مقالات الرأي

فؤاد السعدي يكتب: امهيدية.. عمل بلا رياء

سبق وأشرنا في مقال سابق، بأن المسؤولية تقاس بقيمة النجاحات ومستوى الإخفاقات عندما يتعلق الأمر بتهيئة مناخ التنمية المحلية في أبعادها المختلفة. وأن التصدي للمتغيرات والحاجيات المتزايدة للمدينة لن يكون له الأثر الإيجابي إلا من خلال تبني ثقافة الإنفتاح وفتح قنوات الحوار مع كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والإعلاميين والمدنيين. لقد كانت إشارات موجهة إلى والي جهة طنجة تطوان الحسيمة محمد امهيدية أولا، وثانيا إلى القائمين على تدبير الشأن المحلي بها أيا كانت تلويناتهم السياسية من أجل وضعهم معا في الصورة التى نراها تستحق الاهتمام والعناية.

اليوم نقف على الحصيلة النوعية والبصمة التنموية الاستثنائية الشاهدة على حسن التدبير الولائي، عطاءات موسُومَة بالبذل والتضحية ونكران الذات، وعمل بلمسة إبداعية وبعمق تواصلي فريد، سمات ميزت عمل الوالي أمهيدية عن باقي من سبقوه من الولاة ممن تعاقبوا على كرسي ولاية جهة الشمال.
في كل المجالات، سواء خدمات القرب والمشاريع الكبرى، أو المشاريع المهيكلة أو الحكامة وحسن التدبير، خَلَقَ والي جهة طنجة تطوان الحسيمة نقلة نوعية في المشهد التنموي المحلي، وكان بحق، استثناء في تدبير الجهة عموما ومدينة طنجة على وجه الخصوص، ترجمتها حصيلة معبرة مُثقلة بعناصر ومؤشرات وأرقام دالة، وأيضا بمعاني الوطنية والتضحية.
لقد بصم الوالي أمهيدية منذ تعينه واليا على جهة الشمال على حصيلة منجزات نوعية في مختلف المجالات، من بينها حرصه على الحفاظ على مكانة طنجة وتعزيز صيتها العالمي، كقبلة للسياحة من جهة وقطب إقتصادي رائد من جهة أخرى،  وذلك لما تزخر به من إرث حضاري وثقافي وطبيعي. ولعل برنامج تأهيل وتثمين المدينة العتيقة الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك، ورُصد له مبلغ 850 مليون درهم، وأوكلت مسؤولية تنزيله للجنة الجهوية بالاشراف والتتبع والتقييم، برئاسة والي الجهة  لم تكن الغاية منه إنقاذ النسيج العمراني للمدينة العتيقة في إطار علاقتها بمشروع الميناء الترفيهي فقط، بل أيضا بهدف ضمان الحفاظ على الاجال المحددة لتنفيذ المشروع بالجودة والدقة المطلوبة، وهو ما كان فعلا. فاليوم لا تخطئ لعين مراقب حجم أعمال الصيانة والترميم وإعادة التهيئة في مساراتها الثلاث، الروحية والتاريخية والتجارية، بهدف ربط ماضي المدينة الزاخم بحاضرها المشرق، خصوصا داخل الأسوار المترامية الأطراف المطلة على البحر الأبيض المتوسط.
فبالرغم من النواقص المرتبطة بعملية الإعداد والتنزيل التي تم جرد بعضها أثناء تقييمنا لهذا المشروع المهيكل من خلال وثيقة الشراكة المتعلقة بتنزبل المشروع، إلا أن الوالي استطاع تذويب بعضها وتجاوز  البعض الأخر بالتتبع الدقيق لكل كبيرة وصغيرة، وبالاشراف الفعلي والمواكبة الميدانية المستمرة على طول مدة الإنجاز إلى أن استعادت المدينة العتيقة لطنجة تألقها بعد أن علاها الغبار والنسيان لعقود خلت، وتحقيق مصالحة حقيقية مع الماضي الحضاري للمدينة ومجدها التليد.
فالمدينة عرفت حضارات متعاقبة شكلت عقدا جميلا على صدر عروس شمال المغرب، فشكل بهاءا منقطع النظير واشعاعا جعل المدينة تحضر في اساطير اليونان وفي المخيال الاسلامي وغزوات الانسان الاوروبي وريشة فنانيهم ومبدعيهم أيضا، مدينة تحتاج اليوم الى هكذا مشاريع لتعاود الاشعاع من جديد. وقوف الوالي امهيدية على هذا المشروع كان له الأثر الإيجابي ومن يعتقد العكس ندعوه لزيارة المدينة العتيقة  من أجل للوقوف على حجم التغيير وجمالية المنظر والطراز. فهل سيقف “القطار السريع” لتدبير الوالي عند برنامج تثمين وتأهيل المدينة العتيقة أم يمتد الى غير ذلك من المشاريع التي لا تقل أهمية عن سابقتها؟

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق