مقالات الرأي

القصر الكبير: استقالة عضو العدالة و التنمية من المجلس بين الخفي و المعلن

بقلم: ربيع الطاهري

شكلت استقالة المستشار الجماعي عن المعارضة و المنتمي لحزب العدالة و التنمية عبد الرشيد البوحسني يوم الخميس 14نونبر2019 مادة اعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي و بعض المنابر الاعلامية، و حدثا هاما في سياق سياسي عرف صعود نجم العدالة و التنمية بعد اعادة انتخاب  مكتب و مجلس الجهة و تحولها من المعارضة الى الاغلبية المدبرة ،كما ان التدافع السياسي الذي لم يفتر منذ صعود محمد السيمو لرئاسة المجلس، و ما تعرفه دورات هذا المجلس من شد وجذب بين الاغلبية برئاسته و المعارضة ،وسياقات تغيير رئيس الفريق للمعارضة ،بالإضافة الى جزئيات لها من الاهمية في تحليل للخفي غير المعلن باستقراء طبيعة الاستقالة و دلالاتها السياسية وطبيعتها القانونية ،مما يدفعني الى تقسيم هذا المقال الى ثلاثة  محاور رئيسية  :

اولا: المعلن في استقالة عضو العدالة و التنمية :

فكما تم تداوله في وسائل الاعلام الالكتروني يجمع الجميع من داخل حزب العدالة و التنمية وبحسب ما صرح به العضو المستقيل في ذات اليوم 14نونبر2019 في اللقاء التواصلي الداخلي  المفتوح مع فريق مستشاري الحزب بالجماعة الترابية للقصر الكبير و الذي نضم بمقر الحزب بقوله “بكون استقالته جاءت لأسباب شخصية ،معتبرا انه  لا يقدم للفريق أية اضافة نوعية ” !!!.

السؤال :متى كانت الاضافة النوعية حاضرة طيلة 4سنوات من الولاية الانتدابية  للمستشار المستقيل  ؟ !!!  ،وهل استشعار المصلحة الحزبية و الفريق ظهرت ونحن لا يفصلنا الا سنتين على نهاية عمر هذا المجلس  بأغلبيته و معارضته؟ !!!.،ففي هذه التساؤلات نفسها إجابات و اضحة و صريحة يلتقطها كل سياسي و مهتم بالشأن المحلي .

ثانيا: الخفي في استقالة عضو العدالة و التنمية :

  • ان المنطلقات السياسية يجب ان نستحضرها بقوة عندما نعرف حجم الشخص المستقيل في منطقة تعتبر خزان انتخابي بامتياز لحزب العدالة و التنمية كما ان الشخص مشهود له بقربه من ساكنة اولاد حميد ويحظى بالاحترام و التقدير و يقدم المساعدة ويستطيع تسهيل كل العمليات التي تهم المواطن بالمجلس الجماعي الحالي ، اي انه قيمة مضافة نوعية للحزب من موقعه .فكيف له ان يستقيل ؟ !!!.
  • استشعر عبد الرشيد البوحسني دقة المرحلة الجديدة من داخل فريق العدالة و التنمية وعدم قدرته الالتزام بالانضباط للفريق في دورات المجلس مما يسبب له احراجا مع رئيس الفريق الذي عاد بقوة من موقع الجهة كنائب الرئيس و للمشهد السياسي المحلي مما سيجعل العديد من المتمردين داخل حزبه يعيدون حساباتهم بمنطق ( الربح و الخسارة).
  • رجوع سعيد خيرون لواجهة السياسة جعل الحزب يعرف انتعاشة سياسية و بريق كاد ان ينطفئ ،وعقد لقاءات داخلية المحلية و اقليمية واستقطاب وجوه حزبية لتأطير بعض اللقاءات ،كما ان الحزب يشهد ترميم و ترصيص للبيت الداخلي بشكل يجعله يوقف عملية التمرد و النزيف من الداخل  والدفع نحو  الجدية و المسؤولية  في المواقف .
  • شكلت هذه المرحلة بالمدينة احتدام ثنائية الصراع بين العدالة و التنمية كحزب و تنظيم، و بين شخص محمد السيمو ككائن انتخابي استطاع اسقاط العدالة و التنمية من رئاسة المجلس لولاية ثالثة، و احتواءه للحركة التصحيحية بكل مكوناتها  كأدوات ضاربة في اضعاف الحزب من الداخل ،و انهاك فريق العدالة و التنمية في حروب كلامية و جدال حول مرحلة تدبير 12سنة ” 12سنة من الفساد ، مدرتو والو ،سرقة الارشيف ، التحفظ في تسليم السلط ،ان عدتم عدنا…” ،و اختراق فريق العدالة و التنمية   المكون من 16 عضو و عضوة  في دورات المجلس بشقيها العادي و الاستثنائية، أظهر فريق العدالة و التنمية في مواقف عدة غير متجانس وغير منسجم ، جعل البعض في هذا  السياق الجديد برجوع خيرون  للواجهة من جديد و تغيير رئيس الفريق( خالد المودن)،  يعاودون حساباتهم امام هذه المعطيات الجزئية و الدقيقة كانت من مسببات استقالة مستشار وعضو فريق العدالة من مجلس .و استشعاره اهمية المرحلة المقبلة دون احراجه لفريق المعارضة  .
  • استقالة المستشار البوحسني في حسابه سياسي مرهون بالقطع مع تشويه سمعة الرجل السياسية و امام ساكنة اولاد احميد بالقول بانه اصطف مع محمد السيمو، و ارجاع الثقة لإخوانه في الحزب بتكتيك ذكي بحضوره يوم استقالته في اللقاء التواصلي الداخلي بمقر الحزب وجلوسه بالمنصة جنابا الى  جنب امام رئيس الفريق سعيد خيرون و تأكيده انه ابن الحزب و ملتزم معه في ثوابته لها ابعاد ودلالات لا يمكن لأي متتبع اغفالها ، وجعلت العضو المستقيل يتحرر نسبيا من عقال محمد السيمو الذي لاحقه طيلة اربع سنوات من الولاية الانتدابية لهذا المجلس .

ثالثا: الرابح الاكبر من استقالة عبد الرشيد البوحسيني:

القول باستقالة عضو العدالة و التنمية هي نتيجة لمحاولة محمد السيمو رئيس المجلس تفجير المعارضة من الداخل ردا على ما جرى بإعادة انتخاب مكتب الجهة ،و التحاقه بمعسكر السيمو هي قراءة سطحية و تبخيس لقيمة و اهمية  البوحسيني كمؤثر انتخابي ورقم  وكمعادلة قوية بمنطقة أولاد حميد  هو تكتيك سياسي انتحاري للعضو المستقيل و الذي ليس بالغباء الذي حاول البعض تسويقه ،وأن الرابح الاكبر هو:

  • عبد الرشيد البوحسيني ذاته فاستقالته من عضوية المجلس لا تعني استقالته من حزب العدالة و التنمية، من جهة ستجعله اكثر تحررا في علاقة ثنائية و تضاد بين محمد السيمو كرئيس المجلس مفروض عليه كسب ود العضو المستقيل و محاولة استقطابه في افق انتخابات 2021 بعد تقديمه استقالة من الحزب وقبول استقالته في مسطرة معقدة تنظيميا للعدالة و التنمية ،سيحتم على محمد السيمو كذلك تقديم اغراء سياسي مستقبلي لضمه للائحته مستقبلا و هذا في الآونة الحالية صعب التحقق، مع تسهيل عمل  العضو المستقيل مع ساكنة اولاد احميد كمخاطب قوي بتلك المنطقة   .وبين محافظته على علاقة مع رئيس الفريق و نائب رئيس الجهة سعيد خيرون و رفع الحرج على فريق المعارضة و تثبيث وجوده الحزبي بتحسين موقعه التفاوضي خلال ترتيب للائحة الانتخابية  مستقبلا و تعزيز الثقة الداخلية بين الاخوان داخل الحزب .
  • سعيد خيرون ربح ترتيب فريقه ورص صفوفه و القطع مع الاختراق الذي اصابه بصعود اسم اخر مناضل في لائحة العدالة التنمية يصعب استمالته من طرف  محمد السيمو ،مع ضبط باقي الاعضاء بشكل ينسجم وحتمية المرحلة المقبلة ومحاولة ظهور الفريق المعارضة بشكل متجانس وقوي و اصلاح الاعطاب التي عرفها الفريق المخترق.

 

استطاع عبد الرشيد البوحسني بذكاء ان يجمع بين البرغماتية السياسية و الاخلاق ،واحسن صنعا بتقديم استقالته في مرحلة دقيقة بقراءة جيدة لمجريات قد تكون  متغيراتها  لموازين القوى محليا مستقبلا .

 

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق