اقتصادسلايدر الرئيسيةطنجة أصيلة
“شبهة خروقات وتواطؤ لتمرير تعديلات على المقاس”.. تفاصيل حصرية للترخيص لشخصية نافذة لبناء مجمع سكني من 11 عمارة وسط غابة الرميلات بطنجة (تحقيق)
تستمر التحركات الجمعوية والسياسية بمدينة طنجة، حول التطاول على المناطق الخضراء والغطاء الغابوي بعاصمة البوغاز من طرف بعض المحسوبين على العقار، الأمر الذي يهدد الأمن البيئي بالمدينة المليونية التي أصبحت مهددة بزحف الإسمنت على أغلب غاباتها التي تعد المتنفس الوحيد للساكنة والزوار.
آثار تعليق لوحة تعريفية لاستكمال مجمع سكني من عدة عمارات سكنية وسط غابة الرميلات (أمام حديقة بيردكاريس)، سخطا لدى عدد من الفعاليات الجمعوية والبيئية، مما حتم على موقع “شمالي” إجراء تحقيق حول إحداث هذا المشروع العقاري الجديد-القديم، وعن الجهات التي رخصت له، ومدى قانونية التراخيص التعديلية التي قام بها صاحب المشروع، دون استحضار البعد البيئي والتاريخي لهذه الغابة، وفي مخالفة للجنة الاستثناءات التي تمنع التعديل على التصميم الموافق عليه من قبله.
واستنكرت عدد من الفعاليات اجتثات الأشجار بمدخل غابة الرميلات بجوار منتزه بيرديكاريس، من خلال إحداث مشروع إسمنتي ضخم تعود ملكيته لصاحب فندق فاخر يطل على المحيط الأطلسي، والذي يقصده رؤساء دول وزعمائها وعلية القوم، وهو ما خول له من نسج علاقات قوية مع أصحاب القرار، ، مطالبين الجهات المسؤولة في مقدمتهم الوالي التازي للتدخل من أجل التحقيق في ظروف الترخيص لهذا المشروع السكني وسط الغابة وشبهة مخالفات وخروقات لتمرير تعديلات على المقاس.
تفاصيل حول المشروع السكني الضخم وسط غابة الرميلات
تشير المعطيات الحصرية التي توصل بها موقع “شمالي”، أن المشروع العقاري الإسمنتي الذي يتواجد بمنطقة “بيرديكاريس” يتضمن 11 وحدة سكنية أغلبهم من طابقين أرضي وطابقين علويين وفندق ومركز تجاري، حيث تم تقسيم المشروع على ثلاثة أشطر، على الملك المسمى “دهالي” مساحته تفوق الهكتار و95 آرا الذي الرسم العقاري عدد G-222، يعود ملكيتها لشركة EURO-NORTH AFRICAN MANAGEMENT للإخوان شقور.
وحسب المعطيات ذاتها، فإن القطعة الأرضية التي تضم هذه المشاريع كانت في تعود في الأصل لأملاك الدولة قبل أن يتم تفويتها للخواص سنة 1997، رغم رفض المجلس الجماعي لطنجة آنذاك تمرير المشروع في الوهلة الأولى، قبل أن تتم تدخلات أدت إلى المصادقة عليه أنذاك، حسب تصريح سابق لمستشار جماعي عايش تلك الفترة.
وتفيد المعيطات المتوفرة، أن المشروع العقاري يعود شطره الأول والثاني لشركة EURO-NORTH AFRICAN MANAGEMENT للإخوان شقور.
وقامت الشركة المعنية، بإنهاء الشطر الأول للمشروع بعد إجراء تصميم تعديلي على المشروع، حيث يتضمن على 4 عمارات سكنية، اثنين منهما من قبو وطابق أرضي وطابقين علويين ومبنى فوق السطح، والآخرين من قبو وطابق أرضي وطابق علوي واحد ومبنى فوق السطح.
في حين يتضمن الشطر الثاني للمشروع بعد إجراء تصميم تعديلي على المشروع من 7 وحدات سكنية من قبو وطابق أرضي وطابق علوي ومبنى فوق سطح في كل وحدة سكنية.
وتم كذلك الترخيص لشطره الثالث الذي يتضمن فندقا ومركزا تجاريا لشركة MIRAGE HILL CLUB لنفس الملاك .
كيف تم الترخيص للمشروع العقاري؟
تقول المعطيات التي اطلع عليها “شمالي”، إن الترخيص للمشروع العقاري مُنح تحت غطاء “الرخص الإستثنائية” Dérrogation في عهد الوالي الأسبق لجهة الشمال محمد حصاد، إلا أن العمدة ليموري وقع بتاريخ دجنبر 2021 على ترخيص تحت رقم GUTCTGR-0024/2021 على المشاريع الثلاثة في منطقة، بعد شهر ونصف من انتخابه رئيسا للمجلس الجماعي لطنجة، الأمر الذي طرح تساؤلات حول هذه السرعة في الترخيص لهذا المشروع بالذات بعد انتخابه مباشرة على رأس جماعة طنجة.
وحسب المعطيات التي استطاع “شمالي” التحقق منها، فإن العمدة ليموري وقع ترخيصا تعديليا للشطر الأول الذي يتضمن 4 عمارات سكنية بتاريخ 30 دجنبر 2021، وأتبعه برخصة للسكن لنفس الشطر بتاريخ 08 يوليوز 2022.
في السياق ذاته، وقع العمدة ليموري بتاريخ 30 دجنبر 2021، على ترخيصا تعديليا للشطر الثاني الذي يضم 7 عمارات سكنية من قبو طابق أرضي وطابقين علويين ومبنى فوق السطح لكل وحدة سكنية، إلا أنه لم يعلق اللوحة التعريفية لانطلاق الأشغال إلا أواخر الأسابيع الماضي من سنة 2024، الأمر الذي زاد من الشكوك حول اختيار توقيت مغادرة الوالي مهيدية لبداية الأشغال في الشطر الثاني.
أما الشطر الثالث للمشروع، الذي يتضمن فندقا على شكل شقق من قبو وطابق أرضي وطابقين علويين، فما زال قيد الدراسة لهذه الجهات المعنية لحد الساعة رغم ترخيص العمدة ليموري على تصميمه التعديلي بتاريخ 30 دجنبر 2021.
خبير في مجال العقار والتعمير يتحدث عن خروقات المشروع
وقال خبير في مجال العقار والتعمير، فضل عدم ذكر إسمه، في تصريح ل”شمالي”، إن المشروع المذكور الذي رخصته جماعة طنجة، حيث يطرح عدة تساؤلات عن كيفية مرور هذه الرخصة على أعضاء اللجنة المختلطة التي تضم الوكالة الحضرية وجماعة طنجة وممثل ولاية جهة طنجة مرور الكرام دون استحضار البعد البيئي والتاريخي لهذه الغابة.
وأضاف المصدر ذاته، أن أغلب الرخص الممنوحة للخواص من أجل بناء فيلات أو شقق سكنية في مناطق وسط الغابة أو بجانبها، مُنحت تحت غطاء “الرخص الإستثنائية” Dérrogation بمعنى أوضح “مخالفة لقانون التعمير والبناء” الذي يؤكد على ضرورة احترام المناطق الخضراء والغابوية، وعدم الترخيص في مثل هذه المناطق.
وأكد المصدر، أن موافقة اللجنة المختلطة التي تضم الوكالة الحضرية وجماعة طنجة وممثل ولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة، على الترخيص في هذه المنطقة بناء على المشروع المقدم الذي يغلب عليه الوحدات السكنية يعد خرقا واضحا لقانون التعمير والبناء، الأمر الذي يستدعي تدخلا مستعجلا للتحقيق في الموضوع.
وتابع الخبير، أن لجنة الاستثناءات التي بموجبها تم الترخيص للمشروع، كان يهدف من خلالها المشرع الترخيص لمشاريع ذات النفع الدائم التي توفر مناصب للشغل وتخلق حركية اقتصادية بالمنطقة، وليس الترخيص لمشاريع سكنية خالصة قصد الربح السريع.
وشدد المصدر الخبير، أن الموافقة على تصميم تعديلي للمشروع من قبل العمدة ليموري، والترخيص في هذه المنطقة الحساسة من الناحية البيئية وإيجاد حلول تقنية للمشروع من خلال تغيير التنطيق من منطقة سياحية إلى منطقة المشاريع الكبرى، يعد إضفاء للمشروعية على المجمع السكني التي بني على القطعة الأرضية التي كانت تابعة لأملاك الدولة، في الوقت الذي تتحاشى جماعة طنجة والوكالة الحضرية لطنجة وولاية الجهة على إيجاد نفس الحلول لمشاريع أخرى صغيرة أو كبيرة وللطبقات المسحوقة التي تحاول ايجاد حلول قانونية لبناء قطعها الأرضية الصغيرة، الأمر الذي يزيد من الاحتقان واللامساوة وسط القطاع العقاري بالمدينة.
وأشار المصدر، إلى أن الدليل على أن المشروع العقاري كان معدا في الأصل كمنطقة سياحية-ترفيهية، هو بناء ناد رياضي ومقهى بالقطعة الأرضية المقصودة، إلا أن مع مرور الأيام تم التعديل على التصميم لإدخال مشاريع سكنية محضة من خلال التحايل على القانون حيث يشتبه وجود تواطئ مع مسؤولين ساعدوا على ذلك.
وتساءل الخبير ذاته، عن تفاصيل المشروع الذي رخصته لجنة الاستثنئات في عهد الوالي حصاد، وعن العلو المسموح به والمساحة المستغلة في هذه القطعة الأرضية، مؤكدا عدم إمكانية إجراء تعديل كيفما كان على لجنة الاستثناءات بشكل مطلق.
مصدر من الوكالة الحضرية لطنجة يوضح
أوضح مصدر مسؤول من الوكالة الحضرية لطنجة، في حديث ل”شمالي” أن المشروع موضوع الترخيص يدخل في “تنطيق المشاريع الكبرى” الذي تم تغييره تنطيقه لملائمته مع مشروعه المرخص من قبل لجنة الاستثنئاءات.
وأضاف المصدر المسؤول ذاته، أن القانون يعطي إمكانية الترخيص لمثل هاته المشاريع المرخصة سابقا من قبل لجنة الاستثناءات، على أن يحترم صاحب المشروع بجميع بنود دفتر التحملات التي قدمها للجنة الاستثناءات من بينها الكثافة والمساحة المسموح بناؤها، بالإضافة إلى المرافق التي يستوجب أن تكون في المشروع.
جماعة طنجة تتهرب من مسؤوليتها
في السياق ذاته، تهربت جماعة طنجة برئاسة منير ليموري، من التجاوب مع الأسئلة التي طرحها الموقع على العمدة ليموري وديوانه قصد تقديم توضيحات بخصوص الترخيص للمشروع.
ولم يتلقى موقع “شمالي”، أي رد على الأسئلة التي تؤرق الرأي العام المحلي لطنجة، في الوقت الذي سبق أن هدد العمدة ليموري أن الجماعة ستضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه المساس بهذه الثروة الطبيعية، وهو ما يناقض الترخيص الذي سلمه لبناء 11 وحدة سكنية بجانب الغابة.
مرصد حماية البيئية يهاجم إحداث المشروع.. ويرفض التطاول على الغطاء الغابوي لطنجة
وأكد مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، أن ما تشهد مختلف غابات طنجة بشكل يومي من تخريب و اجتثاث للأشجار و بناء كما يحدث حاليا عند مدخل غابة الرميلات وجوار منتزه بيرديكاريس (المشروع موضوع التحقيق) ضدا على القانون و في محاولة لتكريس واقع مناف لطبيعة الفضاء الغابوي و تخصيصه و قيمته البيئية و المجتمعية.
وأكد المرصد، في بلاغ توصل “شمالي” بنسخة منه، على ضرورة تفعيل المساطر القانونية في مواجهة مجرمي تدمير البيئة الطبيعية ، و ترتيب الآثار اللازمة على ذلك، معتبرا أن “ملف الغابات لن يتم طيه ما لم يتم إنفاذ القانون بصرامة ضد كل الحالات المرصودة و تسطير برنامج عمل بالتزامات واضحة من قبل الجهات الإدارية المعنية لحماية و تثمين هذا الرأسمال الحيوي ، وهو ما يتطلب مزيدا من اليقظة و التعبئة لإحقاقه“.
في السياق ذاته، رحب المرصد، بخبر إقدام السلطات بطنجة على هدم سور داخل غابة الرميلات تنفيذا لالتزام سابق بإرجاع الحالة لما كانت عليه، مؤكدين رفضهم القاطع لكل أشكال التطاول على المناطق الخضراء و الغطاء الغابوي بطنجة.
رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين بطنجة تسرد كرونولوجيا المشروع
قالت رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين بطنجة، إن المشروع تم تفويته إلى إحدى الشركات بثمن رمزي من طرف إدارة الأملاك المخزنية من أجل إحداث منتزه على مساحة أزيد من أربع هكتارات كانت كلها مغطاة بأشجار الغابة وفق شروط من بينها : أن يتم داخل أجل أقصاه ستة وثلاثون شهرا ابتداء من تاريخ التوقيع على عقد البيع (1998) إنجاز مركب ترفيهي يشتمل على ساحات لعب للأطفال وملعبين لكرة المضرب ومسبحين وقاعة للرياضات المختلفة، وقاعة للاستقبال وقاعة للحفلات ومطعمين وموقف للسيارات.
وأضاف بلاغ صادر سنة 2021، أن النتائج المتعلقة بالمشروع كانت عكسية، حيث تم التنكر لكل الالتزامات، كما تم تغيير التصاميم الأولية المصادق عليها، من أجل فسح المجال للفوضى التي وصلت إلى حد تحويل المشروع إلى منطقة للعمارات، أعلى المباني في منطقة الجبل الكبير. وهو ما يشكل خرقا سافرا لقانون التعمير، بسبب التعارض مع كل تصاميم التهيئة.
وتابع البلاغ، أنه “مهما تكن التبريرات التي يتستر خلفها المسؤولون من أجل التغطية على هذه الجريمة، نسجل بكل مرارة أن ساكنة طنجة قد تعرضت لأكبر عملية نصب على يد الجهات المسؤولة التي قامت بتفويت هذا الملك على طبق من ذهب إلى الخواص الذين لم يحترموا التزاماتهم، لأنهم قد أعطي لهم الضوء الأخضر ليفعلوا ما يشاؤون منذ البداية، وظلوا يراهنون على الزمن.. ومما يؤكد تواطؤ الجهات المسؤولة، هو عدم تدخلها عند انطلاق عملية بناء العمارات محل الفيلات التي انطلقت في السنة الماضية، رغم التنبه الذي تلقته من الرابطة في حينه.”
مستشار جماعي: استنئاف الأشغال لبناء مشروع سكني داخل الرميلات “غير قانوني“
وقال حسن بلخيضر المستشار الجماعي بطنجة عن حزب الاتحاد الدستوري، إن المشروع السكني ل“صاحبه النافذ” في غابة الرميلات تم توقيفه بمذكرة من وزارة الداخلية تمنع جميع المشاريع السكنية المرخصة في لجنة الاستثناءات.
وأضاف المستشار الجماعي، أن استئناف الأشغال تم بطريقة غير قانونية في منطقة تعد المتنفس الوحيد لساكنة طنجة، داعيا رئيس المجلس الجماعي لطنجة أن ينور ويوضح للرأي العام حول أشغال مشروع إسمنتي جديد في قلب غابة الرميلات.
وقال المستشار الجماعي، في تصريح صحفي، إن المشروع السكني (بالقرب من حديقة بيرديكاريس) الذي يحدث فوق أراضي كانت تابعة لأملاك الدولة يباع المتر المربع في هذا السكن أكثر من 30 الف درهم.
وكشف المستشار عن حزب الاتحاد الدستوري، أن هذه المنطقة سيتم تغيير تنطيقها في تصميم تهيئة الجديد لمقاطعة طنجة المدينة بشكل رسمي لملائمة التصميم مع مشروع الشخصية النافذة دون مراعاة للبعد التاريخي والبيئي للمنطقة.
الفاعل الجمعوي والسياسي محمد بوزيدان يطالب بتحفيظ غابات طنجة باسم مؤسسات الدولة
وطالب الفاعل البيئي والسياسي محمد بوزيدان، للجوء السلطات الوصية إلى مسطرة نزع الملكية وتفويت كل أراضي الخواص المتواجدة ضمن النطاق الغابوي الى المندوبية السامية للمياه والغابات، كإجراء احترازي ووقائي للمتنفسات الطبيعية المتبقية في طنجة.
وفي إشارة لهدم سور الرميلات، قال بوزيدان، إن “القطعة الأرضية المقصودة هي ملكية خاصة، وهذه أولى الصدمات لمن كان يظن أن غابات طنجة في ملكية مؤسسات الدولة المختلفة. وهذا هو المطلب الرئيسي والأساسي للهيآت التي ناضلت ولازالت تناضل في هذا المجال، أن تُسجل الغابات وتُحفّظ باسم مندوبية المياه والغابات أو الجماعات الترابية..وهذا لَعمري إن تحقق سيكون قاصمة ظهر كل من ينوي العبث داخل الغابة بالإسمنت الأسود!”
وأضاف المتحدث ذاته، “ينبغي طرح السؤال التالي: هل تَمَلُّك تلك القطعة الأرضية الغابوية مر في ظروف سليمة خاضعة للقانون، أم أنه تم بالتلاعب باستخدام الشبكات الضالعة والخبيرة في كيفية التفويت والتوثيق؟”، مشيرا إلى أنه أن “الذي بنى السور لا شك أنه بعد الشراء زار قطعته الأرضية مرارا وتكرارا، واصطحب معه المهندس والتقنيين الذين سيشيدون البناية، واستقدم العاملين، وأدخل الآليات والسلع، وانطلق الحفر ورُميت الردمة، وبُني السور، بعد أخذ القياسات. استغرق هذا الأمر أياما وربما شهورا، ألم ينتبه أحد لهذا كله!؟”
وتابع المتحدث ذاته، أن “جرأة كبيرة أن يتم البناء داخل الغابة وأية غابة، إنها الرميلات، تجمع بين تنوع الأشجار والحيوانات المهاجرة، والبنايات التاريخية، والفرشة المائية الغنية، إنها ذاكرة طنجة المشتركة وجزء من تراثها اللامادي”.