مقالات الرأي
ضرورة تصحيح الدولة لأخطائها المرتكبة في حق حراك الريف
(في إطار التفاعل مع أهم القضايا والأحداث التي تعرفها بلادنا كان المقال الأول للأستاذ حميد النهري رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق بطنجة حول ( ضعف تجاوب الفاعلين السياسيين مع رسائل وتوجيهات الخطب الملكية ) ثم حوار تحليلي بعنوان ( على الدولة أن تتخلص من رداءة المشهد السياسي ) واليوم يأتي هذا المقال في إطار التفاعل مع ملف حراك الريف للمساهمة في تحليل الأزمة ).
يكاد يجمع اغلب المتتبعين لأحداث حراك الريف اليوم على أن تعامل الدولة مع هذا الحراك هو الذي أوصل الوضعية إلى ما هي عليه وذلك من خلال أشكال التجاوب مع مطالب الحراك حيث أن الدولة راكمت مجموعة من الأخطاء في طريقة تدبير هذا الملف وحاليا أصبح مطلوبا شجاعة الدولة وتوفرها على إرادة سياسية قوية لمعالجة الأزمة وذلك بتبني مقاربة جديدة وجدية من خلالها تستطيع تصحيح هذه الأخطاء حماية لمصلحة الوطن ولفائدة جميع المغاربة وذلك قبل فوات الأوان.
وقد برزت العديد من المبادرات من طرف شخصيات مشهود لها بالمصداقية والوطنية صحيح غيبها زمن رداءة المشهد السياسي المغربي الذي نعيشه في السنوات الأخيرة لكن صوتها لازال مسموعا ومقبولا من طرف كل مغربي غيور على هذا الوطن الذي نريد فيه العيش الكريم وعدالة اجتماعية لجميع المغاربة ولجميع المناطق .
وسنعمل من خلال هذا التحليل على استعراض أهم الأخطاء التي ارتكبتها الدولة في حق حراك الريف العظيم والتي لا نسعى من خلالها إلى المحاسبة والمزايدات السياسية ولكن نسعى إلى إظهار أن الخيار الأفضل اليوم يكمن في ضرورة تحلي الدولة بالشجاعة والعقلنة وبعد النظر من اجل تصحيح هذه الأخطاء لتشكل أرضية قبل أي مبادرة لحل الأزمة .
أولا : التأخر في التجاوب مع مطالب الحراك وعدم التعامل مع هذا الحراك كأزمة يمكن أن تتطور إلى ما لا يحمد عقباها
إن الحادث الأليم الذي راح ضحيته المواطن البسيط محسن فكري لا يعتبر حدثا عاديا فالمسالة تتعلق بطحن شخص في آلة مخصصة للازبال وكثرت التفسيرات حول هذا الحادث ما بين أن هناك من اصدر الأمر باسم جهة ما أي أن هناك حالة العمد وفي هذا الإطار برز أول متهم هم المسؤولين عن القطاع وأي قطاع هو الصيد البحري الذي يعتبر من بين القطاعات الأكثر أهمية على صعيد اقتصاد المنطقة والقطاع الأكثر تكريسا لظاهرة الريع والفساد الذي ينخر النشاط الاقتصادي في المنطقة.
كذلك وقوع الحادث الأليم في منطقة الريف المنطقة التي تعتبر مثالا للمناطق الهامشية واللاتوازن المجالي في المغرب فعلى صعيد السياسات العمومية نجد أن الحكومات المتعاقبة كرست سياسة عمومية غير عادلة تجاه المنطقة امتدت ل 60 سنة بل حتى مبادرة المصالحة مع منطقة الريف في بداية سنوات الألفية الثالثة والتي تميزت بالعديد من المشاريع في المنطقة سرعان ما تدخل فيها مجموعة من اللوبيات المستفيدة من اقتصاد الريع وتم تحويلها إما إلى مشاريع ريعية أو إلى مجرد أطلال (منارة المتوسط نموذجا).
كما أن وقوع الحادث في توقيت زمني جد حساس تمثل في مرحلة ما بعد انتخابات 07 اكتوبر 2017وما تميزت به في المنطقة من ظواهر سلبية أدت إلى تبادل الاتهامات مابين الأحزاب السياسية المتنافسة بل شكلت موضوع احتجاجات على موقف السلطة الذي في نظر البعض لم يكن حياديا وتم تنظيم وقفة من طرف 7 أحزاب سياسية شاركت في الانتخابات وذلك يوم 09 أكتوبر 2016 أمام مقر عمالة الحسيمة احتجاجا على التزوير الذي وقع في الانتخابات كما تم إصدار بيانات تنديدية وطعون من طرف العديد من المرشحين
إذن كل هذه المؤشرات جعلت من هذا التأخير في التجاوب فرصة لتأجيج الوضع ودفعه إلى إعادة طرح أسئلة قديمة جديدة بل غدت وكرست أجوبة مسبقة على هذه الأسئلة
من قبيل كيف تتعامل الدولة مع الأزمات في هده المنطقة ؟ الجواب المسبق والأكثر انتشارا اعتبار الريف على مر التاريخ منطقة في الغالب تسعى إلى الوقوف ضد المصلحة العليا للوطن وتسعى إلى الانفصال.
ما مدى استفادة المنطقة على صعيد السياسات العمومية ؟ الجواب المسبق أيضا هو اعتبار منطقة الريف غير ذات أولوية في البرامج الحكومية الشيء الذي يكرس هامشية المنطقة وتنامي الظواهر الاجتماعية السلبية والتي تؤكدها المؤشرات الرسمية وأرقام البرامج الحكومية المختلفة
ثانيا :التجاوب السلبي لأحزاب الأغلبية الحكومية الذي أجج الوضع وصب الزيت على النار
بدأ التجاوب الحكومي بناء على مبادرات خاطئة لا تعتمد منطق الحوار وإنما منطق التشدد وتأجيج الصراع وذلك باستعمال وسائل قديمة لا تتناسب مع الظرفية الحالية . وهكذا كانت أولى الخطوات الخاطئة هي البلاغ المشؤوم الصادر عن ما تم اعتباره أحزاب الأغلبية هذا البلاغ الذي أجج الوضع وتميز بأسلوبه الاتهامي والاستفزازي ويظهر ذلك من خلال :
1 عندما نقول بلاغ صادر عن الأغلبية فان هذا المفهوم يحتاج إلى توضيح وإعادة النظر في مشهدنا السياسي اليوم وخصوصا في منطقة الريف فهناك غياب تام لوظائف الأحزاب السياسية بالمنطقة والدليل واضح هو إجماع اغلب ناشطي الحراك على وصف جميع الأحزاب السياسية بالدكاكين السياسية ونحن نعرف جيدا مدلول هذا الوصف أي دكاكين تفتح في مرحلة معينة هي الانتخابات تبحث من خلالها على الربح أكثر (الغنيمة ) بشتى الوسائل وتغلق بعد ذلك وهذا في الحقيقة هو الوضع القائم بل أكثر من ذلك هناك العديد من الأطر الحزبية بالمنطقة التي أعلنت قطع آو تجميد علاقتها مع أحزابها والانخراط في الحراك كأسلوب قادر على تحقيق الأهداف المصيرية للمنطقة .
2 اتهام البلاغ المشؤوم للحراك ولنشطاء الحراك بالتخوين والانفصالية وبتهديد امن ووحدة الدولة وكل التهم التي تنهال من القاموس السياسي لسنوات الرصاص بل حتى الإطار الذي جاء فيه هذا البلاغ كان خاطئا وذلك من خلال اجتماع تحت رئاسة وزير الداخلية الذي لا ينتمي لآي حزب سياسي والذي لا يعترف بأي برنامج حزبي ويعتبر نفسه من خدام الدولة أي سلطته تتجاوز سلطة الآخرين وكل هذا بحضور السيد رئيس الحكومة .(المنتخب) بل أكثر من ذلك فان تصريحات زعماء الأحزاب السياسية كان قاسمها المشترك هو استعمالها نفس الخطاب مليئ بالمصطلحات والمفاهيم التي لم تكن مختارة بطريقة مسؤولة وفي مستوى الظرفية السياسية بل كانت مستفزة وهجومية ومن خلال تحليلها يظهر انها مملية من طرف من يتحكم حقيقة في تدبير ملف حراك الريف لذلك فان هذه التصريحات زادت في تازيم الوضع بالمنطقة .
ثالثا: التجاوب الحكومي من خلال زيارة الوفد الوزاري للمنطقة
عقب البلاغ المشؤوم جاء تجاوب الحكومة والذي أراد التعامل ايجابيا مع الحراك وذلك من خلال إيفاد وفد وزاري روج له انه رفيع المستوى ويهم كل الميادين .ومرة أخرى تحت مسؤولية وزير الداخلية وليس رئيس الحكومة وهنا ظهر بجلاء أن المسؤول الأول على تدبير ملف حراك الريف هو وزير الداخلية والذي اعتبر من طرف ناشطي الحراك شخصية غير ذات مصداقية ومرفوضة بالنسبة للحوار لان تقريره المنفرد والمتسرع هو الذي اتهم الحراك بالانفصالية وتهديد الوحدة الترابية بل أكثر من ذلك هو الذي دفع الأغلبية الحكومية إلى إصدار البلاغ المشؤوم وبتلك الطريقة مع كل ما يحمله ذلك من معنى.
كما أن الوفد الحكومي توجه إلى الحسيمة بدون برنامج محدد يجيب على مطالب الحراك بل فقط وعود يمكن أن تتحول كسابقاتها إلى مشاريع أطلال لن ترى النور بل أكثر من ذلك هناك مفارقة غريبة للأسف لم تلقى اهتماما من طرف المحللين وهي تزامن هذا التجاوب الحكومي مع مناقشة قانون المالية 2017 وفي العادة قانون المالية يعتبر ترجمة فعلية للبرنامج الحكومي ونحن أمام أغلبية حكومية تشكلت بعد طول انتظار دام قرابة 6 أشهر وأمام تصريح حكومي تم تحضيره بسرعة ومطلوبا منه الإجابة على العديد من التحديات من بينها مطالب الحراك و إظهار نوع من حسن النية فيما يتعلق بالتجاوب مع الوعود الانتخابية حتى لا أقول برامج .
لكن النتيجة كانت برنامجا حكوميا مليئا بالوعود والتخفي وراء الاكراهات وقانون مالية يكرس سياسة مالية غير عادلة تزيد العبء على الطبقات الفقيرة وتضرب الاستهلاك الداخلي للأسر وتقدم الامتيازات لفائدة الفئات القريبة من السلطة وعلى صعيد السياسات العمومية نجدها تكرس أكثر اللاتوازن المجالي عملا بمبدأ المغرب النافع والمغرب الغير النافع .
كما أن اختيارات الوفد الوزاري كانت عكسية على جميع الأصعدة بحيث عمل الوفد على استبعاد المعنيين بالأمر أي ناشطي وممثلي الحراك وعزلهم من الحوار والاكتفاء بالاجتماع مع بعض التمثيليات المدنية والسياسية والتي لا تملك في غالبيتها امتدادا شعبيا على صعيد الساكنة وهذا الأمر كان خطا فادحا زاد في تعميق الأزمة بل تم الترويج لهذه اللقاءات بطريقة تقليدية نهجت أسلوب المبالغة والتضخيم وفبركة الأحداث وذلك من خلال القنوات العمومية .
و أمام هذا الوضع اعتبرت زيارة الوفد الوزاري غير مجدية وفاشلة مسبقا وهي نفس العوامل التي أفشلت أو أخرت تنفيذ المشاريع السابقة في منطقة الحسيمة وقد كان من الضروري طرح أسئلة عريضة وصريحة حول هذه المشاريع (الشبح).
من استفاد من الصفقات المرتبطة بمختلف هذه المشاريع؟ ومن دفع الساكنة إلى التنازل عن عقارتها ؟ ومن هي اللوبيات التي أفسدت المبادرة ؟
هده هي الأسئلة الحقيقية التي شكلت مطلبا أساسيا للحراك وكان على الدولة أولا الإجابة عنها بوضوح لان الحراك يملك معطيات مهمة عن قضايا هذه الأسئلة التي تدور حول ظاهرة الفساد والمفسدين احد المطالب الأساسية للحراك و كانت هذه المسالة قادرة على إبراز حسن نية الدولة تجاه الحراك.
رابعا : المقاربة الأمنية التقليدية في تدبير الأزمة هي التي أدت إلى اللا امن ودفعت بالمنطقة إلى اللااستقرار
إن استحضار المقاربة الأمنية كخيار للتجاوب مع حراك الريف هده المقاربة عوض أن تحقق الأمن والاستقرار كرست وغذت مظاهر اللاامن في المنطقة وبذلك اعتبرت هذه المبادرة خطا فادحا ارتكبته الدولة في حق الحراك ويبرز ذلك من خلال عدة أوجه:
1 الإنزال الأمني الكبير في المنطقة :
تحت عدة تبريرات عملت الدولة على إغراق المنطقة بمختلف السلطات الأمنية ( امن وطني درك ملكي قوات مساعدة…….) وهذا الإنزال في حجمه وتشكيله اظهر كان المنطقة ستدخل حربا كبيرة بل انه اعتبر تذكيرا لساكنة المنطقة بأحداث 1958 وأحداث 1984 الفرق هو أن هذه الأحداث السابقة لم تستفيذ من التوثيق والتخزين بل تعتمد أكثر على الذاكرة وتبقى إمكانية التعتيم والتوجيه حاضرة.
أما حراك الريف الحالي فيستفيذ من وسائل الاتصال الحديثة فجميع الأحداث موثقة ومصورة ومخزنة وهي في متناول الجميع ويمكن الاطلاع عليها في جميع أنحاء العالم وبالتالي شكلت دافعا أساسيا لزيادة تاحيح الوضع وتوسيع مجاله.
2 الترويج للعديد من الإشاعات والاتهامات في حق الحراك
استعملت الدولة في هذا الإطار عدة أقلام صحافية وعدة مواقع الكترونية بل حتى تحليلات بعض المحللين وبعض الأكاديميين (وهنا اسطر على كلمة بعض) من اجل ترويج العديد من الإشاعات والتهم في حق ناشطي حراك الريف وذلك من اجل تبرير المقاربة الأمنية بكل سلبياتها وجعلها هي الخيار الأمثل لمواجهة الحراك .وطرح هذه المقاربة أيضا كحق الدولة تجاه ساكنة المنطقة.
وكان لهذا السلوك الخاطئ أثار سلبية على المواطنين بحيث قسم المجتمع المغربي وحرك عدة أحقاد وتمييز بين المناطق هذه السياسة التي ترجع إلى عهد الاستعمار والى سنوات الرصاص وبذلك ضربت هذه الممارسات عرض الحائط كل مبادئ التسامح والمصالحة التي تم تبنيها في السنوات الأخيرة .
3 استعمال عدة وسائل استفزازية لتبرير قمع الحراك
عملت الدولة أيضا على تنويع أساليبها الاستفزازية وذلك من خلال اتهام الحراك بالاعتداء على الملكية الخاصة للمواطنين ثم تهمة الاعتداء على المصالح العمومية أحداث امزورون واتهام ناشطي الحراك بإحراق سكن رجال الأمن وفبركة مجموعة من الصور والفيديوهات وعرضها بشكل تضخيمي في القنوات التلفزية العمومية .
وأخيرا النقطة التي أفاضت الكأس وهي المتعلقة باستعمال المسجد وشعائر صلاة الجمعة لمهاجمة الحراك واتهام نشطاءه بزرع الفتنة وتسجيل ردة الفعل ناشطي الحراك وهي العملية التي بررت بها الدولة اعتقال ابرز ناشطيه (ناصر الزفزافي)
تحت عدة تهم ( تهديد امن الدولة التمويل الخارجي التحريض على العصيان …….) شنت الدولة حملة كبيرة من الاعتقالات في حق نشطاء الحراك بل وتفننت في طريقة تنفيذ هذه الاعتقالات باستعمال احدث التجهيزات حتى أصبحنا أمام أفلام هوليودية يومية وتم ترويج صور واشرطة فيديو لهذه الاعتقالات مع فبركة لبعض الأحداث لتضخيم الوضع ومرة أخرى تم استعمال القنوات العمومية المختلفة وبعض المواقع المأجورة وتقديم تحليلات بعض المحللين الأكاديميين الذين تكلفوا بتضخيم الأحداث متسببين في إحداث الهلع في أوساط الساكنة حتى أصبحنا أمام حالة حظر التجول وحالة السراح المؤقت لكافة المواطنين هذا السراح الذي يمكن سحبه تحت أي تبرير وبالتالي اعتقال الساكنة عشوائيا وتلفيق التهم على المقاس .
4 حملة الاعتقالات في حق نشطاء الحراك بتهمة التمويل الخارجي
ظهر بوضوح خوف وهلع ساكنة منطقة الريف فيما يخص تهمة التمويل الخارجي حيث عملت السلطة على نشر لوائح وأسماء لأشخاص تهمتهم أنهم توصلوا بتمويلات من الخارج وأؤكد من الخارج أي من المغاربة المقيمين بأوربا وليس من الأجانب .
وفي الحقيقة الذي يعرف المنطقة قليلا يستنتج أن اغلب الساكنة تعيش على حساب تحويلات ذويهم في أوربا وقد أجمعت العديد من الدراسات العلمية التي قام بها مختصين شرفاء (وليس أولئك الذين يشتغلون تحت الطلب ويبررون تجاوزات السلطة) خلصت هذه الدراسات إلى أنه لولا هذه التمويلات المحولة من مغاربة العالم أبناء المنطقة لما كان وجودا لبعض المدن في الريف.
ونشير أيضا إلى وجود حتى التمويلات الأجنبية وهي عبارة عن تعويضات يتقاضاها مغاربة اشتغلوا بالدول الأوربية خصوصا هولندا والتحقوا للعيش بمنطقة الريف ويتعلق الأمر بالتعويضات على التقاعد والتعويضات التي تخص الأرامل والأطفال والتعويضات عن المرض…………كل هذه التعويضات تشكل دخلا مهما للعديد من الأسر في منطقة الريف تستطيع بها ضمان عيشا كريما والمساهمة في التنمية من خلال إنشائها لبعض المشاريع الخاصة . بل وتشكل أيضا دخلا للدولة من خلال الاقتطاع الضريبي .
5 محاكمة ناشطي الحراك بتهم ثقيلة تعود إلى سنوات الرصاص
بدأت أطوار محاكمة ناشطي الحراك بمتابعة من طرف العديد من وسائل الإعلام الدولية الصديقة والغير الصديقة كما تطوع العديد من المحامون للدفاع عن ناشطي الحراك وطرحت مقارنات ما بين بعض المحاكمات التي عرفها المغرب سابقا حول قضايا مشابهة وتبين أن هذه القضية حتما تعرف اكبر عدد من المتابعين واكبر استعمال لوسائل التواصل الحديث .
وقد سعت هنا السلطات إلى إضفاء الصبغة الجنائية على أنشطة زعماء الحراك مع التشدد في تكييف أفعال ناشطي الحراك مع القوانين الأكثر صرامة والأكثر عقوبة وهو ما يعرف بالتهم الخطيرة والثقيلة ومحاولة إبعاد الصبغة السياسية على المحاكمة حتى يتم تفادي بعض انتقادات المنظمات الحقوقية والدولية.كما جندت العديد من المواقع والأقلام وبعض المحللين الاكادميين من اجل الدفاع عن التكييف القانوني الذي روجته الدولة والقاضي باعتبار أفعال معتقلي الحراك أفعال إجرامية جنائية تدخل في إطار تهديد استقرار البلاد ونشر الفتنة .
وهكذا أصبحت العديد من أسماء ناشطي الحراك تتصدر التعليقات والتقارير الصحفية والتلفزية سواء الوطنية أو الأجنبية خصوصا الناشط البارز ناصر الزفزافي حتى أن هذه المحاكمات أحدثت انقساما في المجتمع على جميع الأصعدة بل أن هناك من يصدر أحكاما مسبقة ويروج لها عبر بعض وسائل الإعلام وعبر بعض الأقلام المأجورة وذلك قبل أحكام المحكمة. كذلك يجمع المتتبعين القانونيين والهيئات الحقوقية على أن هذه المحاكمات تتميز بخروقات قانونية كبيرة في حق المعتقلين والتي ترجع بالمغرب إلى ممارسات وسلوكات كان الجميع يظن أننا قطعنا معها.
إذن هذه ابرز مظاهر التجاوب السلبي للدولة مع حراك الريف والتي من خلالها راكمت أخطاء في حق هذا الحراك وفي حق ساكنة المنطقة لذلك المطلوب اليوم كما ذكرت سابقا هو تبني مقاربة جديدة تستجيب لمطالب جميع المغاربة .فالتحديات حاليا كبيرة وكبيرة جدا وانتظارات المواطنين في جميع أنحاء البلاد كثيرة وتقتضي تبني سياسة تقطع مع التجارب السابقة وتضع مصلحة جميع المواطنين فوق كل اعتبار.
وانطلاقا من هذا التشخيص نؤكد على ضرورة التعجيل بتيني وبكل شجاعة ومسؤولية لبعض المبادرات التي من شانها إصلاح الأخطاء المتراكمة كما يمكنها أن تشكل إلى جانب مبادرات أخرى تتمتع بالمصداقية أرضية مناسبة للمساهمة في حل الأزمة قبل فوات الأوان :
- إطلاق سراح جميع نشطاء الحراك وإسقاط المتابعات القانونية ضدهم وهو الإجراء القادر على إبراز حسن نية الدولة تجاه الحراك
- ماسسة حوار مباشر مع لجان متكونة من نشطاء الحراك ونهج سياسة عملية في التعامل مع مطالبه الاقتصادية الاجتماعية الحقوقية والثقافية .
- التفعيل الحقيقي للمبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة وبالتالي محاسبة من كان مسؤولا عن إجهاض المبادرات التنموية بالمنطقة .
- إيجاد صيغة لمصالحة حقيقية للدولة مع منطقة الريف وذلك بتبني مقاربة تنموية حقيقية تأخذ بعين الاعتبار خصوصية وهوية المنطقة وذلك على جميع الأصعدة.