مقالات الرأي

مقابلة الاتحاد و الرجاء.. الرياضة ليست فوزا أو خسارة ، بل هي فن و حضارة

الصادق بنعلال

  تشهد الدورة السابعة من البطولة الاحترافية الوطنية لقاء هاما على أرضية ملعب ابن بطوطة الكبير ، بين حامل اللقب للسنة الماضية الاتحاد الرياضي لطنجة و الرجاء البيضاوي . و بغض النظر عن قيمة هذه المقابلة بالنسبة للناديين ؛ تأكيد الحصيلة الإيجابية لفارس البوغاز ، بعد نجاحه في الظفر بالنقط الثلاث خارج القواعد ، و أمام فريق كبير من حجم حسنية أكادير ، و ضرورة تعويض الإقصاء المر من المنافسة على كأس العرش بالنسبة للفريق الأخضر ، فإن اللقاء سيجري في سياق يطبعه الحزن العميق ، إثر وفاة ستة أفراد من مشجعي الاتحاد في حادثة سير مميتة في الأسبوع الماضي . لذلك يجب أن نغتنم هذا الحدث الأليم و المصاب الجلل للتأكيد على بعض المبادئ الأخلاقية التي لا غنى عنها إذا أردنا أن نساهم في بناء صرح رياضي سليم ، يلبي أفق انتظار كل مواطن غيور على وطنه و محب لبلده ، يفرح لنجاحاته و يتألم لإخفاقاته .

1 –  ما من شك في أن الرياضة عموما و كرة القدم بوجه خاص ممارسة فنية ، تعكس إلى حد كبير المستوى الحضاري و الثقافي للشعوب و المجتمعات ، لما تحمله من قيم التآزر و التعارف و التسامح ، فهي حوارات جمالية و منافسات بين مجموعة من الفرق المتبارية في جو من الاحترام و المحبة المتبادلين .

2 –  من المهم في المجال الرياضي بذل الجهد و الاستعداد المحكم للفوز على الخصوم و التتويج بالألقاب و الكؤوس و الميداليات .. لكن الأهم أن تسود روح المودة و الإخاء في فضاء التباري ، فليس المنتصر بالضرورة من خرج فائزا بهدف أو أكثر ، بل قد يكون المنتصر من انهزم و قدم صورة راقية في سمو الأخلاق و علو الشيم السمحة ، لأن الحياة سجال ، يوم لك و يوم عليك .

3 –  على الأطراف المعنية بالعملية الرياضية من مسؤولين إداريين  و لاعبين و جماهير و رجال أمن  أن يتحلوا بروح المسؤولية الملقاة على عاتقهم ، و هي مسؤولية جسيمة تتمثل في العمل سويا على تحصين المجتمع من ثقافة العنف و الكراهية و التعصب البغيض ، عبر مختلف الميادين الإعلامية و القانونية و المدرسية ، و لتكن القاعدة الذهبية المؤطرة لأي نشاط رياضي الفوز لمن يستحق .

4 –  ليس المهم أن يكون حامل اللقب مثلا ، من أقصى الشمال أو من أقصى الجنوب ، أو من أبعد نقطة في الشرق أو الغرب  ، فكلنا مغاربة لا فرق بين مغربي و آخر إلا بالاجتهاد و الكد المتواصل ، لذلك يجب أن نتملك شيئا فشيئا ثقافة الهزيمة و الاعتراف بالفشل ، و نهنئ خصمنا على انتصاره المستحق ، و لنستمر في الاشتغال على إصلاح نقائصنا و ما أكثرها .

–  و عليه ، أتوقع أن تحج أعداد غفيرة من مساندي  الاتحاد الرياضي لطنجة إلى ملعب ابن بطوطة ، لمتابعة أطوار لقاء فارس البوغاز و الرجاء العالمي الأربعاء القادم ، أولا للتعبير عن مواساة هذه الجماهير الاستثنائية ، لأسر الشباب الذين ماتوا عقب هذه الفاجعة التي كسرت قلوبنا ، و ثانيا لمشاهدة طبق كروي رفيع بين ناديين مغربيين يحظيان بالتقدير و الاحترام . فهل سيتم احترام هذه المنطلقات الأخلاقية من قبل مشجعي الناديين المعروفين بوزنها الاعتباري عددا و عدة ؟ هل ستسود روح التسامح و التضامن بين ” الأنصار و المهاجرين ” ، بغض النظر عمن سيفوز أو ينهزم ؟ آمل أن يكون الفائز الوحيد هو الروح الرياضية و الحضارية لا غير .

الوسوم

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق