آخر

خواطر سدراوي: أوراق الزمن المر.. أوراق الخريف المر

الدكتور عزيز السدرواي

بعد أن انتهى الجزار من سن سكينه وتجهيز كلاليبه
‏دخل الى وسط الزريبة فأدركت الخرفان بحسها الفطري أن الموت قادم لا محالة ووقع الاختيار على أحد الخراف
‏وأمسك الجزار بقرنيه يسحبه إلى خارج الزريبة
‏ولكن ذلك الكبش كان فتيا وذا بنية قوية فتجاهل الوصية رقم واحد

فإذا كانت مقاومتي لن تنفعني في هذا الموقف؛
‏فلا أعتقد أنها ستضرني و انتفض ذلك الكبش وفاجأ الجزار واستطاع أن يهرب من بين يديه ليدخل في وسط القطيع ،

‏فنجح في الإفلات من الموت الذي كان ينتظره و لم يكترث الجزار بما حدث كثيرا فالزريبة مكتظة بالخراف

فأمسك الجزار بخروف آخر وجره من رجليه وخرج به من الزريبة وكان الخروف الأخير مسالما مستسلماً ولم يبد أية مقاومة إلا صوتا خافتا يودع فيه بقية القطيع .
‏وهكذا بقيت الخراف في الزريبة تنتظر الموت واحداً بعد الآخر، بينما كان الكبش الشاب يفكر في طريقة للخروج من زريبة الموت وإخراج بقية القطيع معه و كانت الخراف تنظر إلى الخروف الشاب وهو ينطح سياج الزريبة الخشبي مندهشة من جرأته وتهوره و لم يكن ذلك الحاجز الخشبي قوياً

فقد كان الجزار يعلم أن خرافه أجبن من أن تحاول الهرب و نجح الكبش بكسر الحاجز و نادى الرفاق ليهربوا ولكنهم كانوا جميعاً يشتمونه ويلعنونه ويرتعدون خوفاً من أن يكتشف الجزار ما حدث.

‏و اجتمعوا و تحدث أفراد القطيع مع بعضهم في شأن ما اقترحه عليهم ذلك الكبش من الخروج من الزريبة والنجاة بأنفسهم من سكين الجزار

وجاء القرار النهائي بالإجماع مخيباً وليس مفاجئاً للكبش الشجاع .

و في صباح اليوم التالي جاء الجزار إلى الزريبة ليكمل عمله؛ فكانت المفاجأة أن سياج الزريبة مكسور ولكن القطيع موجود داخل الزريبة ولم يهرب منه أحد ثم كانت المفاجأة الثانية حينما رأى في وسط الزريبة خروفاً ميتاً وكان جسده مثخناً بالجراح وكأنه تعرض للنطح

نظرت الخراف بالاعتزاز والفخر بما فعلته مع ذلك الخروف(حماس) الذي حاول أن يفسد علاقة الجزار بالقطيع ويعرض حياتهم للخطر و كانت سعادة الجزار أكبر من أن توصف حتى إنه صار يحدث القطيع بكلمات الإعجاب والثناء:
‏”أيها القطيع، كم أفتخر بكم وكم يزيد احترامي لكم في كل مرة أتعامل معكم،
أيتها الخراف الجميلة، لدي خبر سعيد سيسركم جميعاً، وذلك تقديرا مني لتعاونكم منقطع النظير، أنا وبداية من هذا الصباح لن أُقْدِم على سحب أي واحد منكم إلى المسلخ بالقوة كما كنت أفعل من قبل، فقد اكتشفتُ أنني كنت قاسياً عليكم، وأن ذلك يجرح كرامتكم.
كل ما عليكم أن تفعلونه يا خرافي الأعزاء أن تنظروا إلى تلك السكين المعلقة على باب المسلخ. فإذا لم تروها معلقة فهذا يعني أنني أنتظركم داخل المسلخ، فليأت واحد بعد الآخر، وتجنبوا التزاحم”.
هذا حرفيا ما تفعله ايران الى اذنابها، حماس بداية، حزب الله الان، بشار الاتي، ثم الحوثي و الحشد.
هذا ايضا مافعلته و تفعله الجزائر بالخراف البوليزارية، الوالي السيد و البشير السيد ثم عبد العزيز و من بعدهم اليوم ابراهيم، مرورا بكل من لقي حتفه و هو مدفوع الى ان يتلقى الرصاص بدا اخرين، او اليوم بالطوارق الازواديين في مالي او النيجر، مرورا باتباعهم في ليبيا و الاخطر في تونس.
سياسة ايران كما سياسة الجزائر ، هي سياسة الجزار و الخراف، تجنيد اخرين ليدبحوا.
كانهم يقدمون قربان تقربا الى من لا ندري.
اليوم بعيدا عن الانتماء الطائفي، المذهبي ، الايديولوجي، تتصارع القوى في الشرق الاوسط و في شمال افريقيا على شيئين مهمين، طريق الذهب الجديد و خصوصا امتلاك اكبر مخزون و وضع اليد عليه من مادة اليورانيوم.
ايران مفاعلات الطرد تصل الى اربعة وعشرين تقريبا، إسرائيل تمتلك السلاح النووي، السعودية على نفس الدرب، مصر ستبدأ في تشغيل مفاعلها سنة 2025/2026، المغرب سيبدأ في تشغيل مفاعله سنة 2030، و يستخرج اليورانيوم من الفوسفات و قريبا سوف يصبح اكبر منتج عالميا، الجزائر تمتلك 29 مليون طن من اليورانيوم.
لكن الخراف تدبح و تدبَّح، و الغريب في الامر انهم اي الخراف فرحة و تقيم الاحتفالات لذلك.
الخريف من السنة الماضية حماس…
الخريف من هاته السنة حزب الله….
تتساقط الاوراق و تترك الشجر عاريا و الافاق من وراء الشجر مترامية الاطراف و كآن المستقبل بعيد……

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق