مقالات الرأي
الجواهري يكتب.. نحو خطاب يتجاوز أزمة الحركة الطلابية

لعل المهتم بالشأن الطلابي لا يخفى عليه النقاش الدائر بخصوص تجاوز أزمة الحركة الطلابية، حيث تسعى المكونات الطلابية الجادة إلى خلق محاولة لتجاوز حالة التشرذم والفوضى التي تشهدها الساحة الجامعية، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل خطاب المكونات الطلابية يعبر حقيقة على رغبتها في تجاوز الأزمة، وبناء كتلة ديمقراطية أو على الأقل وحدة طلابية مسئولة، قادرة على خلق خطاب جديد وواع يقطع مع الماضي بعيدا عن لغة الإدانة أو عبر تراشق الاتهامات، ويعالج الإشكالات المنتجة للأزمة…
النقابي والسياسي
من المؤكد أنه لا يمكن أن نبني نقابة طلابية راشدة دون أن نرسم الحدود بين ما هو نقابي وما هو سياسي، وبتعبير أدق ما هو حزبي، والمتأمل في تاريخ اوطم سيقف على أن النقابة الطلابية تم العمل على توظيفها لخدمة أهداف سياسوية ضيقة، ولا أدل على ذلك من بيانات المؤتمرات الوطنية لأوطم، بحيث كان هذا الأخير بوقا وقناة للأحزاب الوطنية تارة وتارة أخرى للقوى الجذرية التي سعت لإقامة ديكتاتورية البروليتارية، أو كذلك تلك التي تبشر بالقومة الإسلامية والتي أعادت نفس أخطاء الماضي واستغلت حالة الفراغ التنظيمي.
صحيح أن هذا الإشكال نابع من لحظة الولادة التي لم تكن نتاج دوافع تخص تنظيم الفعل النقابي بل كانت لغايات سياسية، خاصة أن “أوطم” تأسس سنة 1956 بينما أول جامعة مغربية عصرية أنشأت سنة 1957، ولكن هذا لا يمنع من إعادة تمثل النقابة الطلابية مرة أخرى وذلك عبر حصر مهمتها المركزية في الدفاع عن مصالح الطلبة المادية والمعنوية والنضال من أجل جامعة العلم والمعرفة، بعيدا عن التصورات الأخرى التي تحمل النقابة كتنظيم فئوي أكثر مما تحتمل.
ضرورة الخروج من مقولة “الممثل الوحيد”
من أبرز تمظهرات أزمة الحركة الطلابية في الساحة الجامعية غياب التعددية النقابية وعدم القبول بالتعددية السياسية، فالاختلاف الاديولوجي والفكري كان يصرف في كثير من الأحيان بالصراع والعنف وعدم الاحتكام للآليات الديمقراطية، وتجدر الإشارة هنا أن نقابة الإتحاد العام لطلبة المغرب والتي أسسها طلبة حزب الاستقلال لم يكتب لها أن تلج الساحة الجامعية بفعل هذه الأسباب المذكورة. والقول بالتعددية النقابية لا يعني بالضرورة التنصل من تاريخ أوطم ولا يعني أيضا عدم الانخراط في أية دعوة جادة لهيكلة هذا الأخير، بل الإيمان بالتعددية يجب أن يشاع حتى داخل التنظيم الواحد، لذلك المطلوب إشاعة هذا النفس الديمقراطي داخل الجامعة من أجل تجاوز حالة التشرذم والانقسام داخل الساحة.
إعادة الاعتبار للنقاش الفكري والسياسي من داخل الجامعة
اليوم داخل أوساط الجامعة، يروج لفكرة قد تقضي على حيوية الجامعة ومركزيتها، سواء بسوء النية أو حسنها وهي أن أدوار الجامعة يجب أن تتركز في العلم وتخريج الأطر وأن تواكب تطورات سوق الشغل والحياة الاقتصادية فقط، وفي أبعد تقدير النقاش النقابي المتعلق بالملفات المطلبية ومن تم يتم تغييب أدوار أخرى والتي لا تقل حيوية على هذه الأدوار من قبيل أن تكون الجامعة فضاء لإنتاج الأفكار وإنضاج الوعي، ولما لا إنتاج أطروحات سياسية بديلة على الأطروحة الرسمية، فلولا الجامعة لما نضجت الأطروحات السياسية المعارضة اليسارية منها أو الإسلامية، ثم كذلك أن تعود الجامعة موجهة مرة أخرى في الاختيارات القيمية والسلوكية بعيدا عن سلطة المجتمع.
لكي تعود الجامعة إلى أدوارها المركزية في الدفاع عن جامعة العلم والمعرفة، لابد لنا من فهم التحولات والمتغيرات التي عرفها المجتمع ولابد لنا من تأسيس خطاب جديد يتناسق مع هذه المرحلة ومع شروطها بعيدا عن تلك المقولات التقليدية التي ارتبطت بسياق خاص بها.
محسن الجوهري