مقالات الرأي
لو كنت “رئيسا” للاتحاد الرياضي لطنجة !!
الصادق بنعلال
بعد هزيمة فارس البوغاز الأخيرة بميدانه أمام أولمبيك أسفي ، و الاستقالة الطوعية التي أقدم عليها الإطار الوطني هشام الدميعي ، اتصل بي أحد القراء المتابعين لمقالاتي الرياضية ، عبر بريدي الإلكتروني يطلب مني وجهة نظري حول المآل المظلم و الكارثي لهذا النادي ، بل إنه “توسلني” أن أتحمل مسؤوليته الإدارية ( كذا )، و أتقدم بحلول و خطوات كفيلة بإنقاذه من السقوط بين مخالب القسم الوطني الثاني . لا أخفي تعلقي الشديد بالكرة الوطنية ، و أساند بحرارة كل النوادي المغربية دون قيد أو شرط مادامت تدافع باستماتة عن صورة المغرب و مكانته الاعتبارية ، لكنني و بحكم انتمائي لمدينة طنجة العزيزة على كل المغاربة أجدني أكثر استعدادا للدفاع عن ممثل عروس الشمال ، و لو أدى الأمر إلى أن أوجه انتقادات شرسة و ربما عنيفة لكل الأطراف المعنية بتدبير شؤونه الإدارية و التقنية . لأنني على معرفة لا بأس بها بتاريخ كرة القدم الطنجوية و بالنجوم المحلية التي أضاءت سماء الرياضة الوطنية في عقود خلت ، دون الحديث عن المشاهد الاحتفالية لجماهير هذه المدينة الاستثنائية ، و قدرتها الفريدة على تسويق الوجه الحضاري لبلدنا .
كي تكون رئيسا لفريق كرة القدم يتطلب الأمر احترام المستلزمات القانونية ، و تقدير النظام الأساسي النموذجي للجمعيات الرياضية ونظامها الداخلي .. أقلها أن تكون عضوا منخرطا ، و مساهما ماديا و معنويا في بناء صرح الفريق و تقوية أعمدته ، و العبد الضعيف خارج دائرة المنخرطين المعنيين بحضور الجموع العامة و المشاركة في اللقاءات و إبداء الرأي و التصويت .. لكن و بعيدا عن هذه الحيثيات و الاعتبارات الإدارية الضرورية ، سأجيب القارئ الكريم الذي “ينتظر” مني اقتراحات عملية أولية لانتشال فارس البوغاز من الضياع كما يلي :
1 – تقوية المستوى المادي للنادي و الحفاظ على غلافه المالي و تنميته بكل الطرق المشروعة ، أقلها طرق كل أبواب المساهمين الرسميين و المؤسسات الاقتصادية و الإشهارية .. و التوقف عن استجلاب و انتداب لاعبين أجانب لا يقدمون أي قيمة مضافة ، لوضع حد لامتصاص الميزانية الذاتية و تبذيرها دون طائل يذكر .
2 – وضع استراتيجية محكمة البناء بمعية خبراء ميدانيين على المدى البعيد و المتوسط و القريب ، مع إعطاء الأولوية لبناء الأساس أو القاعدة التي يفترض أن ينهض عليها النادي ، و أقصد بالتحديد إبداء العناية الفائقة بتكوين الفئات العمرية الصغرى ، داخل أكاديمية رياضية تستند إلى المعايير الدولية الحديثة . و هذا المسعى لم يحدث في مدينة طنجة إلى الآن ! فمن السهل الفوز بلقب أو بطولة ، لكن الأهم من كل ذلك الاستمرارية و ضمان التألق المستمر ، و هذا يستدعي رؤية استراتيجية و عمل فريق مسؤول متخصص في التدبير الرياضي بحصر المعنى .
3 – إعطاء الأولوية لأبناء المدينة ليس من باب التحيز أو الانغلاق و الانكماش حول الذات ، بل من باب فتح المجال للاعب المحلي و مساعدته على التميز ، و تجنيبه الارتماء في عالم اليأس و الإحباط و فقدان الأمل ، و قد تعودنا منذ عقود على أن يكون جل لاعبي نهضة طنجة أو الاتحاد الرياضي لطنجة مثلا من أبناء المدينة ، و قد أبلوا بلاء حسنا و في أكثر من مناسبة ، و على سبيل المثال لا الحصر كان البدوي و مجيدو و مصطفى و التشيكيطو و الروبيو و العروسي و عمر و محسن و سيف الدين و المصوري و السيمو و مخاطة و الحمام و العربي ملك و المرابط .. علامات فارقة في الساحة الرياضية المحلية و الوطنية .
4 – تشكيل إدارة تقنية مغربية محترفة ، لأنني أثق في الأطر المغربية و أومن بإمكانياتها الهائلة و المثمرة ، تتحمل المسؤولية الفنية دون أي تدخل إداري كيفما كان نوعه ، و ضمان مبدأ الاستقرار و الاستمرارية ، و الامتناع عن إزاحة أي مدرب لمجرد سوء نتائج بعض المقابلات ، لأن الإنجاز الرياضي لا يقتصر على الانتصارات الجزئية و العفوية ، بقدر ما يتحدد في جودة الأداء الذي سيفضي لا محالة إلى نتائج فاعلة و متجددة .
5 – أن أقيم تواصلا فعالا ؛ دوريا و إيجابيا مع المساندين و المشجعين الأوفياء الذين يعتبرون الممول الأول للنادي ماديا و معنويا ، و رجال الصحافة و الإعلام المستقلين .. فهؤلاء ليسوا خصوما أو منافسين على “المنصب” ، بل هم أصدقاء يحبون النادي بطريقة انتقادية قد تكون حادة ، لكننا كما يقال ننتقد من نحب .
6 – سأجتهد في توسيع قاعدة المنخرطين إلى أبعد مدى ممكن ، دون خوف من “انقلاب” أو “تشويش” أو “مؤامرة” ، و ذلك عبر تخفيض واجب الانخراط السنوي بالشكل الملائم ، حتى يتسنى للمنخرطين ضمان استمرارية النادي ، والمشاركة في الجمع العام و ممارسة حق التصويت ، في جو موسوم بالشعور بالمسؤولية و التعددية و حرية التعبير دون إقصاء أو كولسة ، مع التقيد بمبادئ الحكامة الجيدة و التدبير العقلاني . أما الجوائز أما الألقاب أما المنجزات فلا محالة قادمة بعد هذا التخطيط الذي يتخذ من الرياضة المبتدأ و الخبر و البداية و المنتهى !