كلمة شمالي
كلمة شمالي: “الهجرة الجماعية للشباب”.. هل نجني ثمار الاستثمار في اليأس؟!
في كلمة موقع شمالي السابقة أشرنا إلى إشكالية ضرب دور الوساطة السياسية التي يقوم بها الفاعلون في الحياة العامة، مع الإذعان في اضمحلال صورة المنتخبين الجماعيين عموما ومدبري الشأن العام وممثلي الأمة، والتي يعود قسم كبير من إشكالاتها كما أشرنا إلى الاختلالات التي شابت العملية الانتخابية كملمح من ملامح هذا المشهد ومنها ضرب صورة التمثيل السياسي عموما، الأمر الذي دفع إلى زيادة منسوب فقدان الثقة في العملية السياسة برمتها.
فقد تابع الرأي العام الوطني والدولي نهاية هذا الأسبوع بشمال المغرب، أن مدينة الفنيدق تأهَّبَت لاستقبال شباب المملكة من مختلف الجهات، جلهم من القاصرين الراغبين في معانقة “حُلمَ” الوصول إلى ثغر سبتة المحتل، تفاعلا مع النداءات والدعوات التي روجت لهذه المبادرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والتي تواجه بمقاربة أمنية صرفة، عوض فتح الحكومة قنوات النقاش و الحوار المباشر وغير المباشر مع هؤلاء الشباب في أسباب هذا الاختيار والمخاطرة بحياتهم نظير الابتعاد عن وطنهم الأم؟!
إن المتوقف على هذه النازلة الاجتماعية ذي الأبعاد السياسية والاقتصادية والديمغرافية والثقافية والاجتماعية ذي المضمون الاحتجاجي على العرض السياسي العام المقدم لفئة الشباب، لَيتَوقَّفُ على حجم ما ذهبنا إليه من مؤشر فقدان الثقة في المؤسسات في السابق، وهو ما تعضده المعطيات الرسمية التي نشرتها مؤسسات تُعنى بالاحصاء، إذ أكد تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط حول وضعية سوق الشغل خلال سنة 2023، أن معدل البطالة بالمغرب ارتفع إلى %13 ، فيما فقد الاقتصاد الوطني ما بين 2022 و2023، 157 ألف منصب شغل، وحسب التقرير نفسه فحجم البطالة بلغ مليون و580 ألف شخص على المستوى الوطني، بزيادة قدرها 138 ألف شخص، منهم 98 ألف بالوسط الحضري و40 ألف بالوسط القروي.
طبعا هذا التقرير الذي يؤشر على ضعف الأداء العمومي عموما ومنه تدني مستوى ممثلي الشعب المغربي في المؤسسات الدستورية، ومعه تدني الاقبال على الحياة العامة والنقاش حول هموم شباب هذا الوطن، الذي تابع الرأي العام بالموازاة مع حادثة الفنيدق أحد ممثلي الأمة من “الشباب” في قبة البرلمان يرقص أمام رئيسه في الحزب بأكادير بطريقة مغرقة في الاسفاف وقلة حياء، على جراح أبناء وطنه في طاطا و الحوز والمناطق المنكوبة وجراح أمته بعد قرابة سنة كاملة من الإبادة الجماعية بفلسطين وغزة خاصة بعدما انتفض أبناؤها بمقاومتهم على الظلم والجور والحصار المستمر لأكثر من 18 سنة ضد المحتل الغاصب.
إن مشهد الحلم بالهجرة الجماعية بالفنيدق إلى الضفة الأخرى هو مؤشر ينم على أن سياسة الاستثمار في اليأس الذي ابتدأ منذ سنوات من خلال ضرب مؤسسات الوساطة بخطابات رسمية على عدة مستويات، بدأنا نقطف ثمار هذا الاستثمار المُرّ في تعطيل أهم بنية ديمغرافية تفخَرُ بها الأمم ألا وهي فئة الشباب، الذي كفر بهذا الاستثمار البئيس وقدم إجابة سياسية واضحة بلون أحمر فاقع، عنوانها أن السياسة هي في الأصل استثمار في الأمل لا في اليأس كما ذهبنا إلى ذلك سياساتنا ومخططاتنا، وهي أيضا نقطة نظام واضحة أما السياسات العامة والعمومية الموجهة للعمود الفقري للأمم عموما (الشباب)، والتي تتلهف الدول التي دمرتها الشيخوخة والانهزام القيمي والأخلاقي لوجود هذه الفئة بين ظهرانيها، في الوقت الذي يُدٍير للأسف وطننا الحبيب ظهره لأساس ألق الأمة المغربية عبر التاريخ، في مقابل الانتصار لقيم التفاهة واللامعنى في الفن والثقافة والاقتصاد والسياسة والمجتمع، فهل من أمل في إيقاف الاستثمار في اليأس؟!