مقالات الرأي
ماذا يقع داخل إتحاد طنجة ؟
ماذا يقع داخل اتحاد طنجة ؟
ماذا يقع لاتحاد طنجة فرع كرة القدم ؟ هذا السؤال الأكثر تداولا هذه الأيام في مدينة طنجة، تجده في مواقع التواصل الإجتماعي و في الشارع و المقاهي و حتى في مكان العمل، بين الصغار و الكبار الشباب و الشيوخ التلاميذ الطلبة و بين الجنسين على السواء ذكورا و اناثا، إلا في الإعلام المحلي للأسف، حيث لا يجد المتتبع للشأن الرياضي بطنجة و لأخبار الفريق الأول بالمدينة أي أثر لهذا السؤال، و هذا موضوع آخر غير الذي نبتغي الحديث عنه في هذا المقال، الذي يحاول فقط فهم ما يقع داخل القلعة الزرقاء.
مرحلة بنشيخة مرحلة انتقالية:
لا شك أن الناظر عن بعد لمسار فريق إتحاد طنجة لكرة القدم، منذ صعوده للقسم الوطني الأول و تولي الإطار الجزائري عبد الحق بنشيخة زمام الإدارة التقنية للنادي و إذا ما استثنينا المباريات الأربع الأخيرة، ففي نظري أن الفريق حقق إنجازات غير متوقعة مرحليا، رغم أن المدينة تستحقها منذ زمن.
ففي الموسم الأول بصم الفريق على مباريات كبيرة أطاح فيها بكبار الدوري الممتاز، و زاحمهم بقوة على مقدمة الترتيب منذ بداية الموسم، رغم حديث صعوده للقسم الأول، حيث أن المتعارف في السنوات السابقة أن الفريق الذي يصعد إلى القسم الأول ينزل في موسمه الذي صعد فيه أو يصارع بشق الأنفس للبقاء به، و رغم تركيبة اللاعبين الغير منسجمة و الكبيرة في معدل السن، حيث أن المكتب المسير إعتمد منذ البداية على سياسة إستقطاب اللاعبين “المنتهية صلاحيتهم” أو “الغير مرغوب بهم” في أنديتهم، إذ أن جميع اللاعبين المتعاقد معهم بدون استثناء كانت عقودهم منتهية مع فرقهم، إلا أن بنشيخة رغم كل هذه المعطيات المعلومة، استطاع بخبرته أن يجد التوليفة المثالية، و الوصفة السحرية، ل”كيف تستطيع المنافسة على البطولة الوطنية و أنت حديث الصعود”، و هذا أمر لن ينكره للإطار الجزائري إلا جاحد أو غير منصف.
و استمر الفريق بخطى ثابتة في سبورة الترتيب حيث تحصل على المركز الثالث في سبورة الترتيب نهاية الموسم، و الذي خوله المشاركة في كأس الإتحاد الإفريقي للمرة الأولى في تاريخه، وهو إنجاز أعتبره تاريخي بامتياز فمنذ سنة 1990، و إنجاز الإطار الجزائري الآخر “رابح سعدان” الذي خسر لقب البطولة الوطنية فقط ب”فارق الأهداف” عن فريق الوداد البيضاوي، منذ ذلك الإنجاز لم نعتد على الفريق ينافس على لقب البطولة، و هو إنجاز كذلك في نظري لم يكن ليحلم به حالم في بداية السنة حيث أن الفريق سنوات قليقة قبلها كان يعاني من أجل تفادي السقوط إلى دوري الظلمات، فجميع المنتسبين للفريق، جمهورا و ادارة كان همهم الوحيد بداية السنة هو الإستقرار بالقسم الوطني الأول، في سنته الأولى على الأقل.
و في كأس العرش أيضا قدم الفريق مردودا طيبا، حيث أقصي في الدور الربع النهائي على يد بطل المسابقة فريق أولمبيك خريبكة، هذه الإنجازات المعنوية لا يجب أن تنسينا الإنجازات و المكاسب المادية التي حققها الفريق، حيث إنتعشت خزينة الفريق من مداخيل مهمة من عائدات المباريات، حيث أن الجماهير كانت تحج بالآلاف إلى ملعب “الرعب” سابقا، ملعب ابن بطوطة حاليا، بالإضافة إلى الإتفاقية التي وقعها الفريق نهاية الموسم مع الجامعة الأمريكية بطنجة.
كل هذه المعطيات فتحت شهية الجمهور الطنجي المتعطش للإنجازات و التي يستحقها منذ زمن، فكبرت معها الآمال و التطلعات، و كثرت الوعود مقابل الطموحات، فدخل معها النادي في موسمه الثاني و كله أمل، من جمهور إلى إدارة و مدرب، بالفوز بأحد الألقاب الثلاث التي ينافس عليها، بدأ الفريق بداية جيدة على غرار موسمه السابق، و تواجد في مقدمة ترتيب البطولة منذ البداية، أما في كأس العرش فقد بصم على مسار جيد جدا، توقف معه حلم الذهاب إلى ملعب “الشيخ الغضف” بالعيون، في نصف النهائي أمام البطل المغرب الفاسي، حيث أقصي الفريق فقط بأفضلية هدف الخصم داخل ملعبنا، كان المصاب أليما في تلك اللحظة، طبعت بعدها خطابات التشاؤم و التشكيك و الغضب من اللاعبين و المدرب، و التي لم يكن لها سبب في نظري، فهذه حال كرة القدم لا يوجد فريق لا ينهزم، و حسابيا ايضا أعتبر أن ما تحقق في كأس العرش انجازا، فالفريق خرج السنة السابقة من ربع النهائي حيث تقدم درجة هذه السنة و اقصي من نصف النهائي، مع معاكسة كبيرة للحظ حيث أن الفريق أدى مبارتين جيدتين سواء في الملعب الكبير في فاس أو داخل ملعب “الرعب” في آخر نسخة له.
إستجمع بعدها بنشيخة سريعا روح الفريق رغم الخطابات السلبية على جدران الفيسبوك، و رغم مقاطعة الجماهير للملعب لأسباب لا يسع ذكرها هنا، فالفريق استمر يشق طريق النجاحات بخطى واثقة، حيث كان الفريق على قاب قوس وحيد من الوصول إلى مرحلة المجموعات الإفريقية من أول مشاركة له، و تمت إقالة بنشيخة في وقت كان الفريق يحتل فيه المركز الخامس في سبورة ترتيب البطولة، ويملك في رصيده 3 مباريات مؤجلة، كان من شأن الانتصار فيها تقريب النادي من احتلال المركز الثاني بالدوري و استمرار المنافسة على اللقب، لكن إنهاء مرحلة بنشيخة كانت أسبق من تحقيق هذا المكسب.
محاولة لفهم ما وقع و ما يقع:
بدأت المشاكل تظهر بوضوح مباشرة بعد التعادل الذي حققه الفريق في بطولة كأس الكونفدرالية الإفريقية بملعب ابن بطوطة أمام ضيفه حرية كوناكري بهدفين لمثلهما و بالتالي اقصاء الفريق من المنافسة الافريقية بالنظر الى نتيجة الذهاب التي انتهت لصالح الفريق الغيني بهدفين لصفر، حيث تلى هذا الإقصاء، التخلي ان صح التعبير عن خدمات المدرب الجزائري عبد الحق بنشيخة، الذي قاد الفريق لموسمين بعد صعوده الى القسم الممتاز.
بعد الانفصال مع بنشيخة كلف مسؤولو النادي، ابن المدينة محمد سابق “السيمو” لادارة المباريات المتبقية، تلقى الأزرق بعدها أربع هزائم متتالية بعد فوز وحيد أمام أولمبيك آسفي بهدف يتيم، في ملعب يتيم أيضا اختفى عنه معيله (جمهوره) في مشهد مؤلم، الا أن هذه الهزائم في نظري ليست المشكل الأساس، بل هي فقط انعكاس للمشكل الحقيقي الذي يعرفه الفريق من الداخل، أهمها ما يروج بقوة في موقع فيسبوك من تسيب اللاعبين، و معها عجز المسيرين عن احتواء هذا التسيب و الانقسام في غرفة الملابس الذي يتضح بالملموس وسط أرضية الملعب، بل هناك أخبار تقول أن هناك يد داخل المكتب المسير للفريق تساهم في هذا التسيب، و هدفهم من وراء ذلك السمسرة في الأسماء التي تريد المغادرة.
كما تروج أيضا في بعض وسائل الإعلام الورقية و الإلكترونية، إتهامات لمسيري الفريق ببيع المباريات، أبرز هذه الإتهامات ما كتبه “رشيد البوصيري” مستشار رئيس الرجاء السابق محمد بودريقة، و نقلته عنه العديد من المنابر الاعلامية الوطنية و المحلية، حيث قال في تدوينة له على موقع التواصل الإجتماعي “فايسبوك” : أن نتيجة مباراة إتحاد طنجة مع الوداد البيضاوي فيها أكثر من علامة إستفهام، حيث أن نتيجة المقابلة حسب البوصيري كانت محسومة منذ بداية الأسبوع، و دعا في التدوينة نفسها رئيس الجامعة “فوزي لقجع” الى فتح تحقيق شامل في ما يخص ملابسات هذا اللقاء و الضرب بيد من حديد لكل من سولت له نفسه المس بنزاهة البطولة الاحترافية.
الذين يتهمون المسيرين ب”البيع و الشرا” دليلهم على ذلك أن الفريق ضمن بقاءه في القسم الأول منذ زمن، بالاضافة إلى خسارة كل آماله في المنافسة على المراكز الثلاث الأولى و هو ما يجعل المباريات المتبقية مجرد تحصيل حاصل للفريق، و هو سبب وجيه و واضح لهذه النتائج الغريبة و معها أداء اللاعبين على أرضية الملعب.
