مقالات الرأي

تجليات لبنود عقد العمل بين موسى وشعيب عليهما السلام

*المهدي الصالحي* *

بعد خروج موسى من مصر فرارا من بطش فرعون، بناء على توصية من رجل جاء يسعى من أقصى المدينة(مستشار في الدعم والمواكبة)، كان لزاما عليه أن يبحث على طريقة للكسب وبناء مستقبل جديد وأسرة، فربما لم يكن يفكر في كل ذلك من قبل، إذ تربى كأمير في بيت حاكم مصر، وعاش في كنف أمه بقدر من ربه.

لكن موسى عليه السلام كانت له تجربة مهمة، فقد عايش أهل السياسة لسنين، وخبر فنون القتال، فضلا عن أنه لا بد أن يكون قد نال قسطا من التعليم والرعاية، نزولا عند رغبة زوجة فرعون نفسه 🙁 لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا)، هذا بالإضافة إلى العناية الربانية السابقة (واصطنعتك لنفسي).

لاح خيط قد يقود موسى إلى ما كان يبحث عنه، حينما بلغ ماء مدين، ووجد أناسا مجتمعين حوله يسقون، ولفت انتباهه امرءتان تقفان قريبا من منبع الماء ولا تستطيعان التقدم للسقي نظرا لاكتضاض المكان بالرعاء.

هيأ الله تعالى هذه الفرصة لموسى ليخوض تدريبا مهنيا قبيل التشغيل لم يكن يعرف أنه سيكون مؤدى عنه.

فأخذ الأواني من المرأتان وزاحم الرعاء، حتى ملأها ماء، ثم عاد فقدمها لهما، ثم ذهب إلى الظل ليستريح.

كان هنا قد أنهى تدريبه العملي بدون مقابل ثم ذهب، لكن يبدو أن عمله خلال التدريب نال إعجاب مشغليه، فأثناء استراحته، جاءه الفرج، فقد جاءت إحدى السيدتان ودعته ليجيب أباها (شعيب عليه السلام) قصد أن يعطيه أجر السقاية.

فلما وصل إلى شعيب، قدم له سيرة ذاتية لما مضى من حياته، حيب قص عليه القصص، حين ذاك سمعت بنت شعيب (تمثل مستشارة في التشغيل) ذلك، فطلبت من أبيها أن يقدم له عرضا للعمل معربة عن رضاها عن الكفاءات المطلوبة، والمتمثلة أساسا في القوة والأمانة.

تلقف الأب (رب العمل) الاقتراح، وعرض على موسى العمل معه لمدة ثمان سنين، ولابأس أن يكمل العشرة إن أراد، مقابل الزواج بإحدى بناته.

طبعا قبل موسى العرض فلم يكن ليجد أفضل من ذلك وهو الذي كان طريدا وغريبا.

أنهى موسى المدة المتفق عليها، ولربما زاد عليها السنتين، ثم أخذ زوجته وغادر مدين في سلام، نحو أفق جديد وتجربة جديدة.

*ماستر في قانون المقاولة

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق