مقالات الرأي

يوسف الحسني.. حكايات

 

تذكرت أن با حميد الوجدي الذي إلتقيته بحامات مولاي علي شريف نواحي مدينة الرشيدية طلب مني حمل رسالة لمقام الولي الصالح بالريصاني ،فالرجل لم تسعفه رجله العليلة بالزيارة ،كنت قد تركته بالحامات ينال حظه من الاستشفاء بالمياه الكبيريتية الساخنة التي لا يقدر إلا ذوو العزيمة الصلبة على الصبر لدرجة حرارة مياهها المرتفعة ،حكى لي عياد الناضوري ذات ليلة هنالك بالوادي بان مياه المنابع كانت سببا في شفاءه: “قالولي الأطباء نقطع الرجل..شي واحد نعتلي هد المكان المبارك وما نخبيش عليك سبحان الله جاب ربي الشفا فيه و إرتحيت بالمقام هنا” مبتسما.ليس عياد وحده من أشفته مياه الحامات ..هم كثر من النساء والرجال من حجوا الى هناك ولا يزالون يحجون كل سنة للاستشفاء. بمدينةالريصاني..تنالك التحية و سلام العابرين من كل جانب. عادة السجلماسيين الطيبين باتت تنقرض في أكثر من منطقة مغربية . بعد طول طريق نخلية وصلت القبة أذان الظهر ،طلبت العسكري على الباب ان يأذن لي بالدخول للصلاة وكذلك فعل..كانت حرارة الشمس على أشدها فتح الباب الخشبي الضخم فاذا بي امام حديقة اندلسية وارفة النخل ،والشجر ، على جنباتها رياحين تطيب المكان وتتوسطها نافورة مياه ابدعتها انامل الصانع المغربي فأحسنتها صنعا. تحوطها اقواس جبص منقوش مزينة بالفيسفساء والزليج المستوحاة من المعمار الأندلسي، أخذت وضوءي تحت النخلة طيبة الظلال . وما هي إلا لحظات حتى دخلت المسجد للصلاة بعد التحية والسلام ورفع الدعاء،عبرت الاقواس المتراصة الاندلسية البديعة ، أمتار قليلة كنت فيها أمام قبة خضراء مزينة بالأصفر تسر الناظرين قبر الصوفي الصالح مولاي علي الشريف بجانبه ابناءه.سلمت على حارس المقام، رجل نحيف،يميل للسمرة، تزين وجهه لحية خفيفة يمسك بيديه سبحة . ناولته الباروك كما طلب مني الرجل الوجدي ..وضعه تحت البساط أمام رجليه” مرحبا مرحبا” ،بعد ما جالت عيناي المكان إخترت الزاوية ناحية الشباك المطل على الحديقة ، صمت مطبق يخيم على المكان ..النقوش الخزف والزليج التقليدي والضوء وألوان يزيدان الغرفة رهبة ووقارا،كان الزوار يحجون واحدا تلو الأخر يتبركون ويزورون و يكتشفون .”عفاك أسيدي هك هد البركة ودعيلي مع ولدي بالنجاح” كانت المرأة التي أنهكها العياء تلح في الطلب للقبة بصوت خافت به حشرجة بكاء إنتظرتها حتى إنتهت رفع طلبيتها و قصدت القبة الخضراء بدوري لاجل با حميد مطبقا بالحرف ما طلبه مني..وضعت يدي على الثوب الأخضر وقرأت ما تيسر من الذكر الحكيم ترددت كثيرا قبل المجيء و لكن الرجل كان ملحاحا ، رغم نقاشاتي معه الليلية أن لا جدوى من طلب الموتى ..كان يلح علي حتى كادت عيناه تفيضان من الدمع .وافقت ان اكون سفيره و لسان حاله .. سلمت على الشيخ وترحمت عليه وعلى سائر المسلمين قلت له بعجل بان الصديق الوجدي يسلم عليك.. ويعتذر عن عدم زيارته لك لما ألم به من مرض برجله طالبا بركاتك وبعدما أسررت له بطلبيته انصرفت..احسست بانني انعتقت من وصيته.. هاتفته ساعتئذ لابلغه ذلك، فعلا صوته راضيا منشرحا على محمول الهاتف ” .نتا غاية غاية الله يفرحك” مر وقت طويل على ذلك ..اتصلت بعدها بالصديق السبعيني لاطمئن على صحته وما إن كانت البركات قد شفت رجله العليلة ..أجابني بنبرة أسى ” مزالة الحالة هي هي” عجبا قد حملت رسالتك للقبة أبا حميد !لما لم تشف؟

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق