وزان

ضوء أحمر: يهود وزان في الميزان

بقلم د.الشريف الرطيطبي

بين قرية أسجن ودار الضمانة  يتم الحديث من طرف بعض الجهات عن كون وزان تحوز القداسة مرتين: فهي مدينة الشرفاء اليملحيين الوزانيين، وفي نفس الوقت يوجد على مقربة منها ضريح واحد من أشهر حاخامات يهود العالم العربي: عمرام بن ديوان ،المدفون في قرية أسجن على بعد 9 كلمترات شمال وزان.
فما هي قصة وجود اليهود بالمدينة المقدسة وزان؟ وكيف عاشوا فيها ؟ وماذا بقي من آثارهم بها؟
يعود الوجود اليهودي بوزان إلى عهد الشيخ سيدي علي بن أحمد بن مولاي الطيب بن مولاي محمد بن مولاي عبد الله الشريف. فهو الذي استقدم يهود القصر الكبير وتطوان لتنشيط الحياة الاقتصادية بدار الضمانة. ومنحهم في البداية فندقا بطابق أرضي للإقامة، وبجواره ركن خاص بالدواب. وقد تحول مع مرور الوقت إلى ملاح. وأصبح يهود ملاح وزان يتكلفون بمختلف عمليات البيع والشراء، سواء للمواد الفلاحية أو الصناعية، وبصناعة الأدوات الحرفية كالقرشال وكل ما يدخل في حرفة الدرازة والخياطة والطرز. وفي نفس الوقت كان اليهودي يتنقل على دابته في مختلف المداشر لاستبدال المواد الزجاجية ومواد التجميل بكل ما هو فلاحي كالصوف والزيتون والحبوب والجلود. وقد خلقوا رواجا اقتصاديا مهما بالمدينة جلب تجارا كبارا من فاس ومكناس وتطوان.
وكان اليهود يعيشون في كنف دار الضمانة وحماية شرفائها ،ويتميزون باللباس الأسود، ولا يركبون الدواب، إلى حين السماح لهم بذلك على يد الشيخ سيدي الحاج عبد السلام بن العربي الوزاني في القرن19. كما كان لا يسمح لهم بدفن موتاهم بوزان بدعوى أن” أرض وزان تضمن الجنة لمن يدفن بتربتها”، فاضطروا إلى دفنهم بقرية أسجن. وفي هذه الأخيرة يوجد ضريح الحاخام عمرام بن ديوان الذي جاء من فلسطين في مهمة لجمع التبرعات،فتوفي ودفن بهذه القرية. ويعتقد في أن له كرامات مثل شفاء مجموعة من الأمراض كالصمم والشلل. وتحكي إحدى الروايات أن أحد قادة الشرطة في وزان أيام الإستعمار الفرنسي شفيت ابنته من الشلل فأمر بتهيئة الطريق منها إلى وزان. ويحتفل يهود العالم بالهيلولة بضريحه سنويا، فيقيمون “الشعالة” بحرق الشموع ورفع الدعاء وترديد الأغاني، يشاركهم في ذلك المسلمون المغاربة، رسميون ومن أبناء الشعب. وقد زار المستشار الملكي أندري أزولاي مدينة وزان بصفتها مدينة التسامح والتعايش بين الديانات، وحضي باستقبال رفيع المستوى، كما زارها اليهود المزدادون في المغرب، صحبة أبناءهم ، والمنتظمون في جمعيةنياوماروكNeoMaroc ، سنة 2006 ،فزاروا الملاح و”البيعة”، ووعدوا بإصلاحها قصد استعمالها لأغراض ثقافية واجتماعية.. فهل تصلح مبادرات يهود وزان ما أفسده الدهر؟!

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق