سياسة

حوار.. الحضرة النسائية بشفشاون خصوصية وإبداعات فريدة مع مجموعة مجدة الغلولي

تعتبر مدينة شفشاون من أعرق المدن المغربية حفاظا على تراث الحضرة النسائية ولقد عرفت هذه المدينة الأصيلة أقطابا ورائدات في هذا النمط الفني الروحي والصوفي المتميز منذ أمد بعيد على المستوي المحلي ،بحيث كان لهن صيت كبير ومرموق على سبيل المثال فقيرات الزواي الدينية المنتشره في هذه الربوع الغني بروافدها التراثية وفي مجمل القول ففن الحضرة له تاريخ طويل وحضور وإمتداد في الساحة الفنية بفضل ظهور مجموعة من الفرق والمجموعات منذ القدم والتي وضعت على عاتقها العناية والحفاظ على فن الحضرة بطابعه التقليدي الأصيل،
حيث أن فن الحضرة النسوية تراث روحي يحمل سمات الموروث الثقافي والفني الأصيل لمدينة شفشاون العريقة الشامخة والمعروفة عبر التاريخ بمكنوناتها الحضارية وفنونها النادرة والغنية و يذكر أن هذا الفن ترعرع في إحضان الزوايا والبيوتات الشفشاونية الولوعة بهذا الفن التراثي العتيق حيث كانت الأمهات الشفشاونيات قديما وعبر عقود متعددة يمارسنه بكل طواعية في إحياء المناسبات الدينية مثل عيد المولد النبوي الشريف وأنشطة أخرى وطنية وإجتماعية ودينية.

ويمكن أن نقول أن هذا الفن مصادره التراثية ونصوصه المستعملة والمغناة ومرجعياته الثقافية مأخودة من قصائد متداولة في المحيط الفني المحلــي عند أهل الذكر والتي يتم تناقلها شفهيا وأصولها معروفة أحيانا وأحيانا أخرى غير معروفة ومشهورة ومواضيعها تكون في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وآل بيته البررة الكرام، وفي ذكر الصالحين و في الأذكار والسماع الصوفي.
اليوم لنا لقاء مع إحدى رائدات هذا الفن الفنانة مجــدة الغـــلــولـي التي أسست بمعية الفنانات الشفشاونيات مرموقات فرقة للحضرة النسائية منذ سنة 2007م من أجل المحافظة على النمط التقليدي لهذا الفن الروحي بأصوله والخصوصياته و الإبداعية الفريدة مع الإجتهاد في نهل المزيد عبر التنقيب في الذاكرة الولوعات من نساء المدينة والمنطقة الواتي حفظن عن ظهر قلب بعض الأشعار المحلية التي كانت تتداول منذ زمن بعيد في بعد المناسبات .

سؤال: من المعروف في الوسط الفني المحلي أنك من الفنانات المتميزات في مجال الموسيقي الأندلسية ومن المحافظات على أصول الصنعة والعارفة الماهرة والجيدة لمكنونات هذا اللون الفني المغربي الأندلسي الأصيل كيف ذلك ؟

لقد بذلت جهدا كبيرا خلال مشواري الدراسي لموسيقى الآلة لمعرفة أدق تفاصيلها الشعرية واللحنية والإيقاعية وذلك بفضل أساتذتي الذين لم يدخروا جهدا في تعليمي كما كنت من المثابرات والمجتهدات أنا ومجموعة أخرى من الفنانات الشفشاونيات في التحصيل الفني الجيد لهذا نحن اليوم نحاول كذلك إعطاء هذا المشعل للطلبة الذين درستهم هذه المادة بالمعهد الموسيقي بشفشاون منذ سنة 2004 ولازلت أحاول أن يتعلم الجيل الجديد معارف وركائز هذا الفن بشكل متميز.

سؤال: هل يمكن أن نتعرف على  تكوينكم في مجال الموسيقى والفن عامة ؟

تكويني كان في بادئ الأمر في المعهد الموسيقى بمدينة شفشاون في أواخر الثمنينيات حيث إخترت المسار الصحيح بمشوار دراسي حصلت من خلاله على تكوين علمي استقر تخصصي خلاله في تكوين ميداني في شعبة الموسيقى الأندلسية على يد كبار الأساتذة الذين تعلمت منهم أصول الفن والموسيقيى بشتى عوالمها التطبيقية والنظرية حتى أصبحت أستاذة لنفس المادة بالمعهد منذ سنة 2004 م،  بالإضافة إلى عدة مشاركات خلال مسيرتي كانت بدايتها بمشاركتي مع جوق المعهد الموسيقي للطلبة والمشاركة في مسابقة الأجواق الشابة سنة 1993 الأول مرة في المهرجان الوطني للموسيقى الأندلسية بمدينة شفشاون كما إلتحقت بعد ذلك بجوق المعهد الموسيقى بشفشاون برآسة الفنان المرحوم أحمد حرازم مدير المعهد سابقا منذ سنة 1995حيث شاركت في العديد من دورات المهرجان الوطني للموسيقي الأندلسية بشفشاون وذلك مع المنتخب النسوي للموسيقى الأندلسية بالمغرب تحت إشراف الفنان القدير سيدي محمد الهواري الذي شارك أيضا معه في المهرجان الوطني للموسيقي الأندلسية بمدينة شفشاون سنة 2003م.
وانخرطت كذلك في جمعيات محلية خاصة بالفنون التراثية والتي منحتني الفرصة التكوين في مجال الحضرة النسوية والفن الصوفي عامة مما جعلني أفكر جليا في تكوين فرقة تساهم كذلك في المحافظة على التراث الفني المحلي وقد ساعدني تكويني في مجال الموسيقي على تقديمه بطريقة تعتمد على ضبط المقامات والأوزان وتقديمها بشكل متزن يخلو من الرتابة والتلقائية والتقليد في الأداء ولكن بإعتماد على قواعد علمية حتي تستطيع من خلالها تأدية هذا الفن التراثي بشكل جميل وراقي وخالي من الشوائب.
سؤال : من المعروف أنك أسست مجموعة تراثية للحضرة النسائية بشفشاون كيف كان ذلك ؟

بالفعل أسست سنة 2007 مجموعة للحضرة اللنسائية بمدينة شفشاون كان الهدف منها أولا الحفاظ على هذا الموروث الفني الثقافي المحلي والتعريف به في إعطائه المكانة المميزة التي يستحقها باعتباره فنا حضاريا وتاريخيا عرف منذ القدم وزاولته مجموعة من الفنانات على المستوى المحلي وكان هو الفن الوحيد الذي تجده في الأعراس والحفلات والمناسبات في الوسط النسائي بالمدينة، مما جعلني أفكر سويا مع مجموعتي في إستمراريته وإستحضار جوانبه الجمالية عبر تقديم عروض ذات الأصول التقليدية الرفيعة تتجلى في المحافظة على الجوهر وتقديمه في وصلات إبداعية تتناسب مع العصر .
سؤال : ما هي مرجعيات والآلات المستعملة في هذا اللون الفني الصوفي ومستعملاته الشعرية أيضا ؟
هذا الفن هو موجود منذ أمد بعيد وقد عرف بفضل مجموعة من الرائدات لهم حضور ، حيث كانت نساء الحضرة بمدينة شفشاون  من مريدات الزوايا قديما وكن يحفظن الأشعار الصوفية والأذكار ويرددنها في عديد من المناسبات، وكن يستعملن الأشعار المتداولة في محيط الذاكرين ومادحين من أزجال وبراول وأشعار كبار شعراء الصوفية ومن التراث المحلي كما كن يستعملن الآلات الإيقاعية التقليدية كسائر الألوان التراثية المغربية الأخرى مثل الطبل ،والتعاريج، والطر، والدربوكة، والدفوف ،ولايستعملن أي الالات الموسيقية.
وهذا هو السر في الإحتفاظ بالخاصية التقليدية لفن الحضرة عبر عصور متعددة .حيث تضفي هذه الآلآت على الإنشاد مسحة روحية تشد المستمعين الذين يتلذذون بأعذب الألحان والمقامات المتنوعة أما بنسبة الأشعار فلكم بعض النماذج:
صلو على رسول الهادي بحر الكمال
محمد المفضل زين البشري
أرحمنا يا إلاه وانفعنا ببركاتو
حتي نشهد في مقامو زورة .
و كما هو معروف أن هذه القصائد معروفة و متداولة في محيط المادحين والذاكرين .

سؤال: هناك تمازج وتناغم عجيب بين فن الحضرة الشفشاونية والموسيقي الأندلسية أين يتجلى ذلك ؟

فعلا هناك تقارب كبير ويتجلى بتحديد في الطبوع التي نستعملها في فن الحضرة فهي مستقاة من الطبوع الأندلسية وعلى سبيل المثال طبع عريبة الحسين والحجاز والرصد ونستعمل طبع أخرى كذلك ولكن على مستوى الإيقاع فهو فريد من نوعه ولايوجد ولا يستعمل على مستوى الفنون الشعبية والتراثية الأخرى .

سؤال : هل هذا التراث الفني له خصوصيته من ناحية الأداء والزي الذي تلبسه نساء الحضرة الشفشاونية ؟

الخصوصية كما توجد على مستوى الإيقاع باعتباره من النوادر الذي  لا يوجد مثيلا له، و كذلك إنفراد آخر على مستوى الأداء الجماعي، فالمجموعة تؤدي الوصلة الفنية فتكون منقسمة إلى وقفات يقمن بحركات على شكل اهتزازات مصحوبة بذكر الله وتسمى بكسر الحضرة بينما الجالسات فينشدن الأشعار بألحان شجي مما يضفي في كليته أداءا متناسقا ومنسجما وجميلا ، أما زي الحضرة النسائية فيتألف من القفطان التقليدي والذي له تاريخ طويل كقفطان المشموم وقيس وليلى ،أو الحاج عمر بالإظافة الى رتداء الحراز الخاص ، والطاكون كغطاء للرأس، والسبنية البحر ،والشربيل ،ومضمة الحرير.

سؤال: ماذا يمكنك أن تقولي للجمهور الذواق لهذا التراث المغربي العريق؟

أنا أقدر كثيرا الفن المغربي التراثي بكل مكوناته وأتمنى أن نساهم جميعا في المحافظة عليه ونسهر كل من موقعه على المضي قدما في إزدهاره و إستمراريته لأن تراثنا عظيم ومتنوع ومتعدد الروافد ولأنه كذلك يحمل هويتنا وتاريخنا وحضارتنا المجيدة ومن هذا المنبر كما أوجه الشكر من هذا المنبر لكل من يشجعنا ويهتم بموروثنا الفني المتميز.

الوسوم

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق