مقالات الرأي
شفشاون.. السياحة و كورونا مساهمة في النقاش
نوفل البعمري
هناك نقاش نتابعه جميعا حول السياحة محليا، و غالبية من يناقشون الموضوع يقاربونه من زاوية كون الإجراءات الأخيرة خاصة ما يتعلق منها بتشديد المراقبة على الوافدين للمدينة هو ما تسبب في الركود الحالي، و اذا كان لهذا التشديد و هذه المراقبة دورها في التأثير على الوضع السياحي بالإقليم و المدينة،لكن اختزالها في هذه الإجراءات فقط، هو اختزال ينم عن قصر نظر و جهل بواقع المدينة و الإقليم.
مدينة شفشاون حتى قبل كورونا من جانب وضعيتها الاقتصادية، فقد كانت تعيش وضعا اقتصاديا محليا متأزما، بل حتى القطاع السياحي الذي يعتبر المصدر الأساسي لتنشيط الحركة التجارية بالمدينة فقد ظل قطاعا غير مهيكلا، و موسميا و لم يكن يوما منظما،قويا،و قادرا على التنافس و الصمود و إلا لكان قد صمد و عاد بسرعة بعد تخفيف الاجراءات وطنيا و محليا، و لأنه قطاع ظل يشتكي دائما من كونه يستقطب الوافدين ليوم او يومين بعدم وجود خطة سياحية تجعل السياح يقضون ايام متتالية بالمدينة، كما أن انتعاشتها ظلت مرتبطة بعدة أحداث الأول الزيارة الملكية للمدينة التي سوقتها خاصة مع مكوث الملك الطويل بالمدينة، الثاني مهرجان اليغريا خاصة مع استقطابه لمرسيل خليفة و الرابر بيغ و عدة اسماء فنية ذات قيمة دولية و وطنية، دون نسيان اغنية نعمان لحلو يا شفشاون يا النوارة، اضف لك ذلك اسماء ذات قيمة أدبية كبيرة من قبيل الشاعر عبد الكريم الطبال و احمد بنميمون و مو الاجيال الحالية جواد الخنيفي و عبد الحق بن رحمون و إيمان المنودي، و مهرجان الشعر الذي تنظمه جمعية أصدقاء المعتمد شفشاون المغرب سنويا، أضف لهم الجمعيات المسرحية التي حلقت في المهرجانات الوطنية و حولت المدينة لسنوات إلى مشتل للمسرح و الفن على رأسها التجربة المتميزة لابينيوم.و الحضرة الشفشاونية مع الحاجة ابراقة و مع لالة رحوم البقالي التي أظهرت هذا الفن و برز معها اسم شفشاون…
السؤال هل القيمين على تدبير المدينة من منتخبين و مسؤولين خاصة في القطاع السياحي استغلوا تلك الطفرة التي ظلت و اثبتت انها هشة لأنها سوقت المدينة فقط، لإعداد بنية سياحية قوية بالمدينة؟ هل تم إعداد ارضية صلبة لتقوية القطاع السياحي؟ ألم تظل المدينة تنتعش فقط على ساحة وطاء الحمام و راس الماء الذي تأثر بفعل الجفاف و بعض النساء ممن ينقشن الحنة و يضعن اللباس التقليدي وهن إشارة السياح لالتقاط صور بها، و وحدات فندقية اغلبها شقق غير مصنفة و تشتغل في ” السوق السوداء” بمعنى انها غير مصنفة؟؟
إنه الواقع السياحي الذي ظلت تعيشه المدينة في السنوات الأخيرة خاصة العشر سنوات الأخيرة، و ما الحركية التي كانت تعيشها فقد كانت مزيفة، و غير قائمة على أسس صلبة، و لم يتم استثمارها لخلق راسمال سياحي حقيقي و هو ما أدى في أول أزمة اقتصادية تنهار السياحة و ينهار معها هذا القطاع الذي ظل هشا، غير مهيكلا، و عشوائيا، و عندما أقدم هذا التوصيف فهو لا يعني أني أوجه اي اتهام للعاملين بقطاع السياحة لأنهم في معلية المطاف كانوا يشتغلون بالمتاح لهم، بل من يجب أن يساءلوا هم من ظلوا يدبرون هذه المدينة من منتخبين و من برلمانيين حول ما قدموه للمدينة طيلة سنوات تدبيرهم لها، و المساءلة ليس من باب تغليب الأمني على المؤسسات المنتخبة، بل على العكس المساءلة هي من باب الرقابة الشعبية و من باب الديموقراطية و من باب تقييم اختباراتنا الديموقراطية محليا و من باب الاطلاع إلى مستقبل مؤسساتي للمدينة قد يكون باختيارات محلية أخرى غير الحالية، كما يجب أن تساءل القطاعات الحكومية التي توجد مندوبيات لها بالمدينة او على الصعيد الجهوي، حول عدم اهتمامها بتطوير السياحة بالمدينة و عدم إعطاءها الدعم المالي و المادي و ربطها بسوق السياحة المهيكل.
لذلك أتصور أن ربظ واقع المدينة بالإجراءات الأخيرة التي جنبت المدينة الكوارث الصحية خاصة و أننا نعلم هشاشة البنية الصحية بالمدينة و الاقليم،هو تحوير للنقاش الذي يجب أن يفتح:
نقاش حول مستقبل المدينة و مستقبل اقتصادها السياحي و مستقبل مؤسساتها المحلية، في ارتباط باختياراتنا الديموقراطية التي فرزت و ستفرز لنا المؤسسات المنتخبة محليا و جهويا و في البرلمان،أما تعليق فشل تدبير المدينة بمختلف ابعاد هذا الفشل على نقط المراقبة التي تتواجد بمختلف المدن و على رجل الأمن و رجل السلطة الذين ينفذون تعليمات الحكومة و مراسيمعا القانونية، فهو تعليق اشبه بما جزاء سنمار، و هو أقرب إلى المثل القائل: طاحت الصومعة علقوا الحجام، لذلك فامام اول أزمة انهار القطاع السياحي بالمدينة لأنه لم يكن قائما على أسس صلبة.
بالمناسبة،عندما قام مجموعة من الشباب بالتطوع لانعاش السياحة في ساحة وطاء الحمام بإمكانياتهم البسيطة و الذاتية، و ابعث الروح في ساحة وطاء الحمام التي أصبحت تتجه نحو الوفاة الاقتصادية،هوجم هؤلاء الشباب بقوة، و هوجم الإبداع الذي قدموه رغم أننا كنا نشاهد كيف كانت تنتعش الساحة و تبعث فيها الروح بشكل تدريجي، لذلك انعاش السياحة قد يكون بمثل هذه المبادرات التي قد تكون بسيطة لكنها قد تكون مؤثرة.