بالإضافة إلى نقطة مهمة جدا و هي في حالة عدم حصول الفريق على المراكز الثلاثة الأولى و هو أمر غير وارد الآن فالمراكز الثلاث الاولى حسمت، هذا الامر سيطرح سؤال استمرارية المستشهرين من عدمه، خاصة أن بعض البنود الموقعة مع المستشهرين كانت تحمل شرط إحتلال الفريق للمراكز الثلاث الأولى، فالمعلوم أن المستشهر بالأساس يكون هدفه من دعم الفريق هو المردود المادي من خلال التسويق الذي يحققه فريق ما من نجاحاته و ليس هدفا إحسانيا يدعم فيه الفريق دون مقابل، و عدم احتلال الفريق للمراكز الثلاث الأولى و معه هذه المشاكل الظاهرة على السطح، قد يجعل بعض المستشهرين يعيدون النظر في إستثماراتهم في الفريق.
المعركة الحقيقية معركة اعداد “مدرسة ولود” و تكوين “الاطار المحلي”
بعد هزيمة الفريق في كوناكري الغينية، تعالت أصوات كثيرة من الغيورين على الفريق مطالبة برأس بنشيخة، و حجتهم في ذلك عدم ايفاءه بالوعود التي قدمها للجماهير و الالتزامات التي التزمها مع الفريق، رغم ما وفره له المكتب من جميع أسباب النجاح، و هذا طلب مشروع رغم إختلافي معه طولا وعرضا، ففي نظري أن مرحلة بنشيخة في طنجة غلبت فيها نقط الإيجاب الكثيرة نقط السلب فهي مرحلة إنتقالية، لا زال فيها جسم الفريق يكتسب مناعة المنافسة و أجواء التنافس و مصارعة الكبار، و قناعتي كما هي قناعة الكثيرين، أن إتحاد طنجة مكانته الوحيدة هي مقارعة الكبار إن لم نقل مقارعة “الكبار” له و مجارات نجاحاته، بالنظر للمادة الخام في العنصر البشري التي تكسبها المدينة، بالاضافة الى المكانة الاقتصادية و الجغرافية و التاريخية كذلك لمدينة البوغاز، صحيح أتفق أن مدينة طنجة تستحق أفضل مما قدمه بنشيخة، لكن في نظري مرحليا بنشيخة كان رجل المرحلة و الرجل المناسب في المكان المناسب، و لا أعتقد أنه كان بالإمكان أحسن مما كان في هذه المرحلة.
حسب وجهة نظري المتواضعة فالمعركة التي كانت موجهة صوب ابتعاد بنشيخة عن الفريق كانت وجهتها خاطئة و معركة خاسرة و دليلي على ذلك المآلات اللحظية التي يشهدها الفريق أياما فقط بعد فسخ عقده، المعركة الحقيقية كانت يجب أن تتجه في إتجاه الضغط من أجل خلق مدرسة ولود حقيقية، تكون فيها رحما تنتج الأبطال و النجوم و المادة الخام موجودة كما يعلم الجميع، و المعركة أيضا كانت يجب أن تتجه منحى تكوين الإطار المحلي و تخريج نخب حقيقية متمرسة، تساهم في صناعة النجوم للفريق، و لما لا إدارة تقنية كلها من أبناء المدينة تصنع الأفراح و تحصد الألقاب.
و حديثنا هنا عن العنصر المحلي ليس إنتقاصا من الوافدين على الفريق من خارج المدينة، بالعكس تماما فهناك من أبان عن انتمائه لقميص الفريق، من لاعبين أو مدربين أفضل بكثير من ما قدمه بعض “طنجاوة” للون الأزرق.
محبين و ليس مشوشين:
ختاما أقول أن هذه مساهمة بسيطة في حق حبنا لهذا الفريق، فدافعنا لكتابة هذه الأسطر هو غيرتنا على الفريق، و تطلعنا لرؤيته يعتلي المكانة التي يستحقها، فليس كل من يقول كلمة مخالفة يكون غرضه التشويش و التضبيب، فليس هناك ضبابية أكثر من الحالة التي يمر منها هذه الأيام، الأحرى أن توجه الجهود لحل المشاكل التي يغوص فيها الفريق، و إعداد برنامج عمل حقيقي و واضح للسنوات القادمة، يعرض على الصحافة و الرأي العام و كذا الجماهير مباشرة، في ندوة صحفية أو على الأقل ببلاغ موقع من طرف أحد مسؤولي النادي، عوض الإلتفات الى ضوضاء الفايسبوك و الرد عليها ببلاغات غير موقعة، تشوش على المتتبع في معرفة مصدرها و السلام.