابقة بكفاءة. بهذه الطريقة، يصبح الطالب محور العملية التعليمية، حيث يتاح له متابعة مسار تعليمي مرن وشخصي يدعم تطوره الأكاديمي والشخصي على حد سواء.
كما تم تعزيز الحركة الدولية عبر إبرام شراكات أكاديمية مع مؤسسات جامعية دولية توفر للطلاب فرصاً للحصول على شهادات مزدوجة والتبادل الأكاديمي الدولي، مما يفتح لهم آفاقاً مهنية جديدة خارج البلاد.
إن تبسيط الهيكل التدريسي ودمج المهارات السلوكية في التقييمات يوفر بيئة أكثر توافقاً مع متطلبات سوق الشغل. من ناحية أخرى، فإن نظام التقييم التراكمي يثمن الأنشطة الموازية ويعترف بالمهارات العرضية بشكل أوسع. أخيراً وليس آخراً، يوفر التعليم عن بُعد عبر منصة مودل (Moodle) مرونة أكبر للطلاب، ما يسمح لهم بتكييف دراستهم وفقاً لإيقاعهم واحتياجاتهم الشخصية.
—
4ـ أمام التحولات التي يعرفها سوق الشغل، كيف تستجيب المسالك الجديدة لحاجيات سوق الشغل لدى الشباب؟
نهجت المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة مقاربة استباقية من أجل التجاوب مع تحولات ومتطلبات سوق الشغل من خلال إطلاق سبع مسارات جديدة انطلاقاً من السنة الأكاديمية الحالية. يوفر مسار السنتين التحضيريتين أساساً قوياً في التجارة والتسيير، مما يسمح للطلاب بفهم أفضل لمتطلبات البرامج العليا.
تلبي مسارات “المالية” إضافةً إلى “تدبير الموارد البشرية” الاحتياجات المتزايدة في إدارة المخاطر، إدارة المواهب، واستراتيجيات الاستثمار. تهدف مسارات “تدبير المشتريات وسلسلة التوريد” إلى تكوين الطلبة قصد اكتساب معارف تتيح لهم إدارة سلاسل التوريد اللوجستية المعقدة في سياق العولمة المتسارعة.
يتطلع مسار “الرقابة والتدقيق والاستشارات” إلى إعداد الطلبة لمواجهة التحديات المتعلقة بالشفافية والامتثال لضوابط التدبير في الشركات، بينما يركز مسار “التسويق والعمل التجاري” على تطوير استراتيجيات البيع والتسويق الرقمي. وأخيراً، يسعى مسار “التجارة الدولية” وماستر “إدارة الموانئ والنقل متعدد الوسائط والرقمنة والأمن السيبراني” إلى تطوير مهارات في المبادلات الدولية واللوجستيات والأمن السيبراني المرتبط بالموانئ.
في العام المقبل، سيتم إطلاق مسارات جديدة في “التسويق الرقمي” و”إدارة المشاريع”، مما يعزز عرضنا لتلبية احتياجات المحيط السوسيواقتصادي بشكل أفضل.
—
5 ـ ما هي الآليات التي تم وضعها لضمان جودة المسالك الجديدة ؟
لضمان جودة المسارات الجديدة، قامت المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة بتنفيذ عدة آليات لتعزيز الانغماس المهني (immersion) وتحسين اكتساب المهارات. يشارك الطلاب، ابتداءً من السنة الأولى، في زيارات ميدانية إلى الشركات للتعرف على بيئة العمل. في السنة الرابعة، يقومون بتدريب مُعمَّق لمدة شهرين، يليه تدريب نهائي لمدة أربعة أشهر في السنة الأخيرة. تتيح هذه التدريبات للطلبة اكتساب خبرة عملية تعزز من فرص توظيفهم وادماجهم في الحياة المهنية.
وبالموازاة مع أنشطة التداريب، يتيح نظام التقييم المستمر متابعة دقيقة لتطور الطلاب، مع التركيز على المهارات السلوكية والأنشطة الموازية من خلال التقييم التراكمي. علاوة على ذلك، تنظم المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة مؤتمرات مهنية، وورشات عمل موضوعاتية، وأيام دراسية، مما يسمح للطلاب بالتفاعل المباشر مع خبراء في مجال تخصصهم.