طنجة أصيلةمقالات الرأي
طنجة الدولية بين الحقيقة التاريخية والأسطورة
عثمان بنشقرون
إلى الذين لا يكفون عن الغناء بطنجة الدولية وزمن طنجة الدولية على أنه العصر الذهبي لهذه المدينة، أدعوهم إلى العودة إلى الجرائد المغربية التي كانت تصدر في طنجة آنذاك وقرائتها، وخصوصا مقالات محمد المهدي الزيدي أبرز الصحافيين المختصين في شأن طنجة المحلي /الدولي، وسيعلمون أن هناك فرق بين الأسطورة والحقيقة التاريخية.
فعلا لقد عرفت طنجة خلال هذا العهد وبالخصوص بعد الحرب العالمية الثانية ازدهارا تجاريا واقتصاديا وماليا ونموا عقاريا غير مسبوق إلا أن هذا الازدهار لم يمس المغاربة في شيء سوى بعض الأعيان منهم، أما عامة الناس فكانت تعيش شظف العيش وتعاني من نقص كبير في الخدمات التي لم تكن سارية إلا في أحياء الأوروبيين الراقية. ومقالات محمد المهدي الزيدي شاهدة على ذلك. بل إن بعضها كانت موجهة مباشرة للإدارة الدولية تنبهها إلى الإهمال الذي كانت تعانيه الساكنة المسلمة.
من جانب آخر، الغناء بهذه الصفة الدولية، تدفع الحالمين إلى نوستالجيا ضبابية وغير مفهومة. فعلا هناك خلط فظيع في المفاهيم، فأن تكون مدينة ما عالمية بتراثها وتاريخها وأدبها وثقافتها ورجالاتها لا علاقة له بنظام استعماري يحكمها، رغم اتصافه بهذه الصفة الدولية، التي مصدرها بالدرجة الأولى الصراع الذي دار بين القوى الاستعمارية حول الانفراد بالاستحواذ على هذا الثغر المغربي. فالنظام الدولي إذن نظام استعماري فريد من نوعه، أنتجته أهمية موقع المدينة الاستراتيجي والرغبة الجامحة لامتلاك المدينة بلا منافس.