مقالات الرأي
استمرار الترحال السياسي بطنجة.. “كائنات انتخابية غير مكترثة بروح الدستور والقانون”
حسن الحداد (أبو ياسر)
انتشرت أخبار تغيير اللون السياسي لكثير من الوجوه المعروفة محليا هذه الأيام. أخبار النَّط من حزب إلى آخر كأننا في سباق القفز بالزانة دون مراعاة للأصول السياسية وأعراف الانتقالات، فِعلٌ كهذا أجمع كل المهتمين على أنه خرَّب العمل الحزبي مما دفع المشرع المغربي للعمل على وضع حد لعملية الترحال السياسي وذلك عبر نصوص قانونية دفعها لمحاولة محاصرة الظاهرة، ثم كذلك بتدابير و إجراءات قانونية، تم تدبيجها في قانون الأحزاب لأول مرة، قبل أن تتم دسترة المبدأ في دستور 2011 ، و التنصيص عليه في القانون التنظيمي للأحزاب السياسية و كذا في النظامين الداخليين، والقانونين التنظيمية لمجلسي البرلمان، و القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية .
لقد أقر المشرع المغربي (الدستور و القانون) بأن الترحال السياسي خلال فترة الإنتداب الإنتخابي لا يترتب عنه عقوبات مالية فقط كما كان الحال مع قانون الأحزاب السياسية لسنة 2006، بل أصبح حاليا ينتج عنه التجريد من العضوية في مجلسي البرلمان، و في مجالس الجماعات الترابية، و في الغرف المهنية و هو الوضع الذي عاينه القضاء الدستوري و أدلى بموقفه منه، و كذلك القضاء الإداري، الذي مارس رقابته عليه بشكل متواتر، و كلاهما اعتبرا أن الترحال السياسي هو عمل لا يتوافق و المبادئ الدستورية و القانونية المؤطرة للانتخابات و الحياة الحزبية و السياسية بصفة عامة . غير أن ما يطلق عليهم بالكائنات السياسية وممتهني حرفة الترشح في الانتخابات ظلوا على عهدهم غير مكترثين لروح الدستور ولا القانون ولا حتى للإديولوجية الحزبية ، فَالنط هو سمتهم الأساسية والغريب في الأمر أن كثير من الأحزاب تستقبل هذه الكائنات وتُرحب بقدومها ، هذا ما يدفعنا للتساءل عن دور الشبيبات الحزبية والمنظمات الموازية التابعة للأحزاب التي تعتبر رافعة أساسية وقوة اقتراحية ونضالية داخل الحزب وعبرها يتم تمرير كثير من المواقف.
الشبيبة الحزبية
يمكن اعتبار الشبيبة مدرسة تُلقن اهم الدروس و التمارين الديمقراطية وهي حاضنة للشباب وفضاء لتكوينهم وتأهيلهم وتاطيرهم ، وتعتبر الشبيبات الحزبية بمثابة خزان للكفاءات يَرجع الحزب اليه عند الضرورة قصد دعم الحزب انتخابيا لهذا فشباب وشابات الشبيبات هم الأولى من غيرهم تصدر اللوائح الانتخابية تماشيا مع فلسفة العمل الحزبي الذي جاء في أهم ادبياته ، ان العمل داخل الاحزاب هو من أجل الوصول إلى السلطة عبر التدافع والاستحقاق الداخلي والإحتكام للاليات الداخلية
تهميش الشباب على حساب الكائنات الانتخابية
هنا نتساءل عن أسباب الإتيان بهذه الكائنات هل بسبب فقر الشبيبات و عجزها عن سد الفراغ الانتخابي أم أن الأمر أعمق وأبعد من هذا. أي إحساس يعيشه أعضاء بعض الشبيبات الحزبية الدين بحت حناجرهم في الملتقيات الحزبية وساهموا في تأطير ورشات وتنشيط دورات تكوينية في شتى المجالات التي تهم الشأن العام وهم يرون قياداتهم تستقبل بالأحضان دخلاء على الحزب وتبوأهم مكانة متقدمة وتوزع عليهم التزكيات علما أنهم لم يقدموا للحزب أي شيء يذكر كل ما يملكون في رصيدهم النضالي هو حسابهم البنكي ورهطٌ من الهتافين.
الرَّهط الانتخابي وتبخيس المؤسسات الحزبية
هناك من يتبجح اليوم بكثرة رهطِه الذي يدافع عنه في الملتقيات ويَعتبر هذا الرهط بمثابة تزكية من الشارع وله الحق في الترشح في أي حزب يشاء دون المرور عبر الآليات الديمقراطية متناسيا أن الكَيْف أهم بكثير من الكَم (حفنة ديال النحال أحسن من شواري ديال الذبان) غير أن هذا الامر تتحمل الأحزاب السياسية المغربية نسبة عالية من انتشاره وترسيخه وجعله عادة، فالمقاربة العددية التي تتعامل بها بعض الأحزاب مع المحطات الانتخابية جعلت من هاجس عدد المقاعد وأفراد الفريق داخل المؤسسات المنتخبة أهم بكثير من مردودية الفريق نفسه علما أن عطاء الأحزاب ومساهمتها في التنمية محليا وجهويا ومركزيا يتأتى عبر كفاءة وتجانس وتناغم أعضاء الفريق وإن قل عددهم .