آخر

سعيد خمري.. الأكاديمي وعرّاب الطلاّب المرابطُ على ثغر علم السياسة (بورتريه)

لم يكن سعيد خمري، مدير مختبر القانون العام وحقوق الانسان بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، وصاحب كتاب “قضايا في علم السياسة- مقاربات نظرية” عاشقا للضوء بقدر عشقه للبحث في قضايا علم السياسة، فغاص في تحليل أنساقها، وفي قضايا الدستور والدستورانية، وسبر أغوار بحورها من أرسطو حتى محمد بن عبد الكبير الكتاني وصولا إلى ما تنتجه تجارب الراهن من متغيرات ومستجدات. فطبيعته الهادئة المستمدة من هدوء وحياء العارفين، جعلته يخط مساره في البحث العلمي والتدريس الأكاديمي على مدى أكثر من 20 سنة دون أن يحدث للضجيج صخبا أو للطحين جعجعة.

من يكون سعيد خمري؟

في قدر الله المكتوب، خرج سعيد إلى الدنيا في السابع عشر من فبراير سنة 1970 بمدينة الدار البيضاء، حيث ترعرع وتلقى تعليمه بها، ليحصل على شهادة الباكالوريا في الآداب العصرية سنة 1991، وينتقل بعدها إلى كلية الحقوق بجامعة الحسن الثاني، فيحصل على إجازة في الحقوق – تخصص علوم سياسية سنة 1994، ثم على شهادة الدراسات العليا في علم السياسة العام سنة 1996، قبل أن يتوج مساره العلمي بشهادة دكتوراه الدولة في القانون العام، تخصص علم السياسة والقانون الدستوري، من الجامعة ذاتها سنة 2002.

كان واعيا بأهمية الإعلام في بناء الديمقراطية وتقدم الدول، باعتباره المرآة التي تعكس طبيعة المجتمعات ومستوى نخبها وتنظيماتها وأفرادها، فمارس الصحافة في بداياته، وحاز شهادة الاستحقاق في الاتصال الجماهيري من اتحاد الصحافيين الأفارقة بالقاهرة سنة 2003، وكتب عنها من خلال وضع بصمته في كتاب مشترك حول “الإعلام والإسلام السياسي بالمغرب” سنة 2007.

“نمضغكم وما نصرطكمش!”

سعيد خمري الذي نسج جغرافيا التلاقي بين صرامة القانون وقيد الانضباط، وكياسة السياسة وتفهّم الظاهرة الإنسانية، وعقدَ القران بين جلال العلم ورهبة الإشكال، يمارس مهنة التعليم، أستاذا للقانون العام بكلية الحقوق بالمحمدية بكلمة طيبة وصدق، ويعيش بين الطلبة ويمشي في أروقة الكلية ويتنقل بين مدرجاتها وأقسامها، حاملا معه هواجس وانشغالات الطلبة التي لا تخفيها “غضباته الأبوية”، كما يصفها طلابه. وهو الذي لطالما ردد لازمته الشهيرة لتلامذته والواقفين على محرابه العلمي بعد كل عتاب: “نمضغكم، لكن ما نصرطكمش”، في إشارة إلى أن العتاب هو على قدر المحبة.

مرابط على ثغر خدمة الجامعة

يقول عنه طلبته كلما ذُكر اسمه، إنه “رجل نذَر حياته لخدمة العلم والجامعة، يتدخل لحل النزاعات إن وُجدت، يقدم مساعدته للطلبة بأذن صاغية لكل مستفسر أو سائل”. صحيح أنه لا يملك عصا سيدنا موسى لإرضاء وحل مشاكل الجميع، لكن مفتاح سره هو إصراره على العمل وحل الملفات والقرب من الطلبة، وتواجده في عمق انشغالاتهم وهمومهم التي يتمنى – كلما عبر عما يخالجه- لو تنتهي إلى الأبد ويتفوق الجميع علميا وعلى جميع الأصعدة.

خمري، الذي نسج علاقات طيبة مع الجميع، بدءا من أطر الجامعة وموظفيها حتى آخر عامل أو والج إليها، بالإضافة إلى تحليه بحس المسؤولية وقدرته العالية على التسيير وتيسير السبل، التي قادته في محطات عديدة إلى تبوء مهام سواء داخل الجامعة كما خارجها، وهو الذي سبق له أن شغل إبان اشتغاله بالكلية متعددة التخصصات بآسفي خلال الفترة ما بين 2003 و2007، مهمة منسق لجنة البحث العلمي والتعاون والتواصل 2004/2005، وعضو المجلس الإداري للمؤسسة 2003/2005، وعضو اللجنة البيداغوجية بالمؤسسة 2003/2005، وعضو مؤسس لمجموعة البحث «التنمية المحلية والديمقراطية» بالمؤسسة.

أما حين التحاقه بكلية المحمدية، فقد شغل خمري مهام عدة أبرزها رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق المحمدية بجامعة الحسن الثاني، ويشغل حاليا مهمة منسق ماستر العلوم السياسية والتواصل السياسي، ومدير مختبر القانون العام وحقوق الانسان ذات الكلية.

الإنتاج العلمي.. مسيرة مستمرة

وبالعودة إلى الإنتاجات العلمية لسعيد خمري، سنجد أننا إزاء باحث يقيم نوعا من التوازن في سفره المعرفي في علم السياسة بمختلف حقبه وتجلياته، وأيضا بين الذات والموضوع في قراءته للأحداث السياسية والوقائع التي تهم الرأي العام.

ولعل من أبرز كتبه: كتاب “قضايا في علم السياسة- مقاربات نظرية”، كتاب “المختصر في القانون العام الإسلامي”، الصادر عن دار القرويين، الدار البيضاء سنة 2004، وكتاب “روح الدستور” سنة 2012، مؤلف “الحق في الولوج إلى العدالة” الصادر سنة 2013، وكتاب “مشاركة الشباب في الانتخابات” سنة 2016. بالإضافة إلى إصداره الأخير “الملكية الدستورية بالمغرب مسير البناء الديمقراطي 1956 – 2020″، الصادر سنة 2021، ناهيك عن أعمال مشتركة متنوعة تتوزع بين مجلات عملية ومؤلفات جماعية.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق