سلايدر الرئيسيةمقالات الرأي

إعلامي مغربي مقيم في إسبانيا يحلل خلفيات إشهار المغرب لورقة سبتة ومليلية

أيمن الزبير الوسيني.. إعلامي مغربي مقيم في إسبانيا
لا يختلف اثنان حول دقة التوقيت الذي اختاره رئيس الحكومة المغربية، الدكتور سعد الدين العثماني، لاستعادة ملف سبتة و مليلية و إشهار ورقة يعلم المغرب حساسيتها و قدرتها على تغيير معطيات كثيرة في العلاقات الثنائية الإسبانية المغربية.
من نافلة القول إن تصريحات كهذه لم تكن لتصدر على لسان المسئول المغربي لولا تفويض واضح، فالرجل المعروف بالحذر الأنطولوجي يعلم محدودية صلاحياته في هوامش السياسة الخارجية و تداعيات الخروج عن الإجماع الوطني.
لماذا إذن حصل هذا التحول؟ في آخر لقاء جمعني بوزيرة الخارجية الإسبانية في العاشر من يوليو الماضي لاحظت عدم ارتياحها لاستحضار ملفات العلاقات الثنائية، كان جليا أن العلاقات مع الرباط لا تمر بأفضل أحوالها منذ أن قرر المغرب ترسيم حدوده البحرية مع جزر الكناري.
هذا الجفاء الصامت شرع في الخروج إلى العلن في الأسابيع الأخيرة بعد أحداث الكركرات و الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء.
في مواقف الإدارة الإسبانية يستحسن الابتعاد عن العناوين الصحفية و إنجاز قراءة هادئة لفهم بعض التحركات.
صحيح أن حزب بوديموس -حليف الاشتراكيين في الحكومة- لم يخف قط دعمه لجبهة البوليساريو لكن بعيدا عن الفرقعات الإعلامية مازالت السياسة الخارجية في إسبانيا بعيدة عن ضيق الولايات التشريعية و ألوان الأحزاب المتغيرة.
و في هذا الإطار نجد أن قصر نظر الدولة الإسبانية يرى أن امتداد هذا النزاع يضمن بالون أوكسجين أبدي لتأخير منافسة اقتصادية مغربية محتملة و إجهاض أي نقاش حول مستقبل سبتة و مليلية.
داخل أريحية هذا الاعتقاد تتكئ إسبانيا على معطيات استراتيجية لا يمكن نكرانها، فهي العضو الفاعل في منظمة الحلف الأطلسي و القوة الاقتصادية المحترمة داخل الاتحاد الأوروبي، لكن الفاعل السياسي الإسباني يعتقد في تحليله الخاطئ أن المغرب يجيد استغلال لحظات الضعف التي تطل بين الفينة و الأخرى على مملكة البوربون لتحقيق مآربه.
نجد سوء الظن هذا أيضا في التيارات اليمينية بكل تلاوينها و في شرائح واسعة من الجيش الإسباني و خاصة في أوساط الرأي العام الذي مازال يقتات على معتقدات قروسطية تتهم “المورو” بالغدر و الخيانة.
و الحق أن المتغيرات الأخيرة توحي بأن قواعد العلاقات الدولية كما عهدناها في هذه المنطقة في طريقها إلى الزوال إذ لا يحتاج المتتبع إلى علم غزير أو معلومات استخباراتية لفهم حاجة المغرب إلى أوراق بديلة لتحقيق نمو أكبر و تحريك المياه التي عطلت كل شيء.
و حتى وأن بدت التوجهات الأخيرة مفاجئة فلا يمكن تجاهل الخطوات العملاقة التي أقدم عليها المغرب عندما أحاط مدينة سبتة بقطب اقتصادي يستعصي الآن على إسبانيا منافسته.
هي هذه إذن واحدة من أوجه “القوة الناعمة” التي تفرز قلقا في بلد يرى أن كل ما استثمره في سبتة و مليلية لم يفلح في تحسين أرقامها الاقتصادية الكارثية و أوضاعها الاجتماعية الكارثية.
من هنا وجب فهم التوجس الإسباني و محاولة احتوائه، فإسبانيا رغم كل شيء هي شريكنا الاقتصادي الأول و مأوى أزيد من مليون مهاجر مغربي تحفظ لهم الدولة الجارة كل حقوقهم.
الوسوم

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق