سلايدر الرئيسيةسياسة

العميد السابق ل”كلية طنجة” يتحدث عن تعديل “القاسم الانتخابي” وعن تأثيره على نتائج الانتخابات المقبلة (حوار)

قال العميد السابق لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، محمد يحيا، إن السبب الأساسي وراء النقاش الواسع للتعديل الذي قدمته 7 أحزاب مغربية على القاسم الانتخابي، يجد مرتكزاته في النتائج المتوخاة من هذا التغيير لتحقيق تمثيلية موسعة للناخبين برسم الدوائر المحلية.

وأضاف أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بطنجة، في حوار مع “شمالي”، أن واقع المغرب اليوم يؤكد وجود كتلة ناخبة هامة عازفة عن الإدلاء بأصواتها في مختلف المحطات الانتخابية ( الطبقة المتوسطة و النخب المثقفة) ما يعطي صورة غير واضحة عن توجهات و مآل الرأي العام، و استحالة تقييم المشهد السياسي.

الحوار كاملا:

حاوره حمزة الوهابي

 كيف تتابع الجدل الدائر حول التعديل الذي قدمته 7 أحزاب مغربية على القاسم الانتخابي؟

الأمر يتعلق بجدل صحي له أهميته وهيمنته قبل الانتخابات التشريعية المقبلة، كما أن النقاش لم يكن مقتصرا على الإشكاليات التي يطرحها ضرورة اعتماد قاسم انتخابي جديد، بل تعداه إلى تحليل واقع الساحة السياسية الوطنية بما تحمله من إيجابيات و سلبيات، ليشكل مجال الذاكرة الجماعية الوطنية بين مختلف الفرقاء و التنظيمات السياسية بما فيها تلك التي غالبا ما كانت تدعو لمقاطعة الاستحقاق.

واضح أن السبب الأساسي وراء النقاش الواسع للتعديل الذي قدمته 7 أحزاب مغربية على القاسم الانتخابي، يجد مرتكزاته في النتائج المتوخاة من هذا التغيير لتحقيق تمثيلية موسعة للناخبين برسم الدوائر المحلية .

و أهمية فتح المجال أمام جميع القوى السياسية للمشاركة في صياغة و اتخاذ القرار من خلال المؤسسة التشريعية و الانتقال من الديمقراطية التمثيلية = démocratie représentative إلى ديمقراطية الانخراط = démocratie d’adhésion ما سيؤدي بالإضافة إلى المساهمة الواسعة في تحقيق المشاركة في القرار داخل المؤسسة التشريعية، إلى تجسيد الإجماع و التوافق في تبني القوانين بين الأغلبية و المعارضة، قد يقول البعض أن المسألة قد تؤدي إلى بلقنة المشهد السياسي ما سيصبح معه صعبا تشكيل تحالفات حكومية قوية بعد الانتخابات و انعكاساتها سلبا على الانسجام الحكومي ، هذا الأمر يعتبر في الوضع الراهن من باب التحصيل الحاصل ، و بالتالي لا يمكن إثارته كسبب منطقي لانتقاد اعتماد قاسم انتخابي جديد ، أو القول بأنه يؤدي إلى الإجهاز على انتظارات و تطلعات المواطنين.

2- من الناحية الديمقراطية ،هل الاعتماد على القاسم الانتخابي على أساس المسجلين مقبول ؟

الجواب قد يكون بنعم أو بلا حسب الزاوية و المصالح المنتظرة من تبني هذا النظام أو ذاك. القوانين الانتخابية هي جزء لا يتجزأ من اللعبة السياسة المعتمدة في الأنظمة الديمقراطية للتعبير عن انتظارات و تطلعات الناخبين (جميع المواطنين ) الذين لهم الحق في التصويت، في اختيار من سيمثلهم ومن سيزاول السلطة باسمهم .

من هذا المنطق تختار كل دولة ما يلاءم خصوصياتها بالنظر إلى واقع و حجم التمثيلية داخل المؤسسات و المرودية المحققة في أفق الإجابة : هل يجب تقليص عدد الأحزاب داخل المؤسسات ؟ من خلال مثلا اعتماد نظام أكبر معدل، أو وضع عتبة انتخابية تشترط فقط للحصول على نسبة معينة من الأصوات ، و بالتالي توسيع دائرة التمثيل الحزبية داخل المؤسسات المنتخبة لتشمل جميع الأحزاب ، حيث جميع التيارات السياسية يجب أن يكون لها حضور يوضح و جهة نظرها و المساهمة في جميع ذات الصلة بقضايا الشأن العامالخ..

واقع المغرب اليوم يؤكد وجود كتلة ناخبة هامة عازفة عن الإدلاء بأصواتها في مختلف المحطات الانتخابية ( الطبقة المتوسطة و النخب المثقفة) ما يعطي صورة غير واضحة عن توجهات و مآل الرأي العام، و استحالة تقييم المشهد السياسي .

أخطر من ذلك أن هذه الفئة هي التي توجه الانتقاد لأداء و مرودية عمل الحكومة و البرلمان وأداء الهيئات الترابية المنتخبة و باقي الهيئات الدستوريةالخ، و هو واقع تتبناه بقوة فيما كل ما تدونه وتغرد به بمواقع التواصل الاجتماعي ، من خلال رفضها هيمنة تيارات سياسية تحكمت في العملية الانتخابية بواقع مجتمع مدني مزيف مؤسس على العمل الخيري ، أو الخطاب الديني ، أو المقاربة التضليلية ، ما أصبح معه بالنتيجة والضرورة إن الأحزاب السياسية المستفيدة من نمط الاقتراع الحالي لا تهمها ظاهرة العزوف الانتخابي ما دامت هي أكبر مستفيد مكرسة معاناة المؤسسات و طريقة اشتغالها .

و عليه تغيير القاسم الانتخابي ديمقراطيا مقبول بالمملكة لإن الاحتفاظ بنفس القاسم الانتخابي المعمول بت سابقا، لا يمكن أن يحقق الغايات المتوخاة من العملية الانتخابية التي يجب أن تكون مرآة صادقة و محفزة للرأي العام و توجهاته ، بل كوسيلة للتداول عل السلطة بين جميع القوى السياسية الحية المؤمنة بنبل العمل السياسي الصادق و لاحتواء انعدام الثقة بين الناخب و المنتخبين و كذا لوضع حد للاحتجاجات الشعبية المواطنة في ظل ضبابية العمل و المشهد السياسي أذى أصبحا غير قادر على التمييز السياسي بين اليمين و اليسار، وارتكز على ما هو انتخابي، ظرفي و آني و تم تغييب البرامج السياسية، حيث الأحزاب في قطيعة مستمرة مع الدينامكية الوطنية في غياب كلي لأي مبادرة لمعالجة القضايا الاقتصادية ،السياسية و الاجتماعية فاسحة المجال لنخبة من التقنوقراط لتحل محلها في تدبير الشأن العام الوطني والمحلي،من باب التحصيل الحاصل .

3-ما التأثير الذي سيحدثه القاسم الانتخابي على أساس المسجلين على نتائج الانتخابات المقبلة ؟

التأثير الذي سيحدثه القاسم الانتخابي على أساس المسجلين على نتائج الانتخابات المقبلة:

  • استبعاد هيمنة حزب أو حزبين على المشهد السياسي الوطني، كما كان الحال بعد الانتخابات التشريعية لسنة 2011 و 2016،فاعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين ،يقلص حظوظ الفوز بمقعدين في نفس الدائرة ،وسيقلص الفارق في عدد المقاعد بين الأحزاب ،المقعد الثاني الذي سيخسره الحزب الأول سيذهب في أغلب الحالات إلى لائحة لم تكن لها حظوظ للفوز بمقعد لو تم اعتماد القاسم الانتخابي على أساس التصويت .وعليه مقارنة مع الانتخابات التشريعية الأخيرة مثلا سيفتقد الحزب الذي تصدر المشهد السياسي إبان الاستحقاقات التشريعية ل2016، 44 مقعدا أي أن مجموع المقاعد التي سيحصل عليها ستكون ما بين 83 و88 إذا حافظ الحزب بطبيعة الحال على كتلته الناخبة .
  • زيادة عدد الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان خصوصا الأحزاب السياسية الصغرى والمتوسطة ، بمعنى توسيع دائرة التمثيلية الحزبية ، وإعطاء جميع التيارات السياسية الحق في المساهمة والمشاركة في بلورة السياسات العمومية ، واحتواء ظاهرة العزوف السياسي والانتخابي، واسترجاع الثقة المفقودة بين الناخبين والمنتخبين ، ولو نسبيا . هذه المحطة الجديدة من شأنها أن تكون ضمانة حقيقية للاستجابة لمتطلبات الموطنين وأمالهم ،وتجسيد علي ارض الواقع مؤسسات منتخبة ذات مصداقية وفعالية ، بالتصويت على نخب مؤهلة تحظى بثقة وشرعية هذا النظام التمثيلي الجديد الذي من شأنه أن يؤدي بالجميع إلى تحمل مسؤولياته للعب الأدوار المنتظرة منه .

4-هل يوجد في العالم أي تجربة تشابه هذا التعديل الذي قدمته أحزاب المعارضة والأغلبية باستثناء؟

لا توجد في أي دولة من دول العالم تجربة مشابهة للتعديل الذي قدمته أحزاب المعارضة والأغلبية باستثناء البيجيدي ، هذا التعديل تم تبنيه لأسباب متصلة بخصوصية النموذج السياسي والدستوري المغربين ، فقبول ولاية حكومية ثالثة لنفس الحزب ، مسألة سريالية (2011-2026) ، كما أن الثقافة الدستورية في مختلف بقاع العالم لا يمكن أن تقبل بوجود حزب يقود حكومة (غير منسجمة ) على مدى 15 سنة ، وفرضا في ظل الأوضاع الراهنة واحتراما لمنطوق الفصل 47 من الدستور ، فإن حزب العدالة والتنمية في حالة تصدره نتائج الانتخابات المقبلة سيصبح في وضعية شبه مستحيلة ، وإن تبوء المرتبة الأولى ، لتشكيل الحكومة .

ومن غرائب المشهد السياسي الوطني أن تقبل الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية التعديلات الجوهرية المتصلة بالنظام الانتخابي ، المقترحة من طرف الوزارة الوصية ، و يصادق عليها في مجلس الوزراء والحكومة ، ويصوت عليها بالأغلبية في مجلس النواب (162مع)(104ضد)، ثم بعد ذلك يتم التصدي لها إعلاميا واتهام المؤسسة التشريعية بعدم الاستقلالية ؟ بل ذهب رئيس الحكومة إلى حد التأكيد أن القوانين الانتخابية تضمنت تراجعات خطيرة مست بجوهر الاختيار الديمقراطي ؟

5-بشكل عام، كيف ترى التعديلات التي عرفتها المنظومة الانتخابية ˁ

إن مجموع التعديلات التي عرفتها المنظومة الانتخابية ببلادنا من الأهمية بمكان ، استدراكا لبعض الاختلالات والنواقص التي أكدتها الممارسة وتدبير الشأن العام للهيئات المنتخبة، حيث تم التصويت على التعديلات بنعم من طرف 162 نائبا و معارضة 104، و هي تعديلات همت أساسا القاسم الانتخابي الذي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها، و توسيع حالة تنافي العضوية في مجلس النواب مع رئاسة مجلس عمالة أو إقليم. كما تم تبني تصور بديل بالنسبة للدائرة الانتخابية الوطنية التي عوضت بدوائر جهوية، انطلاقا للمكانة الدستورية للجهة في التنظيم الترابي للمملكة مع أخذ بعين الاعتبار معيارين أساسيين :

1- عدد السكان القانونين بالجهة.

2- تمثيلية الجهة اعتبارا لمكانتها الدستورية في التنظيم الترابي.

و همت التعديلات أيضا إجراءات التخليق في مجال الحملات الانتخابية وإضفاء الشفافية وتحقيق المنافسة المنصفة والشريفة ، وضرورة إعداد حساب الحملات الانتخابية ، ودعم وضعية المرأة في المشهد الانتخابي تجسيدا لمبادئ المناصفة والتمييز الايجابي التي جاء بها دستور 2011. وهي لحظة متميزة في تاريخ المغرب الحديث لتثمين ودعم التحولات الاجتماعية الكبرى من خلال التغييرات التي تم إدخالها على المنظومة الانتخابية الوطنية من اجل تمثيلية أوسع للشباب والمرأة باعتبارهما مدخلا أساسيا لكل تنمية سياسية ،الاقتصادية واجتماعية شاملة ،وكذا لاحتواء ظاهرة تخاذل الفاعلين السياسيين بعد 10سنوات من التطبيق النسبي لدستور 2011، في أفق تجسيد أمثل، لذا تعتبر إصلاح منظومة الانتخابات بداية البدايات.

الوسوم

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق