مقالات الرأي

الزلليج البلدي المغربي.. بين الإشعاع والمعاناة

بدون سابق إنذار سطع نجم الزلليج البلدي المغربي وأصبح حديث كل المنصات الإلكترونية عبر المعمور بدون استثناء وامسى الشغل الشاغل لكل المتتبعين بعد ان قامت إحدى الشركات العالمية المتخصصة في المستلزمات الرياضية بإصدار أطقم لها للمنتخبات الجزائرية عبر وسيط تجاري لها بالمنطقة بتصاميم مستوحاة من ابداعات حرفي الصناع التقليديين المغاربة لتعلو الأصوات الرسمية والخاصة معبرة عن شجبها لهذه القرصنة والتعدي على الحقوق الفكرية المسجلة ،ليتفاجآ الجميع برد الجارة الجزائرية اللتي لم تكتف بردود روادها على الصفحات الاجتماعية بل انخرط بعض مسؤليها الكبار في هذا الجدل محاولين نسب هذا الموروث الثقافي دون حجج تذكر غير (الجبهة العريضة) بدون خجل على مرأى ومسمع كل الأمم، قبل ان تصدمهم الشركة المذكورة بإلغاء الشراكة معهم وتصدر لاحقا بلاغا تعتذر فيه لكل مكونات الشعب المغربي وحرفييها وتؤكد ان التصميم فعلا يعود للصناعة التقليدية المغربية كما هو مثبت في الحجج اللتى ادلها بها ممثل وزارة الثقافة المغربية لمجلس إدارتها مما جعل لوبي الجارة الشرقية ومعه الكثير من الابواق اللتي سخرها في هذه الواقعة يجر أذيال الخيبة ويصيب المغيبين منهم بالصدمة خصوصا وانها ليست المرة الأولى اللتي يحاولون فيها نسب محطات تاريخية بل والكثير من اعلام التاريخ المغربي والموروث الثقافي للمملكة المغربية لانفسهم على غرار القفطان والمطبخ المغربي بل وصلت الجرأة والوقاحة حد إنتاج عمل سينمائي عن أشهر رحالة عالمي الطنجي ابن بطوطة واللذي نسب أصله صناع العمل للجزائر….

قد يكون الحدث مقززا لكنه ازاح الغشاوة اللتي كانت تحجب الواقع المرير اللذي يعيشه الصانع التقليدي على تنوع مجال اشتغاله ويكشف عورة كل من تغاضى عن أهمية هذا القطاع الحيوي اللذي يعتبر صلة وصل بين الماضي والحاضر لامتداد تاريخي زاخر بالابداع تشهد الكثير من المعالم عبر العالم على علو كعب الحرفيين المغاربة وكذا تكالب الجميع من المسؤولين على القطاع وكذا دعاة العصرنة من كتل اجتماعية اتجهت لكل ماهو جديد في حياتها اليومية والمهندسين الجدد اللذين يؤثرون الاشتغال بالمستنسخ من المتوفر على العمل اليدوي من اجل تكلفة اقل لقبر هذا الموروث الحضاري متغافلين دوره كثروة لا مادية تعطي للامة مكانتها الرائدة بين الامم ….

فإذا كانت وزارة الثقافة المغربية قد ربحث هذه الجولة نتيجة التوثيق الدولي للعمل فإن المناسبة كانت ناقوس خطر مدوي يهدد كل التاريخ الثقافي والإنساني المتراكم مع تكاثر المتربصين به فهل يلتفت النسيج المجتمعي ونخبة الوصاية على هذا الإرث لتصحيح الواقع المرير واعادة الاعتبار للصانع التقليدي وتشجيعه على مواصلة الإبداع بتوفير المناخ الملائم للاشتغال ماديا ومعنويا وبدون شروط ام يترك وحيدا يجابه المتربص به لنتغنى ونتباهى باللذي كان كلما سلطت الاضواء عن احد مكوناته دون اي تحرك لمناصرته…

في انتظار من يمسح على وجهه غبار حرفته يبقى الصانع التقليدي طاووسا جميلا يشذو لذاته…

 

بقلم : زكي بملال

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق