مقالات الرأي

خواطر سدراوي.. “لماذا نتغير؟”

من منا لا يعرف توماس إديسون مخترع المصباح الكهربائى ليس فقط هذا لكن صاحب المقولة الشهيرة ” لا بأس .. فلنبدأ من جديد “، والتي قالها عندما رأى معمله قد احترق تماما، وتحول إلى تراب ورماد وبقايا أوراق ، وفتات متناثر، أطال النظر إلى كومة الرماد التي بين يديه ثم لم يزد على أن قال : ” لا بأس .. فلنبدأ من جديد “.

فهذا يشير إلى الإصرار والرغبة فى المواصلة وضرورة عمل شىء جديد يمكن أن يغير الحاضر والمستقبل، نحن إذن في حاجة إلى هذا.

فنحن، كإنسان، بطبعنا لدينا قدرات كامنة، يمكن من خلالها إحداث التغيير فى أنفسنا وفى منظوماتنا، ولكننا غالبا ما نتراجع عن ذلك عندما نصطدم بالواقع.

لكن بالرغبة والإصرار والإستمرار من أجل الوصول إلى الهدف يمكن إحداث التغيير.

فهي دعوة عامة بضرورة البحث المستمر عن التطوير والتغيير.

لكن قبل أن نهدف إلى التغيير، لابد أن نفرق بين التطوير والتغيير، فهناك خلط لدى الكثيرين منا بين مفهومى التغيير والتطوير، حيث يعتبرهما البعض أنهما مترادفان ، ولكن الواقع يوضح أن هناك فروقا كبيرة وواضحة بينها، فالتطوير هو وظيفة إدارية، أما التغيير فهو أداة من أدوات الإدارة، وأن الجمع بينهما لا يكون صواباً، حيث أن العنوان يوحي بالمساواة بين التغيير والتطوير وكأن التغيير مرادف للتطوير. وبالتالي التغيير هو الأسلوب والأداة التى يمكن أن تستخدمها إدارة المنظومة فى إحداث التطوير. كما أن التغيير قد يكون نحو الأفضل أو نحو الأسوأ ، وقد يؤدي إلى تحسين أو إلى تخلف . أما التطوير المبني على أساس علمي يؤدي إلى التحسين والتقدم والازدهار .

أيضا التغيير يتم فى كثير من الأحيان بإرادة الإنسان وفى أحيان اخرى بدون إرادة الإنسان . أما التطوير لا يتم إلا بإرادة الإنسان ورغبته الصادقة ، فإذا لم تكن لديه الإرادة والرغبة فلا يمكن أن يتم التطوير. كما أن التغيير يمكن أن يكون جزئيا يركز على جزئية معينة أو نقطة محددة ، أما التطوير فيكون شامل لجميع الجوانب المرغوب في تطويرها وتحسينها.

ومن هنا أطرح هذا السؤال لماذا نتغير ؟

أو بعبارة أخرى ما هي دوافعنا نحو التغيير؟

نتغير حتى نستطيع أن نتفاعل مع التطورات والمتغيرات التى تفرضها البيئة التى نعمل بها، كما نتغير حتى نواجه التقدم والتطور، من هنا يرى الانسان أن التغيير عملية ضرورية وبدونها تنتهي حياتنا.

وبالتالى يعرف التغيير بأنه عملية طبيعية تقوم على عملياتمتعددة معتمدة، ينتج عنها إدخال تطوير بدرجة مـا على عنصر أو أكثر، ويمكن رؤيته كسلـسلة من المراحل التي من خلالـها يتم الانتقـال من الوضع الحالـي إلى الوضـع الجـديد .

ويمكن القول أن التغيير هو التحول من الوضع الحالى إلى وضع أفضل فى المستقبل.

فلماذا التغيير اذن؟

التغيير ليس هدفاً في حد ذاته وإنما هو وسيلة للوصول إلى هدف، وهو المستقبل الأفضل ، ولذا ينبغي أن يكون هناك مبررا للتغيير، والتغيير الذى لا ينبع من دوافع وأسباب يكون تغيير عشوائي غير مخطط وبدون هدف، وغالبا ما يفشل ويسبب للمنظومة ككل أو للشخص نفسه الكثير من المشكلات.

وهناك العديد من المبررات والدوافع والأسباب وراء عملية التغيير نذكر منها على سيبل المثال:

مواجهة مشكلات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية .

إثبات الذات وبيان القدرات.

الإستفادة من التطور التكنولوجي والتقدم العلمي.

تحسين وتطوير الأداء لمواجهة المنافسة الشديدة والمحافظة على المركز التنافسي في السوق.

البحث المستمر عن الكفاءة والفعالية وحسن استخدام الموارد المتاحة.

غير ان التغيير يتعرض إلى مقاومة، فدائما في حياتنا نقاوم التغيير حتى لو كان إلى الأفضل و هناك مجموعة أسباب لمقاومة التغيير منها:

• الخوف من المجهول

• الإدراك

• العادات

• إستمرارية الإمتيازات القائمة

و يعتبر هذا الأخير السبب الاخطر.

في كتاب” التعامل مع التغيير” أوضح كل من كوتلر و شيلزينغر “Kottler And Schelsinger” أن هناك ستة مناهج للتعامل مع التغيير وهى :

المنهج الأول: التعليم والإتصالات

يتم الإعتماد على هذا المنهج عندما يكون هناك نقص في المعلومات أو أن المعلومات غير واضحة وغير دقيقة. وهنا يتم التركيز على تعريف الناس بالتغيير وجهوده مسبقا. فعملية الإتصال والتثقيف والتعليم مسبقا تساعد على توضيح المنطق من عملية التغيير وهذا يقلل الإشاعات غير الصحيحة فيما يتعلق بالتغيير.

المنهج الثاني:المشاركة و التضامن

عملية مشاركة العاملين أو الذين نريد أن نحدث التغيير في بيئتهم ، تساهم بدرجة كبيرة في تقليل مقاومة التغيير لأن هذا يعطى لهم خلفية كبيرة عن مفهوم وأهداف التغيير وبالتالي تزداد درجة التقبل للتغيير، هنا يتوجهون للتغيير أكثر من مقاومة التغيير.

المنهج الثالث: الدعم والتسهيلات

يلعب هذا المنهج دورا في المرحلة الإنتقالية التي يمر بها التغيير ، لأن التغيير غالبا ما يركز على الإنتقال من وضع يتميز بالمشاكل و الصعوبات إلى وضع مختلف. من هنا يخاف الجميع من التغيير . والدعم الإداري هنا يقلل من خوف الموظفين ويقلل من قلقهم أثناء الفترة الإنتقالية، وذلك من خلال تدريبهم لمساعدتهم على فهم النظام الجديد.

المنهج الرابع: التفاوض و الإتفاق

يقوم المديرون بإحباط مقاومة التغيير من خلال التفاوض مع العاملين، ومن خلال شرح النقاط التى يقاومها العاملين، ومن خلال التفاوض يتم الإتفاق على العديد من الحلول لمواجهة مقاومة التغيير. ويصلح هذا المنهج للذين يقاومون التغيير وهم فى مركزة قوة وهم الذين لديهم دور قوى ومؤثر ويهددون بترك العمل ويكون العمل فى حاجة إليهم.

المنهج الخامس: المناورة والإختيار

يركز هذا المنهج على إختيار أشخاص من الذين يقاومون التغيير ، والعمل على مشاركتهم في خطط التغيير وبرامج التغيير وغالبا ما يتم إختيار القادة أو الذين يتزعمون عملية التغيير، ويتم مشاركتهم بشكل ليس جوهري ولكنهم يكونوا من ضمن الفريق ، ولكن يجب أن لا تشعرهم بأن الهدف من مشاركتهم هو لتقليل مقاومة التغيير أو تشعرهم أنك تخدعهم لأنهم لو شعروا بهذا فإن ذلك سيؤدى إلى زيادة حدة المقاومة.

المنهج السادس: الإكراه العلني والضمني

يركز هذا المنهج على إجبار العاملين على تقبل التغيير وذلك بإظهار الحقيقة التي ستترتب على مقاومة التغيير مثل فقدان الوظيفة والطرد من العمل أو النقل أو خفض المرتبات أو عدم الترقية لمن يقاوم عملية التغيير ولا يلتزم بالنظام الجديد.

وفى النهاية لابد من الإيمان بضرورة التغيير وأهميته في حياة المنظمة و إستمراريتها و إزدهارها، فبدون مواكبة التغيير لا يمكن للمنظمة أن تحقق رؤيتها ورسالتها وأهدافها.

اختم الموضوع بتساؤل، هل سنتغير؟ هل سينفع التغيير و التغير؟

التغيير و العودة إلى البداية واجب…

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق