سلايدر الرئيسيةطنجة أصيلةكوكتيل
مرصد حماية البيئة بطنجة يرفض البناء في غابة الرميلات.. ويحمل المسؤولية لمركب “المال، السلطة والفساد”
عبر مرصد جناية البيئة والمآثر التاريخية، عن كبير قلقه حول الطريقة التي بات يدبر بها ملف الغابات خاصة أمام الانتعاش المريب للأطماع المحدقة بها لاسيما بالمناطق الغابوية التي تم تمليكها الى الخواص، ذلك أن أغلبية الأراضي باتت الآن في ملكية الخواص بشكل يجعل منها وفق منطق من يبشر بقدسية الملكية الخاصة في حكم الإندثار الكلي و النهائي ، هذا المنطق الذي يتناسى منطق المصلحة العامة و الحق في البيئة و التنمية المستدامة و مسؤولية الدولة في تحقيقي التوازن المطلوب بين متطلبات التنمية و مقتضيات حماية البيئة بما يضمن كبح جماح بعض منعدمي الضمير الذين لايقيمون وزنا إلا لمصالحهم الشخصية الضيقة و لو على حساب أزيد من مليون مواطن بطنجة.
وشجب مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية عن الجريمة البشعة لاجتثاث الأشجار على مستوى الرميلات، معبرا عن رفضه القاطع للبناء في المنطقة المعنية إعمالا لحق المواطن في البيئة السليمة و منعا لأي محاولة للتمدد التدريجي في المنطقة و فتحها عمليا أمام البناء في أغلب الأراضي المملوكة أصلا للخواص.
وحمل مرصد حماية البيئة، المسؤولية في هذه الجريمة بشكل مشترك لمقترفيها الفعليين و الذين وجدوا الغطاء “المكشوف” للقيام بفعلتهم في بعض السلطات المعنية بالمراقبة و انفاذ القانون، موجها التحية والتقدير والاعتزاز إلى جميع وسائل الاعلام الغيورة على المدينة وعموم المواطنين من رواد مواقع التواصل الإجتماعي الذين كان لهم الفضل الكبير في فضح الجريمة و التصدي لها.
ودعا المرصد إلى المراجعة العاجلة لمشروع تصميم التهيئة الحالية و الاستجابة فيه لملاحظات المرصد بخصوص حماية و تصنيف المناطق الخضراء بالمدينة ضمن المناطق الطبيعية المحمية التي حددتها مذكرة المرصد بدقة، مع اعتبار أن جريمة الرميلات هي الشجرة التي تخفي غابة من الخروقات لم يتوقف المرصد قط عن الاشارة اليها والترافع فيها بجل غابات طنجة و المناطق المجاورة لها، و هي ملفات تحتاج الى رجة حقيقية لحمل السلطات المعنية على تغيير مقاربتها لهذا الملف.
و قرر المرصد الانكباب على اعداد ملف متكامل حول مجموع الانتهاكات التي تعيش على إيقاعها غابات المدينة و جعله في قلب حملة ترافعية تشمل الشق القانوني و الجانب الميداني و انتهاج جميع الوسائل و السبل للتصدي لهذا التدهور الخطير، مع دعوة ساكنة طنجة و مجتمعها المدني الى مواصلة التعبئة والاستعداد لحماية بيئة و مآثر المدينة و الدفاع عن حق المواطن الطنجي في بيئة سليمة و تنمية مستدامة.
وتابع مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة ، بكثير من الاهتمام والقلق الحالة البيئية والأثرية بطنجة و ملف غابات المدينة على وجه التحديد، و التي أصبحت اليوم أكثر من أي وقت مضى محط هجمات شرسة للانقضاض على ما تبقى منها. وقد كان آخر فصولها اقتلاع و اجتثاث عشرات الأشجار و محاولة البناء على مستوى منطقة الرميلات في سياق مشبوه لتحضير هذه المنطقة وفتحها أمام التعمير،حيث عقد المرصد اجتماعا اساثنائيا لمجلسه الإداري يوم الخميس 19نونبر 2020 لتدارس الأمر.
في هذا السياق، و تتبعا لما رصدته فعاليات المجتمع المدني و وسائل الاعلام على مستوى الرميلات،و بعد انعقاد مجلس إداري استثنائي و القيام بزيارة لعين المكان من طرف مسؤولي المرصد، و بعد استجماع المعطيات بهذا الخصوص و توجيه طلب لقاءات و معلومات إلى الادارات المعنية، التي مع الأسف لم تتفاعل بأي شكل معها، ضاربة عرض الحائط حق المواطنين في الحصول على المعلومة، ومساهمين بلامبالاتهم هاته و احتقارهم لحقوق المواطنين في حفر هوة بين المواطن و المؤسسات و زرع بذور الاحتقان و الحنق و تقويض جهود بلادنا في بناء عناصر الثقة بين الادارة والمواطن، إذ لم تسجل إلا استجابة وحيدة تمثلت في التفاعل المشكور لعمدة المدينة الذي عبر عن تفهمه لمواقف المرصد كما أكد أنه لن يدخر جهدا للحفاظ على طبيعة المنطقة كفضاء أخضر مفتوح أمام الساكنة.
و تعرف غابات المدينة بشكل عام ضغوطا مكثفة على جميع الواجهات من خلال القطع و الاجتثاث و البناء و رمي الردمة و الأزبال و الرعي الجائر و افتعال الحرائق و غيرها من الأفعال الشنيعة التي تجري أمام أنظار المسؤولين و بعلم بعضهم و تواطئ بعضهم الآخر. من هذا المنطلق يؤكد المرصد على أن ترتيب المسؤوليات يجب أن يتم وفق السلطات المخولة لكل جهة معنية بتدبير الغابات و في مقدمتها ولاية الجهة المنسقة و المشرفة عمليا على جميع المصالح الخارجية و من بعدها المندوبية الجهوية للمياه والغابات و محاربة التصحر المناط بها بحكم القانون حماية المجال الغابوي والحفاظ عليه، كما تتحمل الجماعات الترابية مسؤولية جسيمة مرتبطة بسلطة منح الرخص و سحبها و التصدي القانوني للبناء خارج سلطتها ومراقبتها. كما أن المصالح الخارجية المرتبطة بالبيئة و الغابات و مجلس الجهة لا تستثن من المسؤولية في هذا الاطار، فلا يعقل أن تكون لكل هذه المؤسسات جميع الامكانيات البشرية و المادية و اللوجستيكية اللازمة و التي تمكنها من الوقوف على صغائر المخالفات التي تتم في مجال التعمير على مستوى الأحياء الشعبية و الفقيرة، بينما تعجز عن ترقب و تتبع جرائم بيئية تتم في واضحة النهار وعلى مرأى و مسمع من الجميع بشكل مكرر و منظم ؟! وهنا نسجل مسؤولية مركب المال و السلطة و الفساد بشكل مباشر عن التدهور المستمر و المتصاعد الذي بات يعيشه الواقع الغابوي بطنجة. و لعل عشرات المراسلات التي وجهها المرصد خلال الفترة الأخيرة و رفض الجهات المعنية التعامل الايجابي معها لهو خير دليل عن غياب الرغبة و الارادة في وفق هذا النزيف. وهو ما يستدعي تدخل المصالح المركزية لمعالجة هذه الوضعية الخطيرة و الزام المسؤولين الجهويين و المحليين بتطبيق القانون و الحزم مع المخالفين والانضباط الى التوجهات و السياسات الوطنية ذات الصلة.
جدير بالذكر أن ملف الغابات كان و لايزال من أبرز الملفات التي تحضى بمتابعة المرصد سواء من خلال تقاريره السنوية المتعاقبة والتي بلغت هذه السنة تقريرها الثامن، و التي ضمت بشكل قار محور حول ملف الغابات يرصد ويتابع حالة الغابات و وضعيتها بدقة و استفاضة و تم من خلالها تقديم اقتراحات عملية و واقعية من أجل تثمين الملك الغابوي و تمليكه للمندوبية السامية للمياه و الغابات مع ضرورة تصنيف غابات طنجة ضمن المناطق المحمية بحكم القانون. كما كانت المذكرات المتعاقبة للمرصد حول مشاريع تصميم التهيئة فرصة لتقديم اقتراحات المجتمع المدني بهذا الخصوص، إذ كان من جملة المقترحات تنبيه المشرع و دق ناقوس الخطر الى منطقة الرميلات تحديدا و الدعوة الى عدم فتح بعض مناطقها أمام التعمير و الحفاظ عليها كمناطق طبيعية بدل تحويلها الى منطقة قابلة للبناء.