اقتصادسلايدر الرئيسية
هيئة حقوقية تفضح التفاوت الصارخ في أسعار الخدمات والسلع بين المغرب والدول الأوروبية
قدمت رابطة الدفاع عن حقوق المستهلك، مجموعة من المعطيات التي كشفت التفاوتات الصارخة بين أسعار السلع والخدمات المقدمة بالمغرب، ونظيرتها في الدول الأوربية، والتي قدمت صورة قاتمة عن الوضع بالمغرب.
وحسب تقرير للرابطة عنونته بـ”الإقتصاد التضامني في دول الاتحاد الأوروبي”، اعتبرت في بداية المقال، أن “المفاجأة تعظم بغلاء الأسعار في المغرب على كافة المستويات، إذا تمت مقارنتها بالأسعار المتداولة على صعيد السوق الدولية بالنسبة لأغلبية مواد الاستهلاك ومختلف أنواع الخدمات”.
واعتبر التقرير أن “إذا تم النظر إلى ثمن وسائل النقل البحري والجوي والبري، سنجد أن المواطن المغربي يؤدي أغلى الأثمان، خاصة إذا تم استحضار الفارق الكبير على مستوى الدخل الفردي، والحد الأدنى للأجور في المغرب وغيره من الدول الأوروبية. فها هو تقرير للبنك الدولي يسجل أن سعر الماء المعلب في المغرب هو الأغلى ب17 % عن نظيره في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، (حسب ما أوردته بعض وسائل الإعلام )، كما أنه يفوق أيضا أسعار المياه المعلبة التي تباع في أسواق دول الاتحاد الأوروبي، والمثال هو الماء المعلب الذي يدخل من سبتة إلى المغرب”.
وأردف تقرير الرابطة أن “نفس الأمر ينطبق على تعريفة النقل بواسطة العبارات، فحين مقارنة أسعار تذاكر العبارات في العديد من مناطق العالم، يمكن القول إن سعر تذكرة الخط الرابط بين طنجة وطريفة، يعد الأعلى في العالم”.
وزاد التقرير قائلا أن “نفس الأمر ينطبق على الطرق السيارة في المغرب التي تعتمد أغلى التعريفات مقابل استعمال طرق في مستوى متدن من حيث الجودة ودرجة معايير السلامة، في الوقت الذي أعلن في إسبانيا عن فرض ثمن رمزي على مستعملي عدد من الطرق السيارة التي ستصبح شبه مجانية. وذلك ليس لأن تلك الطرق لم تعد صالحة للاستعمال، وإنما لانتفاء هاجس الاستغلال لدى المسؤولين، ما دامت تلك الطرق قد استرجعت الرأسمال الذي أنفق عليها خلال عملية الإنجاز، كما استوفت حقها في الأرباح، فلم تعد هناك رغبة في استنزاف طاقة المواطنين”.
كما أشارت الرابطة أيضا “إلى أثمان الطائرات المعروضة من طرف عدد من الشركات الدولية التي تتحول إلى مبالغ رمزية أحيانا من أجل التشجيع على السفر، حيث تنزل إلى أدنى المستويات، مائتا درهم مثلا”، متساءلا إن أمكن أن “تعمل شركات الطيران المغربي على تجريب هذه المنهجية والتعامل بسخاء مع زبنائها ولو في بعض المواسم؟”.
كما عرج تقرير الرابطة على “أسعار الإقامة في الفنادق السياحية، حيث يتم عرض خدمات بأثمان مغرية رمزية، ذات جودة عالية لتشجيع السائحين على القدوم إلى تلك البلدان، مثل ما هو الشأن بالنسبة لتركيا، وإسبانيا، والبرتغال، ونفس المبدأ ينسحب على قطاع النقل الحضري، وكل وسائل النقل البري، حيث يتوفر المرتفقون على بطاقات تسمح لهم بالتنقل في وضعية مريحة بأثمان رمزية، بل هناك بعض الدول التي جعلت التنقل بواسطة حافلات النقل الحضري بالمجان، كما هو الشأن بالنسبة لدولة الدنمارك”.
كما كشف التقرير عن أثمنة كراء السيارات، والتي لا تتجاوز اليورو الواحد في اليوم أحيانا، حيث أوضح أن هذا الأمر هو انعكاس “لروح الاقتصاد التضامني الذي تتحمل الدولة جزءا منه، بالإضافة إلى كبرى الشركات التي تقدم الدعم للشركات الصغيرة. فالسيارات التي تتوفر عليها وكالات الأسفار، تحصل عليها بالمجان من لدن شركات إنتاج السيارات، ومن المؤسسات البنكية، ومن المراكز التجارية، كما قد تتلقى الدعم من طرف المؤسسات السياحية، وشركات بيع الوقود”.
الرابطة اعتبرت أن كل ما ذكر يعبر عن “سلسلة مترابطة من المصالح المتبادلة التي تصب في خانة واحدة هي خدمة الصالح العام وتنمية اقتصاد الوطن، وخلق أكبر قوة جذب سياحي، مع تشجيع المواطنين على الاستهلاك والاستفادة من الخدمات من خلال الرفع من الأجور، وتقديم أحسن العروض، ثم دعم كل الطبقات الاجتماعية في إطار من التوازن قصد التقليص من الفوارق الطبقية، لأن اقتصادات هذه الدول لا تؤمن بالإنسان المعدم الفقير الذي يعيش عالة على الغير. فالمواطن لا بد له من دخل محترم يشكل قاعدة ينطلق منها للحصول على حقوقه التي تضمن له الكرامة وعزة النفس، كما تظل كل الخدمات الاجتماعية مكفولة ومضمونة بالنسبة للجميع دون عناء ولا مشق”.
وأنهت الرابطة تقريرها بمقارنة كل هذا بالوضع بالمغرب، مشيرة إلى أن كل ما ذكر “غائب في قاموس ثقافتنا الاجتماعية والاقتصادية وفي سياسة الحكومات المتعاقبة عندنا، وكذلك لدى رجال الاقتصاد والمال والتجارة مهما قل أو كثر مالهم. فهذه الروح تظل مغيبة بسبب الأنانية وحب الذات، والجشع المفرط ، وبسبب القصور في الرؤية وانعدام الوعي بقيمة الإنسان، وضعف الغيرة على الوطن وعلى المصلحة العامة، ثم غياب أي حسيب أو رقيب بسبب الموقف السلبي للجهات المسؤولة التي تشجع على هذا النهج الفوضوي، وتخاصم كل ما له علاقة بتحقيق العدالة الاجتماعية. ولذلك يظل الكل يدفع في اتجاه ترجيح كفته وتحقيق الغلبة على الغير، حتى ولو أدى الأمر إلى إفقار الجميع وإغراق السفينة ..إن خزينة الدولة التي تتغذى على جيوب المواطنين، وكذلك التجار والموردون وكل ممارسي التجارة ومقدمي الخدمات في كل المجلات، لهم هدف واحد هو تحويل المستهلك إلى بقرة حلوب واستنزاف طاقته مهما كانت الظروف دون حسيب ولا رقيب”.