سلايدر الرئيسيةسياسة
عاجل.. المحكمة الدستورية تحسم الجدل حول “القاسم الانتخابي”
أصدرت المحكمة الدستورية قرارها رقم 118/21 بخصوص مدى دستورية مشروع القانون التنظيمي رقم 04.21 المتعلق بمجلس النواب.
وقضت المحكمة في قرارها، أن التعديل المتعلق بالمادة 84 من القانون التنظيمي بخصوص القاسم الانتخابي على أساس المسجلين “لا يوجد فيه ما يخالف بالدستور، وبالتالي يكون اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين قد اعتمد رسميا في انتظار استكمال المسطرة التشريعية ونشره بالجريدة الرسمية”.
القرار الكامل المتعلق بالقانون التنظيمي رقم 04.21 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب كما وقع تغييره وتتميمه:
بعد اطلاعها على القانون التنظيمي رقم 04.21 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب كما وقع تغييره وتتميمه، المحال إليها بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة المسجلة بالأمانة العامة لهذه المحكمة في 15 مارس 2021، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور؛
وبعد الاطلاع على الملاحظات الكتابية التي أدلى بها السيد رئيس مجلس النواب والسيد رئيس مجلس المستشارين، وأعضاء بالمجلسين، المسجلة بالأمانة العامة المذكورة على التوالي في 23 و24 مارس 2021؛
وبعد اطلاعها على باقي الوثائق المدرجة بالملف؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتــاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
أولاـ فيما يتعلق بالاختصاص:
حيث إن الفصل 132 من الدستور، ينص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور، مما تكون معه هذه المحكمة مختصة للبت في مطابقة القانون التنظيمي المحال إليها للدستور؛
ثانيا ـ فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي:
حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة بالملف، أن القانون التنظيمي رقم 04.21 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، كما وقع تغييره وتتميمه، المحال إلى المحكمة الدستورية، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد في 11 فبراير 2021، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وتم إيداعه بالأسبقية من لدن السيد رئيس الحكومة لدى مكتب مجلس النواب في 17 فبراير 2021، وأن هذا المجلس لم يشرع في التداول فيه إلا بعد مرور عشرة أيام من إيداعه لدى مكتبه، ووافق عليه بالأغلبية في جلسته العامة المنعقدة في 5 مارس 2021، كما تداول في شأنه مجلس المستشارين، وصادق عليه بالأغلبية في جلسته العامة في 12 مارس 2021، والكل وفقا لأحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛
ثالثا ـ فيما يتعلق بالموضوع:
حيث إن الدستور يسند، في الفقرة الثانية من فصله 62، إلى قانون تنظيمي، تحديد عدد أعضاء مجلس النواب، ونظام انتخابهم، ومبادئ التقسيم الانتخابي، وشروط القابلية للانتخاب، وحالات التنافي، وقواعد الحد من الجمع بين الانتدابات، ونظام المنازعات الانتخابية؛
وحيث إن القانون التنظيمي رقم 04.21، المعروض على نظر المحكمة الدستورية، القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، يتكون من مواد ثلاث:
– الأولى، تغير وتتمم أحكام المواد الأولى و5 و12 (الفقرتان الأولى والثانية) و13 (الفقرة الثانية) و22 (الفقرة الأولى) و23 و24 (فقرة سابعة مضافة) و43 و50 (الفقرتان الأولى والثانية) و71 (الفقرة الثانية) و77 (الفقرة الأولى-البند الخامس) و78 (الفقرات الرابعة والخامسة والسادسة) و79 و80 و83 (الفقرة الثالثة) و84 و85 و86 (الفقرتان الثانية والثالثة) و87 و88 (الفقرتان الأولى والثانية) و91 و93 و94 و95 و96 من القانون التنظيمي المذكور،
– الثانية، تتمم القانون التنظيمي المذكور، بالمادة 12 المكررة،
– الثالثة، تنص على مقتضى يتعلق بالانتقال من “الدائرة الانتخابية الوطنية” إلى “الدوائر الانتخابية الجهوية”؛
وحيث إنه، يبين من فحص هذه التعديلات أنها تكتسي صبغة قانون تنظيمي، وفقا لأحكام الفصل 62 من الدستور، وأنه ليس فيها ما يخالف الدستور، حسب مايلي:
في شأن المادة الأولى:
– فيما يخص المواد الأولى (الفقرة الثالثة ) والخامسة (الفقرة الثانية) و23 (الفقرة الثانية):
حيث إن المواد المذكورة، تنص، بالتتابع، على أنه: “يتألف مجلس النواب من …………
– 90 عضوا ينتخبون على صعيد الدوائر الانتخابية الجهوية وفق التوزيع المبين في الجدول أدناه …”، وعلى أنه: “لا يؤهل للترشح للعضوية في مجلس النواب برسم الدوائر الانتخابية الجهوية كل شخص سبق انتخابه عضوا في المجلس المذكور برسم دائرة انتخابية جهوية”، وعلى أنه: “يجب أن تشتمل كل لائحة ترشيح مقدمة برسم الدوائر الانتخابية الجهوية على أسماء مترشحات لا يقل عددهن عن ثلثي عدد المقاعد الواجب ملؤها في كل دائرة انتخابية جهوية. وتخصص المرتبتان الأولى والثانية في كل لائحة ترشيح حصريا للنساء، ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح برسم المقاعد المحددة للدوائر الانتخابية المحلية. ويشترط أيضا للترشح برسم الدوائر الانتخابية الجهوية التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة لإحدى الجماعات الواقعة في النفوذ الترابي للجهة المعنية بالترشيح.”؛
وحيث إنه، يستفاد من الفصل 17 من الدستور، إمكانية إحداث “الدوائر الانتخابية المحلية والجهوية والوطنية”؛
وحيث إنه، بمقتضى ذلك، فإن المشرع تحقيقا لغايات دستورية مقررة، تهدف إلى ضمان فعلية المساواة بين الرجال والنساء، لا سيما في التمتع بالحقوق السياسية (الفقرة الأولى من الفصل 19)، وتشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في الولوج إلى الوظائف الانتخابية (الفقرة الأولى من الفصل 30)، ارتأى تغيير التدبير التشريعي المتبع للوصول إلى الغايات المشار إليها، عبر إحداث دوائر جهوية، بدلا عن الدائرة الوطنية المعتمدة قبلا؛
وحيث إنه، من جهة أولى، فإن الدوائر الانتخابية الجهوية المحدثة، التي وزعت المقاعد التسعين المخصصة لها، وفق الجدول المضمن في المادة الأولى من القانون التنظيمي المعروض، تترشح فيها لوائح تتضمن أسماء مترشحات لا يقل عددهن عن ثلثي عدد المقاعد الواجب ملؤها في كل دائرة انتخابية جهوية، مع تخصيص المرتبتين الأولى والثانية في كل لائحة ترشيح حصريا للنساء، واشتراط تسجيل المترشحين بها، في اللوائح الانتخابية العامة لإحدى الجماعات الواقعة في النفوذ الترابي للجهة المعنية بالترشيح؛
وحيث إن اختيار تدبير تشريعي معين والمفاضلة بين تدابير عدة ممكنة، تحقيقا لغايات دستورية أو لكفالة الطابع الفعلي للحقوق والحريات المنصوص عليها دستوريا، أمر يستقل المشرع بتقديره، طالما أن ذلك لا يخالف أحكام الدستور؛
وحيث إن اعتماد آلية الدوائر الانتخابية الجهوية، بديلا لآلية الدائرة الانتخابية الوطنية، لمواصلة السعي لبلوغ الأهداف المقررة دستوريا ليس فيه، ما يخالف الدستور؛
وحيث إنه، من جهة ثانية، فإن التدبير المتخذ من قبل المشرع، بسنه دوائر انتخابية جهوية، خصص ثلثي عدد مقاعدها لترشيحات نسائية، مع حفظ المرتبتين الأولى والثانية في كل لائحة ترشيح، للإناث دون الذكور، يخدم الغايات الدستورية المشار إليها، ويتضمن تمييزا إيجابيا لفائدة النساء، يبرره واجب النهوض بتمثيليتهن، في أفق تحقيق المناصفة بين الرجال والنساء، وهو الهدف المقرر بمقتضى أحكام الفقرة الثانية من الفصل 19 من الدستور، مما يقتضي أن يبقى هذا التدبير، في حدود الاستثناء من النظام الانتخابي العام ، وألا يتسم بصبغة الديمومة، وأن يحاط بضوابط كفيلة لتحقيق الأثر المتوخى منه، وألا يتجاوز في ذلك حدود الضرورة، وألا يتخلف، من حيث أهدافه، عما سبق أن سنه المشرع من تدابير، سعيا متواصلا إلى تحقيق مبدإ المناصفة المشار إليه، وعملا بمبدإ تطابق القواعد القانونية المتخذة مع الهدف المتوخى منها؛
وحيث إن المشرع، بتخصيصه تسعين مقعدا فقط من أصل 395 مقعدا المشكلة لعدد أعضاء مجلس النواب، للوائح ترشيح جهوية، وفق الضوابط المشار إليها سلفا، يجعل هذه الوسيلة متناسبة مع الغاية الدستورية المراد بلوغها، ولا يترتب عنها، في هذه الحدود، انتقاص من حقوق الترشيح والانتخاب المخولة لسائر المواطنات والمواطنين على قدم المساواة؛
وحيث إنه، من جهة ثالثة، فإن اشتراط التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة، بإحدى الجماعات الواقعة في النفوذ الترابي للجهة المعنية بالترشيح، يبرره، فضلا عن تلازم ممارسة الحقوق بأداء الواجبات (تصدير الدستور، والفصل 37 منه)، البعد الجهوي لهذه الدوائر، وغاية ضمان تمثيل كل جهة من جهات المملكة، باعتبار أن الجهة تشكل المجال الترابي للدائرة الانتخابية الجهوية المعنية؛
وحيث إنه، من جهة رابعة، فإن ترتيب عدم الأهلية على ترشح كل شخص، سبق انتخابه عضوا بمجلس النواب برسم دائرة انتخابية جهوية، يستقيم مع طابعها الاستثنائي، وينسجم مع مبدإ التداول على المقاعد المخصصة لها، توسيعا للتمثيل السياسي للنساء، وتوفيرا لسبل تمكينهن من التمرس بالحياة البرلمانية قصد إنماء قدراتهن على الانخراط بنجاح في النظام الانتخابي العام؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق، فإن المواد الأولى )الفقرة الثالثة) والخامسة (الفقرة الثانية) و23 (الفقرة الثانية)، ليس فيها ما يخالف الدستور؛
– فيما يخص المواد 12 (الفقرتان الأولى والثانية) و94 و95 و96 (الفقرات الأولى والثالثة والسابعة)
حيث إن المواد 94 و95 و96 من القانون التنظيمي المعروض، تنص بالتتابع، وبصفة خاصة، على أنه: ” يجب على وكيل ….مترشح، حسب الحالة، أن يعد حساب حملته الانتخابية وفق نموذج يحدد بنص تنظيمي. ويتكون الحساب المذكور من بيان مفصل لمصادر تمويل حملته الانتخابية وجرد لمصاريفه الانتخابية. ويجب أن يرفق هذا الجرد بالوثائق المثبتة للمصاريف المذكورة”، وعلى أنه: “يجب على وكيل كل لائحة ترشيح أو كل مترشح، حسب الحالة، أن يودع داخل أجل ستين يوما…حساب حملته الانتخابية…”، وعلى أنه: “يوجه وزير الداخلية إلى الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات قائمة المترشحين برسم الانتخابات التشريعية العامة أو الجزئية، مع بيان أسماء المترشحين المنتخبين والمترشحين غير المنتخبين…يقوم الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات بإعذار وكيل كل لائحة ترشيح أو كل مترشح معني، حسب الحالة، قصد الإدلاء بالوثائق المطلوبة داخل أجل ستين يوما ابتداء من تاريخ الإعذار…يترتب على تخلف وكيل كل لائحة ترشيح أو كل مترشح، حسب الحالة، عن إيداع حساب حملته الانتخابية حسب الآجال والكيفيات المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي عدم أهليته للانتخابات التشريعية العامة والجزئية والانتخابات العامة والجزئية لمجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية طيلة مدتين انتدابيتين متتاليتين ابتداء من تاريخ صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات المشار إليه أعلاه، وذلك دون الإخلال باتخاذ الإجراءات والمتابعات المقررة في المقتضيات الجاري بها العمل فيما يتعلق بالمبالغ التي قام الحزب السياسي الذي ترشح باسمه بتحويلها لفائدته والتي يعود مصدرها إلى المساهمة التي تلقاها الحزب المذكور من الدولة لتمويل حملته الانتخابية”؛
وحيث إن هذه الأحكام، أدخلت تعديلات على القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب الساري، همت تحديد أجل ستين يوما لإيداع حساب الحملة الانتخابية، وللإدلاء بالوثائق المطلوبة في أعقاب إعذار وكيل لائحة ترشيح أو كل مترشح معني، من قبل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، وكذا التنصيص على عقوبة عدم الأهلية للانتخابات التشريعية العامة والجزئية والانتخابات العامة والجزئية لمجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية طيلة مدتين انتدابيتين متتاليتين ابتداء من تاريخ صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وهي عقوبة أصلية، بالنسبة للمترشحين، غير المعلن عن انتخابهم، الذين تخلفوا عن إيداع حساب حملتهم الانتخابية، وإضافية بالنسبة للمنتخبين أعضاء بمجلس النواب، علاوة على عقوبة التجريد من العضوية الواردة في المادة 12 من الإحالة؛
وحيث إن تحديد أجل ستين يوما، في حالتي الإيداع الأولي أو للإدلاء بالوثائق المطلوبة بعد الإعذار، يندرج في تحديد أجل معقول، غايته تخويل المترشحين أجلا معلوما كافيا لبيان مصادر تمويل حملاتهم الانتخابية، وجردا لمصاريفهم الانتخابية أو لاستدراك ما لم يتم الإدلاء به من وثائق ابتداء من تاريخ الإعذار، كما أن تحديد هذا الأجل سيسمح، بعد انصرامه، للمجلس الأعلى للحسابات، بمباشرة مهامه في التحقق من مصادر تمويل الحملات الانتخابية وتبرير مصاريفها، والوثائق المثبتة لذلك، ومدى التقيد بالسقف المحدد للمصاريف الانتخابية؛
وحيث إن المهام الموكولة للمجلس الأعلى للحسابات، بمقتضى المادتين المذكورتين، تندرج ضمن المهمة التي أناطها به الدستور، طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 147 منه، والمتمثلة في فحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية؛
وحيث إن الفقرتين الأولى والثانية من المادة 12، من القانون التنظيمي المعروض، تنصان على أنه: “يجرد من العضوية في مجلس النواب كل نائب تخلف عن إيداع حساب حملته الانتخابية داخل الأجل المحدد في المادة 95 من هذا القانون التنظيمي، أو لم يبين مصادر تمويل حملته الانتخابية أو لم يبرر مصاريفه الانتخابية أو لم يرفق جرد هذه المصاريف بالوثائق المثبتة ولم يستجب للإعذار الموجه إليه في شأنها من قبل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات عملا بأحكام المادة 96 من هذا القانون التنظيمي.
يجرد من العضوية في مجلس النواب كل نائب تجاوز السقف المحدد للمصاريف الانتخابية المشار إليه في المادة 93 من هذا القانون التنظيمي.”؛
وحيث إن ترابط جزاء التجريد، بعقوبة عدم الأهلية للترشح لمختلف الانتخابات طيلة مدتين انتدابيتين متتاليتين، يقتضي، بالنسبة لأعضاء مجلس النواب، الواردة أسماؤهم في التقرير المعد من قبل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، ألا يتم التصريح بالعقوبة المذكورة، بالنسبة للمعنيين بها، إلا كنتيجة لإعلان المحكمة الدستورية عن تجريدهم من العضوية بناء على إحالة الأمر إليها، على النحو المقرر في الفقرة الأخيرة من المادة 12 من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب؛
وحيث إن الدستور ينص، في الفقرة الخامسة من الفصل 11 منه، على أنه: “كل شخص خالف المقتضيات والقواعد المتعلقة بنزاهة وصدق وشفافية العمليات الانتخابية، يعاقب على ذلك بمقتضى القانون”؛
وحيث إن إضافة عقوبة المنع من الترشح إلى عقوبة التجريد، بالنسبة للمترشحين المنتخبين، الذين تخلفوا عن إيداع حسابات حملاتهم الانتخابية داخل الأجل المحدد أو لم يبينوا مصادر تمويل حملاتهم أو لم يبرروا مصاريف حملتهم الانتخابية أو لم يرفقوا جرد المصاريف بالوثائق المثبتة، سواء داخل الأجل أو بعد انصرام الأجل بعد إعذارهم، يخدم غاية نزاهة الانتخابات وشفافيتها وتكافؤ الفرص بين المترشحين، ويهدف إلى صون المال العام، وإلى تفعيل مبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة من خلال التحقق من مدى صرف الدعم العمومي في الأوجه المحددة له قانونا؛
وحيث إن جزاء عدم الأهلية للترشح، المقرر بموجب أحكام القانون التنظيمي المعروض، على المترشحين، بصرف النظر عن انتخابهم، ينصرف إلى مخالفة تهم التمويل الانتخابي، وشفافية المصاريف الانتخابية وإيداع حسابات الحملات الانتخابية، وهو ما لا يسوغ معه أن يقتصر الجزاء على الانتخابات التي ارتكبت المخالفة بمناسبتها، ويبرر في الآن ذاته، امتداد المنع من الترشح، ليطال مجموع الاستحقاقات الانتخابية المنصوص عليها في المادة 96 المعروضة؛
وحيث إن المنع من الترشح لمدتين انتدابيتين متتاليتين، يتناسب، كجزاء، مع طبيعة المخالفات المرتكبة؛
وحيث إن ما يمكن أن يترتب من قرارات ناتجة عن تطبيق الجزاء المذكور، لا سيما منها قرارات رفض التصريح بترشيح المخالفين المعنيين للعمليات الانتخابية المنصوص عليها في الفقرة السابعة من المادة 96، يبقى محاطا بضمانات الانتصاف القضائي المقررة بموجب النصوص التشريعية المنظمة للعمليات الانتخابية المذكورة؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق، فإن أحكام المواد 12 (الفقرتان الأولى والثانية) و94 و95 و96 (الفقرات الأولى والثالثة والسابعة) ليس فيها ما يخالف الدستور؛
– فيما يخص المادة 13 (الفقرة الثانية)
حيث إن هذه المادة تنص، في فقرتها المذكورة، على أنه: “تتنافى العضوية في مجلس النواب مع رئاسة مجلس جهة، ومع رئاسة مجلس عمالة أو إقليم، ومع رئاسة مجلس كل جماعة يتجاوز عدد سكانها 300.000 نسمة، ويؤخذ بعين الاعتبار عدد السكان المثبت في آخر إحصاء عام رسمي، وتحدد بنص تنظيمي قائمة الجماعات المعنية. كما تتنافى العضوية في مجلس النواب مع أكثر من رئاسة واحدة لغرفة مهنية أو لمجلس جماعة أو مجلس مقاطعة جماعية أو مجموعة تؤسسها جماعات ترابية”؛
وحيث إن هذه المادة، أضافت حالتي “رئاسة مجلس عمالة أو إقليم” و”رئاسة مجلس كل جماعة يتجاوز عدد سكانها 300.000 نسمة”، إلى قائمة المسؤوليات الانتدابية التي تتنافى مع صفة عضو مجلس النواب؛
وحيث إن المشرع، بسنه قواعد حالات التنافي، توخى من بين الغايات التي يهدف إليها، ضمان أداء سليم للوظائف الانتخابية، وتحقيق حسن سير المؤسسات المنتخبة والوقاية من حالات تنازع المصالح إعمالا لمبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة؛
وحيث إن هذه الإضافة، المندرجة في الصلاحية التقديرية للمشرع، ترمي إلى الحد من الجمع بين الانتدابات (الفقرة الثانية من الفصل 62 من الدستور)، وتفعيل مبدإ الحكامة الجيدة الذي يعد، بنص الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور، من مرتكزات النظام الدستوري للمملكة، وما يستلزمه إعمال المبدإ المذكور من ضمان حسن أداء مهام المؤسسات المنتخبة؛
وحيث إن إحالة المادة المعنية، من جهة، على آخر إحصاء عام رسمي، لتحديد الجماعات المعنية بحالة التنافي، ومن جهة أخرى، على نص تنظيمي لتحديد قائمة الجماعات، إنما تغيت من ذلك، الاستناد إلى مرجع موضوعي لإعمال حالة التنافي التي تهم رئاسة الجماعات التي يتجاوز عدد سكانها 300.000 نسمة، كما تقيدت، في ذلك، بالفصل بين مجال القانون التنظيمي المحصور في “قواعد الحد من الجمع بين الانتدابات” (الفقرة الثانية من الفصل 62 من الدستور)، مع ترك التفصيل فيها للمجال التنظيمي؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، فإنه ليس في الإضافة المذكورة ما يخالف الدستور؛
– فيما يخص المادة 24 (الفقرة السابعة المضافة)
حيث إن الفقرة السابعة المضافة إلى هذه المادة، تنص على أنه: “في حالة انصرام الأجل المخصص لإيداع التصريحات بالترشيح، تعتبر صحيحة لائحة الترشيح التي تبين بعد تسليم الوصل النهائي لوكيلها أن أحد مترشحيها غير مؤهل للانتخاب”؛
وحيث إن هذه الفقرة، في صيغتها المعروضة، تقيدت، من جهة، بحدود الأثر الفردي لفقدان أهلية الانتخاب، إذ اعتبرت صحيحة لائحة الترشيح التي تبين بعد تسليم الوصل النهائي لوكيلها أن أحد مترشحيها غير مؤهل للانتخاب، ولم تمس، من جهة أخرى، بضمانات المنازعة في قرار قبول الترشيح أمام المحكمة الدستورية بمناسبة الطعن في نتيجة الانتخاب، المكفولة بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 87 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، مما تكون معه الفقرة المضافة المذكورة، غير مخالفة للدستور؛
– فيما يخص المادة 84
1- بخصوص الفقرة الثانية:
حيث إن الفقرة المذكورة، من المادة المشار إليها، تنص على أنه “توزع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها. وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور”؛
وحيث إنه، بمقتضى ذلك، فإن هذه الأحكام، حددت أساس احتساب القاسم الانتخابي، من خلال اعتماد قاعدة “عدد الناخبين” المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية؛
وحيث إن الدستور، أَسْنَد، بمقتضى الفقرة الثانية من فصله 62، لقانون تنظيمي بيان النظام الانتخابي لأعضاء مجلس النواب، وهو النظام الذي تندرج ضمن مشمولاته، الأحكام المتعلقة بطريقة توزيع المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية المحدثة، بغض النظر عما إذا كانت وطنية أو جهوية أو محلية، وكذا الأساس الذي يستخرج منه القاسم الانتخابي؛
وحيث إن الدستور، لا يتضمن، مع استحضار ما تقدم، أية قاعدة صريحة، تتعلق بطريقة احتساب القاسم الانتخابي، الأمر الذي يكون معه هذا الأخير، من المواضيع التي ينفرد المشرع بتحديدها؛
وحيث إن الدستور يكون، تأسيسا على ما سبق، قد جعل موضوع “النظام الانتخابي” لأعضاء مجلس النواب ضمن مجال التشريع، حيث أدرجه ضمن المشمولات التي ينفرد القانون التنظيمي بتحديدها، ويؤول أمر سن الأحكام المتعلقة بها حصريا إلى المشرع، وفق سلطته التقديرية، والتي لا يمكن للمحكمة الدستورية التعقيب عليها طالما لم تخالف أحكام الدستور؛
وحيث إنه، بالرجوع إلى الدستور، فإنه ينص:
– في الفقرة الثالثة من فصله الأول، على ثابت “الاختيار الديمقراطي”، وهو الثابت الذي يُعمل في احترام وتقيد بمبدإ آخر مكرس بدوره في الدستور، وهو مبدأ فصل السلط، الذي يجعل البرلمان ممارسا، طبقا للفصل 70 من الدستور، للسلطة التشريعية، مع ما يترتب عن ذلك، من صلاحيتها في تحديد القواعد الضابطة للنظام الانتخابي،
– وفي الفقرة الأولى من فصله الثاني، وفي الفقرة الأولى من فصله 11، بالتتابع، على أن الاقتراع الحر والنزيه والمنتظم، هو أساس اختيار الأمة لممثليها في المؤسسات المنتخبة، وأن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي، وكلها أحكام لا يحد من إعمالها، ولا من مدى ممارستها، تغيير طريقة احتساب القاسم الانتخابي،
– وفي الفقرة الأولى من فصله السابع، على أنه “تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة”، وهي المهام التي تمارسها الأحزاب السياسية، طبقا للقوانين التنظيمية أو القوانين الأخرى ذات الصلة، والتي يبين من الرجوع إليها، أنها لا تتضمن، سواء من جانب الدستورية أو من مدخل الانسجام التشريعي، ما يخالف احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد الناخبين المقيدين،
– وفي الفقرة الثالثة من فصله السابع، على أن “نظام الحزب الوحيد نظام غير مشروع”، وفي البند الأخير من الفقرة الثانية من فصله 10، على “ممارسة السلطة عن طريق التناوب الديمقراطي”، وهو ما يتطلب وجود نظام انتخابي، مكرس للتعددية الحزبية، داعم للتناوب، تعكس نتائجه تمثيلا حقيقيا لتعددية الأحزاب السياسية، وهي غايات ليس في طريقة احتساب القاسم الانتخابي على أساس “عدد الناخبين المقيدين”، ما يحد منها أو يحول دون إدراكها والوصول إليها،
– وفي الفقرة الثانية من فصله 30، على أن التصويت حق شخصي، وهو ما لا يتأتى ممارسته، ابتداء، إلا بالتسجيل في اللوائح الانتخابية، وأن اعتبار التصويت “واجب وطني”، بمقتضى الأحكام المشار إليها، يكرسه احتساب القاسم الانتخابي على أساس المقيدين في اللوائح الانتخابية، استحضارا لما تضمنته تصدير الدستور من تلازم “بين حقوق وواجبات المواطنة”؛
وحيث إن عملية توزيع المقاعد، على لوائح الترشيح المعنية، على أساس قاسم انتخابي يُستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها، تعد عملية قائمة الذات، لاحقة على الاقتراع، وعلى فرز الأصوات وإحصائها، ومتمايزة عنها، وتندرج ضمن السلطة التقديرية للمشرع، الذي حرص في ذلك على تحقيق الغايات المقررة في الدستور في شأن ضمان تكافؤ الفرص بين لوائح الترشيح، وسلامة العملية الانتخابية، والتعبير الحر عن إرادة الناخبين؛
وحيث إنه، فضلا عن ذلك، يبين من الاطلاع على الأشغال التحضيرية للقانون التنظيمي المعروض، أن مبرر التعديل المقدم، لتوزيع المقاعد بواسطة قاسم انتخابي مستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها، من جهة، ولعدم اشتراط نسبة معينة من الأصوات يتعين على لوائح الترشيح الحصول عليها للمشاركة في عملية توزيع المقاعد، من جهة أخرى، أتى “لتحقيق تمثيلية موسعة للناخبين برسم الدوائر المحلية، وفتح المجال أمام كافة القوى السياسية للمشاركة في القرار من خلال المؤسسة التشريعية”، وهو ما ينسجم ويخدم المبادئ والغايات الدستورية التي تم بسطها؛
وحيث إن الدستور، يعتبر، في فصله السادس، القانون أَسْمى تعبير عن إرادة الأمة؛
وحيث إن المكانة التي حفظها الدستور للقانون، في دلالته العامة التي تشمل أيضا القوانين التنظيمية، تظل مكفولة ما دامت قواعده مطابقة للدستور، وليس فيها ما يخالف أحكامه، وأن تطبيقها يتم وفق تفسير يشترط دستوريتها؛
وحيث إن المحكمة الدستورية، لا يندرج ضمن صلاحياتها، التعقيب على السلطة التقديرية للمشرع، في شأن اختيار نوعية التدابير التشريعية التي يرتضيها، أو المفاضلة بين اختيارات تشريعية ممكنة، أو اقتراح بديل تشريعي من شأنه أن يحقق الغايات الدستورية نفسها، طالما أن ذلك لا يمس بأحكام الدستور؛
وحيث إنه، بناء على ما تقدم، ليس في الفقرة الثانية من المادة 84 ما يخالف الدستور؛
2- بخصوص الفقرة السابعة:
حيث إن الفقرة المذكورة، من المادة المشار إليها، تنص على أنه “لا يمكن أن يعلن عن انتخاب مترشحي لائحة فريدة أو مترشح فريد إذا لم تحصل اللائحة المعنية أو المترشح المعني على عدد من الأصوات يعادل على الأقل خمس أصوات الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية المعنية”؛
وحيث إنه، بمقتضى ذلك، فإن المشرع قد خص حالتي “مترشحي لائحة فريدة” أو “مترشح فريد”، بقاعدة تضاف إلى القواعد العامة، تتمثل في وجوب حصول اللائحة أو المترشح، حسب الحالة، على عدد من الأصوات يعادل على الأقل خمس أصوات الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية المعنية؛
وحيث إن هذه القاعدة، ترمي إلى ضمان حد أدنى من المشروعية والتمثيل في انتخابات تستفرد فيها لائحة فريدة أو مترشح فريد بالمقاعد الواجب ملؤها، وتغيب فيها التنافسية بين اللوائح أو المترشحين، مما يبرر الأساس الذي ارتضاه المشرع للإعلان عن انتخابها، والمتمثل في تحديد نسبة معينة من عدد الأصوات التي يتعين الحصول عليها، ويندرج، تبعا لذلك، في إطار إعمال ما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 11 من الدستور من أن “الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي”؛
وحيث إن نسبة خُمُس الأصوات، المتطلبة للإعلان عن انتخاب مترشحي لائحة فريدة أو مترشح فريد، تبقى متناسبة مع الأدوار والغايات الدستورية للانتخابات، لا سيما منها تلك المتعلقة بانتخاب مجلس يستمد أعضاؤه، طبقا للفقرة الأولى من الفصل 60 من الدستور، نيابتهم من الأمة؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق، ليس في أحكام الفقرة المذكورة، ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة الثانية:
فيما يخص المادة 12 المكررة
حيث إن المادة المذكورة، تنص على أنه: “يجرد من صفة عضو في مجلس النواب كل نائب تخلى، خلال مدة انتدابه، عن الانتماء إلى الحزب السياسي الذي ترشح باسمه لعضوية مجلس النواب أو عن الفريق أو المجموعة النيابية التي ينتمي إليها.
يجوز للحزب السياسي الذي ترشح العضو المعني باسمه أن يلتمس من رئيس مجلس النواب إحالة طلب التجريد على المحكمة الدستورية.
يجرد كل نائب تغيب سنة تشريعية كاملة عن حضور أشغال مجلس النواب دون عذر مقبول.
تصرح المحكمة الدستورية بشغور المقعد الذي يشغله المعني بالأمر بناء على إحالة من رئيس مجلس النواب وفق أحكام الفصل 61 من الدستور.”؛
وحيث إن المادة المذكورة، تنص، في فقرتها الثالثة المشار إليها، على أنه “يجرد كل نائب تغيب سنة تشريعية كاملة عن حضور أشغال مجلس النواب دون عذر مقبول”، وأنه تفعيلا منها لعقوبة التجريد المقررة، نصت الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة، على أنه “تصرح المحكمة الدستورية بشغور المقعد الذي يشغله المعني بالأمر بناء على إحالة من رئيس مجلس النواب وفق أحكام الفصل 61 من الدستور”؛
وحيث إن الفصل 69 من الدستور، نص في الفقرة الثالثة منه، على أنه: “يحدد النظام الداخلي … واجبات الأعضاء في المشاركة الفعلية في أعمال اللجان والجلسات العامة، والجزاءات المطبقة في حالة الغياب”؛
وحيث إنه، لئن كان الدستور، جعل الجزاءات المطبقة في حالة الغياب، من مشمولات النظام الداخلي للمجلس المعني، فإن صورة الغياب التي تصدت المادة المذكورة لتنظيمها، والتي تنصرف إلى حالة الغياب غير المبرر، لمدة سنة تشريعية كاملة، ودون عذر مقبول، والجزاء الذي رتبته عليها، والذي يصل إلى درجة التجريد، يبرر تنظيمها بمقتضى قانون تنظيمي، بالنظر لتعلقها بحق من حقوق النائب؛
وحيث إن الدستور، في الفقرة الأولى من فصله 61، ينص على أنه: “يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها”؛
وحيث إن ما تضمنته الأحكام المشار إليها، وإن تعلقت، حصريا، بالتخلي عن الانتماء السياسي المترشح باسمه أو الفريق أو المجموعة المنتمى إليها، فإنه ليس في الدستور، ما يمنع توسيع تطبيق جزاء التجريد الذي رتبته عليها، على حالات وصور أخرى للتخلي الإرادي؛
وحيث إن التغيب لمدة سنة تشريعية كاملة عن ممارسة المهام الموكولة لعضو مجلس النواب المعني، يعد تخليا إراديا، وأن جزاء التجريد المرتب عليه، يعد تطبيقا لمبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور؛
وحيث إن جزاء التجريد، باعتباره عقوبة، يتناسب مع جسامة الفعل، وليس فيه أي غلو، وأنه مُحاط، فضلا عن ذلك، بضمانات كفلتها أحكام الفقرة الثانية من الفصل 61 من الدستور لما أسندت للمحكمة الدستورية اختصاص البت في شغور مقعد عضو مجلس النواب المعني، وأحالت إلى مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب، لا سيما منها المحددة لآجال ومسطرة إحالة طلب التصريح بالشغور، المشار إليه، إلى المحكمة الدستورية؛
وحيث إن تخويل الحزب السياسي إمكانية تحريك مسطرة التجريد، في حق كل عضو منتم له، تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه، أو عن الفريق أو المجموعة التي ينتمي إليها، المتخذة وفق صيغة “الالتماس”، لا يقيد الصلاحية التي خولتها الفقرة الأخيرة من الفصل 61 من الدستور، لرئيس مجلس النواب، لإحالة حالة العضو الذي تخلى عن انتمائه السياسي إلى المحكمة الدستورية، وفق الآجال والمسطرة المحددة في النظام الداخلي للمجلس المذكور؛
وحيث إنه، يعود إلى مجلس النواب، بمناسبة وضع أو تعديل نظامه الداخلي، تحديد مشمولات “العذر المقبول” وفق تقديره، لحالات التغيب لمدة سنة تشريعية، والتي لا يترتب عنها التجريد من العضوية، تحت مراقبة المحكمة الدستورية، بمناسبة بتها في دستورية النظام الداخلي للمجلس المعني أو في التعديلات المدخلة عليه؛
وحيث إنه، بناء على ما تقدم، يكون تنظيم حالة من حالات الغياب المفضية إلى التجريد بمقتضى قانون تنظيمي، وتخويل الحزب السياسي، المترشح باسمه أن يلتمس، من رئيس مجلس النواب، إحالة طلب التجريد إلى المحكمة الدستورية، وإسناد التصريح بشغور المقعد المعني، وفق أحكام الفصل 61 من الدستور، لهذه المحكمة، ليس فيه ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة الثالثة:
حيث إن هذه المادة، تنص على أنه: “لا يؤهل للترشح للعضوية في مجلس النواب برسم الدوائر الانتخابية الجهوية المحدثة بموجب هذا القانون التنظيمي كل شخص سبق انتخابه عضوا في المجلس المذكور برسم الدائرة الانتخابية الوطنية القائمة قبل دخول هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ.”؛
وحيث إن الدوائر الانتخابية الجهوية، نظمت بمقتضيات خاصة، تهم إحداثها واللوائح المترشحة فيها، وترتيب المترشحين بها، وأهليتهم، تمييزا لها عن الدوائر الانتخابية المحلية، تحقيقا للغايات الدستورية التي أحدثت من أجلها؛
وحيث إن أحكام هذه المادة، تُرسي حُكما انتقاليا يهدف إلى المرور من نظام “الدائرة الانتخابية الوطنية” إلى آلية “الدوائر الانتخابية الجهوية”، في استحضار للقواعد المنظمة للأولى، والتي كانت ترتب عدم أهلية كل عضو، من مجلس النواب، منتخب على أساسها، من إمكانية الترشح مجددا عبر لوائحها؛
وحيث إن هذا القيد، سيفقد معناه، إذا ما تم رفعه، خلال المرحلة الانتقالية، بتمكين المنتخبين على أساس الدائرة الانتخابية الوطنية، من إمكانية الترشح في “الدوائر الانتخابية الجهوية” المحدثة؛
وحيث إن الدوائر الانتخابية الجهوية، أحدثت لتعويض آلية الدائرة الانتخابية الوطنية، مما يجعل من امتداد عدم أهلية الترشح في الأولى إلى المنتخبين برسم الثانية، لا يشكل مظهرا من مظاهر رجعية القانون، المحظور طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 6 من الدستور؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق، ليس في المادة الثالثة ما يخالف الدستور؛
وحيث إن باقي أحكام القانون التنظيمي المعروض ليس فيها ما يخالف الدستور؛
لهذه الأسباب :
أولا- تصرح بأن القانون التنظيمي رقم 04.21 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، ليس فيه ما يخالف الدستور؛
ثانيا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الأربعاء 24 من شعبان 1442