كلمة شمالي
كلمة شمالي: فصل المقال بين قرارات عَزْلِ المُنتخبِ والمُعَيَّنِ من اتصال
استفاق الشارع الطَنجي بحر الأسبوع الذي نودعه، على قرار السلطات الولائية بتوقيف في حق رئيس مقاطعة طنجة المدينة محمد الشرقاوي، و3 من نوابه، عن مزاولة مهامهم، في انتظار حسم المحكمة الإدارية بالرباط في قرار العزل الذي سلكه الوالي التازي مِسطريا بهذه الخطوة بناء التقرير الذي أعدته مفتشية وزارة الداخلية في خروقات تدبيرية من طرف المعنيين.
ولئن كانت كل خطوة مسطرية تروم تنزيل المبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة محمودة وإيجابية، خاصة أن المرحلة الانتدابية الحالية والتي هي نتاج انتخابات 8 شتنبر 2021 التي بشَّر من تصدرها بنُخب ستملأ الحياة السياسية المغربية إنجازا وإبهارا بالأداء والكفاءة والنجاعة التدبيرية على المستوى الوطني والترابي، فإن الأمر يجب أن يأخذ مداهُ أيضا في التنزيل على كافة المستويات من المسؤوليات المنتخبة منها والمُعَيَّنة على حد “المساواة” التي هي بدورها إقرار دستوري في التعامل مع الفاعلين في تدبير شؤون المغاربة.
فبعدما انتصفت المدة الانتدابية للمجالس المنتخبة الحالية وقبل سنيتن عن سبر أغوار حكومة “الكفاءات” التي لا يخرج أعضاؤها من ورطة إلا ليدخلوا في أخرى، والتي يوجد أكثر من 10 في المائة على الأقل من أعضاء مجلس الأمة إما في حالة اعتقال أو هم مشاريع لذلك، وأمام عشرات حالات العزل لرؤساء جماعات ترابية استنادًا إلى تقارير وُصفت بـ”السوداء”، أعدتها المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية على تراب المملكة، لا بد من التوقف بالتحليل لهذا الواقع بموضوعية وبمسافة واحدة أمام كل الفاعلين في التدبير العمومي سواء المنتخبين منهم أو المُعيَّنين .
فبالعودة إلى الحالة التي ابتدأنا بها هذه الكلمة والمتعلقة بقرار توقيف رئيس مقاطعة طنجة المدينة وثلاثة من نوابه، وبالنظر إلا أن هذه المقاطعة شكلت في لحظة تشكيل المجالس المنتخبة عقب نتائج الثامن من شتنبر استثناءً على السياق العام الذي حَكمَ ما بعد النتائج، والتي صُبغَت بألوان الأغلبية الحكومية الثلاثية المشكلة من الحمامة والجرار والميزان على مستوى المجالس المنتخبة، إلا أن المعارضة في هذه الوحدة التدبيرية (مقاطعة طنجة المدينة) كان لهم رأي آخر من خلال كسر التحالف الثلاثي في طنجة المدينة وترؤس المقاطعة من طرف أحزاب المعارضة.
وبالنظر إلى أن الساحة السياسية بعد تعاقب تدبير نخب ما بعد 8 شتنبر عليها، عاشت في فترة الوالي السابق محمد امهيدية على “قصة” الاستفسار التي يم يعرف المتتبعون نهاية لها، إذ كان من المفروض أن يوجه إلى رئيس أكبر مقاطعة في المغرب استفسار الذي كان محل إدانة تدبيرية وسياسية يضم خروقات واضحة كانت صحيفة شمالي من بين المنابر التي تصدت لها بالرصد والتحليل، إلا أن الرأي العام تفاجأ بطي الملف بشكل سريالي وعدم سلك المساطر القضائية فيه، مما طرح عند المتتبعبن للشأن العام المحلي سبب الانتقائية في سلك مسطرة التوقيف في حق رئيس مقاطعة دون الآخر، وأسئلة أخرى ستكون “الحكامة” في التدبير الترابي في غنى عن الإجابة عنها ؟!
ختاما، لا يمكن لعاقل أن يكون ضد سلك مسطرة التوقيف والعزل ضد من تورط في شبهات تدبيرية وفي هدر حق من حقوق الساكنة التي فوضته في تدبير شؤونها، خصوصا أن “حصاد” 8 شتنبر أعاد لنا “النَّطيحةُ وما عافَ السبع” إلى واجهة التدبير العمومي والتي من الطبيعي أن يحصل لها تورط في الفساد والافساد، إلا أن نفس العَاقِل لا يُمكنه أن يَقبلَ بعدم سلك نفس مساطر العزل والتوقيف في حق السلطات الأخرى غير المنتخبة، والتي فيها الغالب الأعم تكون أقسى عقوباتها الترحيل لفضاء أضيق ممارسة لتلك الشبهات والخروقات ولا يتم الحزم معها بالشِّدة التي نراها أمام المنتخبين!!.
صحيح أن موجة “موت السياسة” وسياسة التصفية المعنوية لمؤسسات الوساطة، خلَّفت لنا ما نعيشه من تردي في الفضاء العام ورقص على جراح الغلاء الفاحش والكوارث الطبيعية التي تقض مضجع الناس، إلا أن العدل يقتضي أيضا سلك المساطر والإجراءات في التدابير والقرارات التي تُتَّخذ أيضا من طرف سلطات ترابية أخرى في كافة المستويات، ومسؤولي الهيئات اللاممركزة والمؤسسات العمومية، والأمثلة على هذه الخروقات جليَّة وواضحة للعيان، وبرنامج “طنجة الكبرى” الضخم ليس ببعيد عنا، والذي سالت عنه أقلام وقيل في حق صفقاته الكثير واختياراته الشيء الأكبر ، والذي بدأ المواطن الطنجي يجني الثمار غير المجدية لنَخِيله؟!